هل مازال أحد منا يتذكر الشعار المميز لشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات فى بداية التتر الخاص بمسلسل "ليالى الحلمية" أو "دموع فى عيون وقحة" أو "الشهد والدموع".. من منا يستطيع أن ينسى هذه المسلسلات، التى كان لها بصمة لدى جيلى، الذى تربى مع هذه المسلسلات.. شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات تأسست فى 6 يناير 1964، حيث أنشأ الفنان محمد فوزي وشركاه مصنع الشرق الأوسط للاسطوانات "مصر فون" فى 30 أبريل 1959 وتحول إلى شركة اسطوانات صوت القاهرة في 6 يناير 1964، ثم صدر قرار وزير الإعلام رقم 139 لسنة 1977م بتأسيس شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات كشركة مساهمة مصرية، باعتبارها إحدى الشركات التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون. شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات كيان شامل ومتكامل يمتلئ بشتى فنون الإنتاج الإعلامى المتعدد، وكانت إحدى الروافد الحيوية الداعمة للقاعدة الإنتاجية لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، لما تؤديه من دور ريادى يهدف إلى تلبية الرسالة الإعلامية المصرية، التي ترتقى بالوجدان المصري والعربي في قالب فكري خلاق وصرح شامخ يفخر به الإعلام في ظل التطورات المتلاحقة، والحفاظ على الهوية العربية في عصر السماوات المفتوحة لتحقيق مزيد من القفزات الإعلامية. وقد قام الرئيس السادات بتقديم خطاب عن ثورة يوليو عبر موجاتها الإذاعية عام 1961، وبعد صدور القوانين الاشتراكية تم تأميم شركة مصر فون وضمها للدولة، وعيّن محمد فوزي مديراً براتب 100 جنيه على الشركة التي أنفق عليها كل ما يملك، واضطر لبيع عقارات وأصول ثابتة من أجلها. ولم يشمل التأميم شركة صوت الفن في ذلك الوقت، وأرجع البعض سبب ذلك لقرب عبد الحليم حافظ من جمال عبد الناصر. بالطبع تأثر فوزي وتأزم. يقول المصور الشهير فاروق إبراهيم في مذكراته: إن فوزي ذهب لشركته، ففوجئ بجلوس رجل كفيف في مكتبه، وتخصيص مكتب صغير له كان في السابق غرفة للساعي الذي يخدمه. رفض فوزي الجلوس في المكتب وعاد إلى بيته، ليفاجأ بآلام شديدة في بطنه، استمرت تأتيه بين الحين والآخر، ليذهب في رحلة مع مرض استعصى على الأطباء تشخيصه. سافر للعلاج في بريطانيا وألمانيا، ولكن المستشفى الألماني الذي كان يتعالج فيه أعلن أن المرض الذي أصيب به نادر، ولم يصب به في العالم إلا 5 أشخاص، لدرجة أنه عرف وقتها ب"مرض فوزي"، لندرته. اكتُشف لاحقاً أنه كان تليفاً في الغشاء البريتوني الداخلي للبطن. وقد كانت الشركة من أهم القوى الناعمة لمصر من حيث الإنتاج المرئى من الأفلام والمسلسلات وكذلك الإنتاج الصوتى من الأغانى المختلفة، وقدمت عددا من المقرئين وكذلك الإنتاج الدينى، حيث قامت الشركة بإنتاج المصاحف المجودة لكبار قراء القرآن الكريم في مصر والوطن العربي، كما تقدم التواشيح والابتهالات الدينية والخواطر الإيمانية لإمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، بما يحقق للإنسان المسلم حاجاته المادية والروحية وتعمير الحياة بالأساليب التي تتوافر مع نهج الشريعة الإسلامية، لتعبر تعبيرا صحيحا عن جوهر الإسلام في وسطيته واعتداله وريادته. قدمت الشركة الإنتاج الديني على وسائط إلكترونية CD & DVD، وتمتلك الشركة مصنعين لإنتاج وطبع أشرطة الكاسيت الصوتى بالإسكندرية بطاقة إنتاجية تصل لأكثر من 3 ملايين كاسيت في الوردية الواحدة سنويا بأعلى جودة بالأسواق العالمية ومزودة بأحدث تكنولوجيا العصر لإنتاج وطبع أشرطة القرآن الكريم لمشاهير القراء، والأحاديث الدينية والمنوعات الغنائية والموسيقية. وكذلك لديها مطبعة ووكالة للإعلان. وذات يوم وجدت صديقة لى تصرخ الحقونى فى منتصف عام 2018، حيث صدر قرار بنقل 2000 موظف إلى قطاعات أخرى من قطاعات الدولة مثل ماسبيرو، ووقف نشاط الشركة إلى أجل غير محدد، وعلق الكثيرون بأن هذا هو هدم لمؤسسات الدولة وإهدار للمال العام. يجب أن نعى أن هناك عددا من المتغيرات الدولية والإقليمية والبعض الآخر نابع من وجود متغيرات محلية تؤثر على أداء الإعلام ومع زيادة هذه التحديات وتنوعها تصبح المؤسسات الإعلامية فريسة سهلة لمن يريد أن يعبث بالأمن القومى، عبر اختراق هذه المؤسسات، خاصة إذا كان العاملون عليها على غير وعى بالتطورات التى لحقت بأشكال وأدوات الحروب المختلفة. ما يحدث تجاه شركة صوت القاهرة هو تدمير لكيان ناجح ومستقل، ومن خلال حسن الإدارة يمكنه أن يدر دخلا، وأن يصبح من أهم القوى الناعمة. إن ما يحدث فى هذه الشركة جريمة تجاه الرأى العام المصرى، ولن نستطيع مقاومة حرب الشائعات إلا من خلال الفن الراقى القادر على توصيل المعلومة الصحيحة، يجب إعادة النظر فيما يحدث داخل هذه الشركة وتوفيق أوضاعها وليس إلغائها أو إغلاقها. [email protected] لمزيد من مقالات د.سامية أبو النصر