* معاينة الأبنية الصناعية فى 24 شركة عامة لاختيار ماكينات حديثة للتشغيل * إستراتيجية للتدريب التحويلى للعمالة الإدارية وخريجى المدارس الفنية لسد النقص * إدارة الأصول غير المستغلة وتسييلها للإنفاق على شراء الخامات ومستلزمات الإنتاج
استراتيجية متكاملة تنفذها الحكومة خلال العام الحالى تتضمن تطوير قطاع الغزل والنسيج، سواء على مستوى شركات قطاع الأعمال العام أو الاستثمارية، فالشركات العامة لها خطة قصيرة الأجل مدتها 3 سنوات تبدأ مع بداية العام الحالى وتبلغ تكلفتها 24 مليار جنيه تمول من حصيلة بيع الأصول غير المستغلة للشركات المراد تطويرها، حيث تم بالفعل التطوير، وتضمنت الخطة دمج 24 شركة فى 10 شركات فقط، لتكوين كيانات قوية قادرة على الانتاج الوفير والمنافسة فى الأسواق الخارجية ودمج محالج القطن ال 24 فى 14 محلجا فقط. أما على مستوى الشركات الاستثمارية فهناك خطة تشارك فيها أكثر من 20 وزارة لتطويرها تتضمن إنشاء مراكز تدريب للعمالة، والتصدى بحسم لمحاولات التهريب وفتح أسواق خارجية وتفعيل رسم المساندة التصديرية. وقد بدأ تنفيذ خطة تطوير قطاع الأعمال العام فى مجال صناعة الغزل والنسيج، وتقوم فرق من المهندسين المتخصصين حاليا بمعاينة أبنية شركات القطاع تمهيدا لإجراء الترميمات وبناء عنابر حديثة للماكينات الجديدة التى سيتم استيرادها - من خلال مناقصات توريد عالمية - تشارك فيها كبريات الشركات العالمية المتخصصة للنهوض بهذه الصناعة التى تعد من أقدم الصناعات التى عرفتها مصر بل تفوقت فيها على مر التاريخ حتى وصل حجم الصادرات إلى 27 مليار دولار عام 2010 ثم تعرضت لبعض التحديات على رأسها هجرة العمالة المدربة وتراجع الإنتاج بسبب تهالك الماكينات وارتفاع أسعار الغزول وانخفاض السيولة لدى المصانع مما يعوقها عن شراء الخامات ومستلزمات الإنتاج. تفاصيل هذه الخطة والتحديات التى تواجه مصانع قطاع الأعمال العام والخاص بين سطور هذا التحقيق.
بداية يقول مجدى طلبة نائب رئيس المجلس الأعلى لتحديث صناعة الغزل والنسيج إنه تم وضع استراتيجية لتحديث المصانع، وان هذه الإستراتيجية مرتبطة بعدة أدوار لكل وزارة من الوزارات العشرين المشاركة فى التحديث لجميع مراحل الإنتاج بدءاً بزراعة القطن حتى خروج الإنتاج تام الصنع سواء للأسواق المحلية أو للتصدير، بل إن عملية التحديث ستشمل إدارة الشركات ودراسة احتياجات التسويق ومراعاة اساليب الجودة العالمية. ويؤكد محمد مرشدى رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات ونائب رئيس اتحاد المستثمرين ان هناك خطة لدى وزارة الصناعة لتطوير شركات القطاع الخاص ونأمل تسريع هذه الخطة لنلحق بقطار التحديث الذى وصل شركات قطاع الاعمال العام مع بداية العام الحالى (2019)، وانه تقدم بعدد من المذكرات الى وزارتى الصناعة والمالية بحجم مشاكل هذه الصناعة. ويقول إنه تقدم بمذكرة عاجلة الى وزير المالية محذرا من خطورة آثار التهريب على هذا القطاع وطلب منه اتخاذ إجراءات عاجلة تجاه الذين يتعمدون تخريب قلاع صناعية عتيقة فى المحلة الكبرى وشبرا الخيمة وحلوان، ونأمل فى خطوات تنفيذية تنقذ ما يقرب من 3 ملايين عامل يعملون فى هذه المصانع وتهددهم مصانع المناطق الحرة التى تعمل بنظام (السماح المؤقت) . رسم وارد وفى لقاء مع عدد من رؤساء شركات قطاع الاعمال العام تحدثوا عن مشكلات شركاتهم وسبل الخروج من هذه الأزمة، حيث يشكو المهندس شوقى الصياد رئيس شركة غزل شبين الكوم إحدى شركات القابضة للقطن والغزل والنسيج، من فتح باب استيراد الغزول على مصراعيه مما أضر بالغزول المحلية، لأن الدول التى تصدر هذه الغزول تقوم بدعم مصدريها فيصبح سعر السلعة المستوردة أرخص من المنتج المحلي، مما جعل الصناع يهجرون استخدام الغزول المحلية لذا لابد من فرض رسم وارد على هذه الغزول بحيث يجعل للغزول المصرية ميزة سعرية تجذب اصحاب المصانع لشرائها ولتكن نسبها 5% اضافة الى تهريب الغزول من المصانع فى المناطق الحرة الى السوق المحلية وهذه الغزول تم استيرادها بدون رسوم جمركية بنظام الدروباك »رد الضرائب والرسوم الجمركية ورسوم الخدمات« على أمل استخدامها كخامات فى المنسوجات المصرية وهى الملابس الجاهزة وتصديرها كمنتج تام الصنع، وهذا لا يحدث، اضافة الى ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز وشراء الأقطان من الدولة بأسعار مرتفعة لأن الحكومة تفرض على الشركات هذا السعر، وفوق كل هذه المشكلات قضية تكدس العمالة الإدارية واختفاء العمالة الفنية المدربة حتى إن نسبة العمالة الإدارية بلغت 60% لدى الشركة بينما العمالة الفنية 40% ومطلوب العكس، كل هذه المشكلات جعلت تكلفة المنتج الذى يصنعونه مرتفعة وتفقده المنافسة فى الأسواق المحلية والخارجية .ويطرح شوقى الصياد عددا من الحلول، على رأسها إجراء تدريب تحويلى للعمالة الإدارية وتشجيع المعاش المبكر لهذه العمالة وتحديث تدريجى للمعدات وحل جذرى للتهريب، عندئذ تستعيد شركات قطاع الأعمال عافيتها وتعود الى سابق عصرها للتصدير الى الدول العربية حيث كانت تتصدر شركته عمليات التصدير عندما كانت تصدر 70% من إنتاجها الى الخارج. عنابر الإنتاج ويرى أن تحديث الماكينات ليس بالمشكلة التى يصورها البعض بل على العكس فإن المعدات القديمة بطيئة فى الانتاجية لكنها تصنع منتجا عالى الجودة، فالمشكلة فى العمالة التى تحولت من عمالة فنية الى ادارية وتخلوا عن عنابر الانتاج وفضلوا الاعمال الكتابية بعد ان حصلوا على مؤهلات عليا من التعليم المفتوح وطلبوا تسوية أحوالهم الوظيفية وهؤلاء لابد من قرار سيادى يصدر لإلزامهم بالعودة الى عنابر الانتاج حتى بعد حصولهم على مؤهلات عليا فى أثناء الخدمة. تدريب تحويلى ويؤكد المهندس ابراهيم صادق رئيس شركة المحلة الكبرى للغزل والنسيج والصباغة أن عمليات التحديث التى بدأت بالشركة فى يناير الحالي، وتستمر على مدى 3 سنوات وتعتمد على المعاينة الفنية لجميع الأصول العقارية، سواء كانت المبانى أو الاراضى الفضاء التى بحوزة الشركة، مشيراً الى ان المبانى التى لاتصلح لتشغيل المعدات الحديثة بداخلها سيتم هدمها وإعادة تصميمها وتشييدها من جديد بما يتواكب مع حجم هذه الماكينات. واقترح إجراء تدريب تحويلى للعمالة التى حصلت على مؤهلات عليا فى أثناء الخدمة فى الشركات على أن يتم تدريبهم لادارة الماكينات الحديثة التى يعمل معظمها بالكمبيوتر، وهى ذات تكلفة مرتفعة والشركات ليس لديها السيولة اللازمة لشرائها، كما أن القانون لم يلزم رئيس مجلس الادارة أن يجرى تسوية إلزامية لكل من يحصل على مؤهل عال فى اثناء الخدمة لكنها عملية جوازية، وهناك أعداد كبيرة من العماله حصلوا على مؤهلات عليا اثناء الخدمة عام 2011 لدى شركته.