5 من بين أكثر الأكاذيب شيوعا بعد أحداث 25 يناير وارتفاع نبرة التهييج العاطفى والصراخ الهستيرى المسرحى هو اختصار شرف الوطنية فى معارضة أنظمة الحكم على طول الخط والدعوة إلى إسقاطها وليس تصويب مسارها كما يحدث فى الدول الديمقراطية التى يتشبه بها هؤلاء المهيجون! ولعل المغالطة الكبرى تتمثل فى الزعم بأن للوطنية مقياسا واحدا يمكن الأخذ به مهما تباعدت المسافات بين الأوطان واختلفت ثقافات وعادات وقيم وتقاليد الشعوب التى توارثتها عبر الأزمان والعصور. ومن الطبيعى أن يتراجع صوت العقل وتتوارى حجج المنطق تحت وطأة عواصف التهييج والشحن المعنوى ومن ثم كان من السهل تغييب خصوصية المفهوم الذاتى للوطنية والتى تختلف من بلد إلى آخر حسب اختلاف الظروف والتاريخ والتقاليد وطبائع الناس ولكن عمق الوعى الذاتى للمصريين كان له رأى آخر رغم كثافة ضباب الشائعات وامتلاء الفضاء بسحب التحريض فجاء الرفض الشعبى قاطعا وحاسما لمحاولات اقتباس مفاهيم الوطنية من تجارب شريرة معبأة بروح الانتقام بدءا من فظائع الثورة الفرنسية ومرورا بما جرى لنظام تشاوشيسكو فى رومانيا ووصولا إلى خطايا إشعال الحروب الأهلية فى العراق والصومال واليمن وليبيا وسوريا. وسوف يذكر التاريخ لشعب مصر أنه عندما لبى دعوات ونداءات التغيير فى 25 يناير كان ينطلق من فهم صحيح لأبعاد ما يريده من تغيير فى إطار سعى مشروع لمزيد من الحرية السياسية وتعميق لقواعد الحرية الاجتماعية وإطلاقا للمزيد من مشاعل الثقافة والفكر المنتمى لتاريخ طويل وحضارات متعددة ومتعاقبة ولكن الفوضويين الذين اختطفوا المشهد كانت لهم أجندة تخريبية مختلفة! ولعل ذلك هو السر وراء سرعة انفضاض المصريين عن الطريق الذى أراده المهيجون من خلال عمق الإيمان وصحة اليقين بأن هذا الطريق الفوضوى لايتلاءم مع طموحات المصريين ومصالحهم المشروعة فكان الخروج الكبير فى 30 يونيو 2013.. ما أعظم المصريين! خير الكلام: الانتصار الحقيقى هو فى الانتصار على الزيف! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله