* نعكف على تطوير المناهج بما يتواءم مع متطلبات العصر * تقليص عدد المعاهد دعوة اثمة.. والكليات العلمية ليست عبئا على الازهر
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن الأزهر الشريف، هو الحامى لتراث الأمة وهُويتها، ورفض الدعوات التى تطالب بتقليص التعليم الأزهري، وقال إنها دعوات آثمة. ونعى هاشم على الذين يسيئون إلى الأزهر ويتطاولون على علمائه، أو يتهمون مناهجه بالحض على التطرف، واصفا تلك الاتهامات بأنها «كذب وافتراء». وفى حواره ل«الأهرام» أكد د. عمر هاشم أن الأمة الإسلامية تتعرض لهجمة عدائية شرسة تعمل على التشكيك فى السنة النبوية .. لافتا إلى أن الأزهر قادر على التجديد الديني، وأنه بالفعل يعكف على تطوير مناهجه وتأهيل خريجيه بما يتواءم مع معطيات العصر. وشدد على أهمية مسايرة الأئمة والدعاة العصر والتحديات الحضارية التى تتعرض لها الأمة.. وإلى نص الحوار:
تنقية التراث مطلب يتجدد دائما.. ما الذى يحتاج إلى تنقية من وجهة نظركم؟ التراث نحققه ونقوم بالتعليق عليه بالفعل.. فما يحتاج إلى تنقية تتم تنقيته، وما لا يحتاج إلى تنقية نقوم بتحقيقه وشرحه.. ومثال ذلك ما قمت به منذ 17 عاما عكفت فيها على شرح أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى وهو صحيح الإمام البخاري، وهو بين يدى الآن.. هذا الكتاب شرحته فى 17 عاما ويقع فى 16 مجلدا، كل مجلد 600 صفحة، تناولت فيها جميع الأحاديث التى أوردها الإمام البخارى من أولها إلى آخرها.. هذا الكتاب هو الأول فى كتب السنة النبوية تلقته الأمة بالقبول، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالي، وقررته بعض الجامعات العربية والإسلامية، وقمت بشرحه وبيان ما يستنبط من كل حديث من أحكام كما قمت بتحقيق كتاب «صحيح مسلم» وكتاب تدريب الراوى للسيوطى وكتاب «الكفاية فى علم الرواية»، وغير ذلك من الكتب. هل كتب السنة تحتاج إلى تنقية... وما ردكم على الذين يشككون فى البخارى ومسلم وكتب الصحاح بشكل عام؟ ليست كل الكتب تحتاج إلى تنقية، لكن بعضها فقط، فالبخارى ومسلم لا يحتاجان إلى تنقية. أما الذين يشككون فى البخارى وغيره فهؤلاء أحد شخصين، إما إنسان عدو للإسلام ويريد أن يحارب الدين، فلذلك يحاربه من خلال أصح كتب السنة، لأن الطعن فيها طعن فى الإسلام كله. وإما أن يكون جاهلا لم يرجع إلى كتب الشروح التى توضح له الحقائق.. ونحن حيال أعداء الدين أو الجاهلين نحسن بهم الظن وندعوهم إلى كلمة سواء، ونقول لهم: عودوا إلى ربكم وتوبوا إليه واعلموا إن لم تكونوا تعلمون أن الطعن فى كتب السنة وانكار ما صح من الأحاديث مثله مثل من يضع الأكاذيب، وكلاهما كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوعيد الشديد لمن يكذب على الرسول لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»، فاحذروا كل الحذر من الطعن فى الأحاديث الصحيحة التى جهلتموها أو تجاهلتموها، وهذا ما تقوم به المنظمات والأيديولوجيات المعادية للإسلام التى تنشر حملات ظالمة على هذا الدين الحنيف. البعض يتهم الأزهر بأنه سبب فى نشر التطرف وأن مناهجه تضم ما يحض على هذا؟ هذا كذب ومحض افتراء ولم يكن الأزهر كذلك، بل هو منارة الإسلام وهو الذى صان الشريعة واللغة وحفظ لهذه الأمة هُويتها الدينية، ولولاه لضاع أشرف تراث فى الوجود، فالأزهر إرادة الهية، حيث جاء بعد القرون الثلاثة الأولى عندما كادت الهجمة التترية الشرسة تطيح بتراث الإسلام فشاء الله أن يبزغ نجم الأزهر فى سماء الكنانة ليحتضن أشرف تراث فى الوجود وليضم فى أروقته أبناء المسلمين من كل الأرض ويبعث بعلمائه إلى ربوع العالم. ما ردكم على الآراء المطالبة بتقليص عدد معاهد الأزهر؟ هذه مطالبة آثمة، لأن المطلوب كثرة أعداد هذه المعاهد نظرا لكثرة أعداد السكان، لقد قال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأسبق عبد الحليم محمود: «إن الواجب أن تكثر المعاهد الأزهرية لأن التعليم الأزهرى أسبق من جميع أنواع التعليم»، والأمة فى أمس الحاجة لسد الفراغ الدينى والخواء الأمي، وهذا لا يحدث إلا بنشر المعاهد الأزهرية وكثرة كليات الأزهر. باعتباركم رئيسا سابقا لجامعة الأزهر.. هل الكليات العلمية عبء على الأزهر أم مكملة لرسالته؟ الكليات العلمية مكملة لرسالة الأزهر، وليست عبئًا عليه، وكان الغرض من إنشائها عندما صدر قانون تطوير الأزهر أن تكون هناك كليات تخرج الطبيب الداعية والمهندس الداعية ولتكتمل علوم الدين والدنيا وأن تتم المعادلة فى أزهر الإسلام. البعض يتهم الأزهر بأنه غير قادر على تجديد الخطاب الديني.. ما ردكم؟ التجديد معناه أن نبعث فى تراثنا الروح والحيوية وليس معناه أن نغير القرآن والسنة أو الأحكام الشرعية، والذين يفهمون ذلك هم المجددون، فالتجديد يكون فى طريقة العرض وفى بيان الحكم فيما استجد من أمور فى الحياة وظواهر لم تكن موجودة من قبل، والحمد لله الأزهر يقوم بهذا خير قيام. من وجهه نظركم.. كيف يتم النهوض بالتعليم الأزهرى بوجهعام: الأساسى والجامعي.. وهل لديكم رؤية معينة؟ بلا شك نحن فى هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية نضع نصب أعيننا هذا الهدف، وهو التطوير والتحديث والتجديد وبيان ما ينبغى أن يضاف وما تحتاج إليه الحياة التى تتغير ومن يلاحقها بالثقافة الإسلامية الأصيلة، وهذا ما نقوم به، وأنا أرى أن واجبنا كعلماء وأزهريين أن نضاعف هذه الجهود ونعد جيلا من الشباب الذين يتحملون المسئولية لنشر الإسلام ويردون على الافتراءات التى يقولها أعداء الإسلام، ونحن بصدد إخراج موسوعة ترد على هذه الشبهات التى أثارها أعداء الإسلام وما زالوا يثيرونها حتى الآن وواجبنا ألا نكتفى بذلك، بل نضاعف الجهود لأننا فى أمس الحاجة لمضاعفة الجهود تجاه التحديات الحضارية التى نتعرض لها. ما دور الدعاة وعلماء الدين تجاه مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتوفير حياة كريمة للفئات الأشد احتياجا التى أطلقها أخيرا؟ على الدعاة أن يعملوا على الدعوة إلى هذه الفكرة وتأييدها، فهى مبادرة جديرة بالاحتفاء والاهتمام، وعبر جريدتكم الغراء «الأهرام» أبعث رسالة للرئيس، أقول له: «ثق أنك على حق وأن الله سيؤيدك، وضاعف جهودك والله معك. تكرار شائعة وفاة فضيلتكم.. ما تعليقكم؟ هذه الشائعة تكررت ثلاث مرات، وتلقيتها بحمد الله وشكره أن من عليّ بالإيمان بالله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كنت يوما أخاف الموت، فالشائعات لم تؤثر فى سلبيا، وإنما أثرت إيجابيا واعتمادا على الله، وإن كانت بعض المواقع الإلكترونية كشفت عن أن وراء هذه الدعوة بعض المغرضين والمعادين للإسلام والأزهر، وليس لشخصي، والبعض قال إن وراءها قوما يريدون الربح وكسب المال الكثير فيشيعون شائعات الموت على بعض الشخصيات بهدف الحصول على الإعلانات والأموال وعلى أى حال أقول «حسبى الله ونعم الوكيل.. وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد». أكاديميات الأزهر والأوقاف لتأهيل الأئمة والوعاظ.. تكامل أم اختلاف وتناقض؟ دور كل منهما مكمل للآخر، وليس هناك تناقض أو اختلاف بينهما فى شيء، فالدور تكاملى فى سبيل إعداد داعية يستطيع مواجهة التحدى الحضارى والانفجار المعرفى الذى يموج به العالم اليوم من أفكار لا حصر لها. أخيرا.. ما هى رؤيتك لحال الدعوة فى مصر.. وماذا تقول للدعاة؟ الحال مطمئن، إنما يحتاج إلى المزيد من الجهد وتنشيط وسائل الإعلام التى تحمل هذه الدعوة، ولابد أن يتيح الإعلام مساحة أكبر للدعاة لنشر مبادئ الإسلام السمحة. أما الدعاة فيجب عليهم أن يتحلوا بحفظ كتاب الله حفظا جيدا والوقوف على معانيه، وحفظ السنة النبوية والوقوف على معانيها، وتدارس الأحداث والظواهر الاجتماعية فى المجتمع، وأن ينفتح الداعية على مشكلات عصره، ولا يتقيد بما هو فى الكتب فقط، بل يبدع ويبتكر ويجدد فى أسلوبه.