ويؤكد أن عمليات التطوير بدأت مع بداية عام 2019 حيث يتم عمل مناقصة عالمية لتوريد عدد من خطوط الانتاج الحديثة على ان يترفق كل شركة عالمية مشاركة فى المناقصة مظروفين أحدهما فنى يوضح سابقة أعمالها، والآخر مالى يوضح السعر النهائى وعند التوريد سيحضر مع الصفقة عدد من الخبراء الأجانب للتشغيل التجريبى لهذه الخطوط ثم تدريب فريق الصيانة على تشغيل وصيانة هذه المعدات عند حدوث أعطال لها. القيمة المضافة أما المهندس فوزى تامر رئيس شركة مصر لمعدات الغزل «فيشكو» من نقص السيولة لشراء المعدات الحديثة ومستلزمات الانتاج لمنافسة شركات القطاع الخاص التى تبيع منتجاتها مقابل بيان مكتوب وليس فواتير معتمدة حتى يعفى المشترى من ضريبة القيمة المُضافة وقيمتها 14% من قيمة المنتج المباع لذا فإن اسعار المنتج أرخص من منتجات الشركة التى يرأسها وهى تابعة لقطاع الاعمال العام بل إن شركات القطاع الخاص اسعار منتجاتهم أرخص وأكثر جودة لانها تستخدم ماكينات حديثة ذات جودة أعلى وتكلفة منخفضة وأعطال نادرة بينما ماكينات الشركة التى يرأسها معداتها قديمة والأعطال عرض مستمر والهالك نسبته عالية على سبيل المثال انه ينتج (الكول ) الذى يلف عليه الغزول ذات الحجم الكبير منه يحتاج الى طن و900 كيلو من الخامات لإنتاج طن واحد فقط من هذا الكول بينما شركات القطاع الخاص تستخدم طنا و300 كيلو لإنتاج طن الكول وتقوم ببيعه ب17 ألف جنيه بينما سعره لدى الشركة التى يرأسها 17 ألف جنيه أضافة الى 32 كرتونة ثمن الواحدة منها 12 جنيها أضافة الى 14% ضريبة القيمة المُضافة علاوة على اسعار الأولون لتبلغ التكلفة الكلية للطن مايقرب من 17 ألفاو650 جنيها بينما شركات القطاع الخاص تبيعه ب17 ألف جنيه للطن لانها لاتسدد قيمة الضريبة المستحقة اضافة الى حداثة معداتها وترتب على ارتفاع اسعار منتجاته ان هربت شركات الغزل الخاصة منه ولم تعد تشترى منتجاته او تتعامل معه فأصبحت منتجاته لايشتريها سوى شركات قطاع الاعمال العام وهذه الشركات غير منتظمة فى سداد ماعليها من مستحقات. أباطرة التهريب ويطالب المهندس أحمد نجاح الجندى رئيس شركة (المحمودية) للغزل والنسيج بالتصدى بحسم لعمليات تهريب الغزول من قبل أباطرة التهريب من شركات القطاع الخاص لأن شركات قطاع الأعمال تعمل فى ظل ظروف صعبة منها تهالك معدات الانتاج التى يعود موديل تصنيعها الى عام 1948 وندرة فى العمالة الفنية وتكلفة انتاجية مرتفعة وندرة أيضا فى السيولة لشراء الخامات والغزول، مع ملاحظة أن الشركات جميعها مكبلة بديون سابقة متراكمة عليها منذ عدة سنوات تقدر بمئات الملايين من الجنيهات وعداد الفوائد يضخم من هذه المديونية علاوة على مستحقات التأمينات الخاصة بالعاملين فى الشركات، اضافة الى مستحقات الكهرباء والغاز والمياه، بل إن رسوم تجديد رخص السيارات التى تعمل فى الشركات لم تسدد. ويؤكد ان تحويل الشركات للمكسب أمر ممكن يتمثل فى التخلص من الأصول الراكدة، فالشركة التى يرأسها على سبيل المثال لديها قطعة ارض فضاء مساحتها 10 آلاف متر مربع يمكن بيعها وشراء خط انتاج جديد للتصدير بقيمة البيع لأن عملية توريد الماكينات الحديثة لشركات قطاع الاعمال العام توقفت منذ صدور قرار بالخصخصة فى عهد رئيس الوزراء الأسبق الراحل عاطف عبيد. 80% بلا مؤهلات علمية ويضيف أن 80% من العمالة فى شركات الغزل والنسيج لاتجيد القراءة والكتابة فكيف يتعامل هؤلاء العمال مع الماكينات التى تعمل بالكمبيوتر ؟! أو المدون عليها تعليمات تشغيلها وصيانتها بلغات أجنبية؟ مشيراً الى ان خطة التحديث للشركات خصصت 6 أشهر لمعاينة المبانى والتأكد من صلاحيتها أو هدمها بالكامل وبناء عنابر جديدة أو ترميم بعضها، ثم 6 أشهر أخرى لشراء الماكينات ثم 6 أشهر ثالثة لتركيب الماكينات، بل هناك شركات سوف يتم تحديثها بالكامل مثل المحلة الكبرىوكفر الدوار وحلوان، وبعض الكيانات الصغيرة سوف يتم دمجها فى الكيانات الكبيرة مثل كفر الدوار والسيوف والحرير الصناعى والمحمودية. على مستوى القطاع الاستثمارى طالب أصحاب المصانع بسرعة صرف رسم المساندة التصديرية وتنظيم برنامج قومى تحويلى للعمالة وتخفيض قيمة الفائدة المصرفية على القروض خاصة على استيراد المعدات الحديثة لزيادة الانتاج ورفع الجودة للحفاظ على القدرة التنافسية للمصانع. عالى المخاطر بينما يؤكد حمادة القليوبى رئيس جمعية مستثمرى ومصدرى الغزول بالمحلة الكبرى أن ارتفاع معدل الأجور فى شركات الغزل الحكومية أوجد حالة من الضغينة فى شركات القطاع الخاص، فتكلفة الأجور فى القطاع الخاص 7% بينما فى شركات قطاع الأعمال العام 103% فالعامل فى الشركات العامة يحصل على أرباحه كاملة حتى ولو لم تحقق الشركة ربحية والعكس فى القطاع الاستثماري.ويقول إن رسم المساندة التصديرية الذى يتأخر صرفه حاليا يدعم القدرة التنافسية للمنتج المنافس فى الاسواق العالمية، مشيراً الى ان تعويم الجنيه جاء لمصلحة المنتج المصرى لان المكون التصديرى 100% من الخامات المحلية وهو ما يشجع المصدر على التصدير. ويضيف أن قيام المصانع التى تعمل فى المناطق الحرة بتهريب الغزول للاسواق المحلية مسئولية مصلحة الجمارك التى يجب أن تقوم بمراجعة هؤلاء الذين يستوردون بعض الخامات من الخارج ولايدفعون عليها أى رسوم جمركية أملاً فى تصنيعها وتصديرها الى الخارج لكنهم لاينفذون ذلك ويبيعونها بأسعار بخسة داخل السوق المحلية.ويوضح أن البنوك لا تزال تصنف قطاع الغزل والنسيج بأنه عالى المخاطر. 330% زيادة أما حسن بلحة رئيس الجمعية التعاونية لصناع النسيج بالمحلة الكبرى فيرى ضرورة دمج ال24 محلجاً على مستوى الجمهورية الى 14 فقط وسرعة ادارة أصول الشركات وبيع بعضها خاصة الموجود منها داخل الكتلة السكنية وضرورة كبح ماراثون ارتفاع اسعار الغزول الذى قفز من 25 جنيها في2017 للكيلو الى 85 خلال عام واحد فقط وان يكون هناك خطة لدمج الكيانات الصغيرة فى الكيانات القوية لزيادة الانتاجية وتشغيل 3 ورديات يوميا وليس وردية واحدة فقط كما يحدث الآن، واختيار قيادات قوية لادارة الشركات ومحاسبة من يقصر فى إدارتها. ويقترح انشاء مركز قومى لتدريب خريجى المدارس الصناعية على صناعة الغزل والنسيج أو إنشاء فصول تدريب داخل المصانع لتدريب الخريجين على هذه الصناعة القديمة التى تحترفها مصر منذ زمن طويل، حيث يوجد داخل المحلة الكبرى مايقرب من 3 آلاف مصنع للغزل والنسيج والصباغة، بعد أن ابتلع التوك توك العمالة بكل أنواعها لأن الحد الأدنى للدخل من وراء تشغيله لا يقل عن 400 جنيه يومياً.