يوم الثلاثاء بعد المقبل تحل ذكرى ميلاد جمال عبد الناصر الأولى بعد المائة. وقد تصادف العام الماضى 2018، مرور قرن على ميلاد جمال عبد الناصر. واحتفل المصريون والأشقاء العرب وأبناء العالم الثالث. بل وعدد كبير من أبناء الدول التى حاربت عبد الناصر فى حياته. احتفلوا جميعاً بهذه المناسبة بما يليق بالرجل. ليس بمحاولة رد الجميل له. فرد الجميل أكبر بكثير من مجرد الاحتفال. ولكننا توقفنا لنقول له: لم يتطرق النسيان لذكراك حتى نقول إننا تذكرناك بهذه المناسبة. فأنت أكبر من كل المناسبات. كتبت صحفنا عن العام الأول بعد المائة قبل أن نصل إليها. توسعت فى نشر خبر العثور على سيارة عبد الناصر. وهو نشر يؤكد من جديد ما ليس بحاجة إلى تأكيد أن عبد الناصر المعنى والإنجاز والرمز ما زال بيننا. رغم مرور 49 عاماً على رحيله عن عالمنا. قالت الصحف ضمن ما قالته وفى صفحاتها الأولى إن سيارة عبد الناصر كانت ستباع خردة لولا أن أحد العاملين بالوزارة أخبر الوزير بذلك. فاتخذ قراراً فورياً بترميمها وإعادة تشغيلها. وهى السيارة التى استقلها الرئيس عبد الناصر فى زياراته التفقدية المتكررة لمتابعة أعمال تشييد السد العالى. باقى التفاصيل التى كتبها حمدى كامل فى الأخبار. إن ترميم السيارة تكلف 146 ألف جنيه. وأنها ستنقل إلى منطقة العرض المكشوف وسيتم عرضها لأول مرة بمقر وزارة الرى تمهيداً لنقلها إلى منطقة العرض المكشوف بمتحف النيل فى أسوان. والسيارة تحمل رقم 2075 حكومة. ماركة شيفروليه موديل 1958 بمحرك 8 سلندر. ووصف بيان لوزارة الرى السيارة بأنها قطعة تاريخية مهمة. لا بد من عرضها مع إقامة مؤتمر صحفى عالمى عند بدء العرض قبل نقلها إلى أسوان. تواصلت فوراً مع الدكتورة هدى جمال عبد الناصر. عين عبد الناصر وقلبه ووجدانه المستمر معنا. قالت لى قبل أن أكمل السؤال إن الخبر غير صحيح. فهذه السيارة ليست سيارة والدها. بل سيارة الدولة المصرية. وإن عبد الناصر لم يمتلك سوى السيارة أوستن التى يعود موديلها إلى أربعينيات القرن الماضى. ومن بعدها لم يمتلك أى شيء. طلبت منى هدى أن أتواصل مع سامى شرف. ذاكرة عبد الناصر الحية. قال لى إن عبد الناصر لم يمتلك سوى السيارة الأوستن. وإن أى سيارة أخرى استخدمها بعد ذلك كانت تابعة للدولة المصرية. بالتحديد رئاسة الجمهورية. وإن السيارة الأوستن موجودة فى متحف جمال عبد الناصر فى بيته بمنشية البكرى. فى أول مكان تراه لحظة الدخول أمامك مباشرة. اتصلت هدى بى. وقالت إنها تواصلت مع شقيقها عبد الحميد. فهو يدرك هذه الأمور أكثر منهم جميعاً. لاهتمامه بالسيارات. منذ ميلاده وحتى الآن. وكان أكثرهم تردداً على جراج السيارات. وما زالت لديه هواية فك السيارات وتركيبها. قال لها عبد الحميد إن الوالد لم يمتلك سوى السيارة الأوستن القديمة. وأنه جاءه كثير من الهدايا سيارات فاخرة. كان يرسلها فوراً إلى جراج رئاسة الجمهورية. وكانت تحول إلى قصر القبة. حكى لها عبد الحميد أن أحد الأمراء العرب أهدى عبد الناصر حصاناً لا حد لجماله. فما كان من عبد الناصر إلا أن أرسله إلى اسطبل رئاسة الجمهورية. ليصبح عهدة هناك. وعندما طلب الأبناء منه الفرجة على الحصان والاقتراب منه. قال لهم اذهبوا إلى حيث يوجد فهو لم يعد لى علاقة به. بل هو عهدة فى رئاسة الجمهورية. ولا يمكننى إحضاره لكم. وأن الرئيس عبد الناصر عندما كان يسافر إلى أسوان لمشروع السد العالى. سواء لبدء إقامة السد ومتابعته خلال مراحل إقامته حتى افتتاحه كانت سيارات من رئاسة الجمهورية تتحرك حتى باب الحديد. ومن هناك تُحمَّل على قطار نقل الصعيد إلى أسوان قبل سفر الرئيس بفترة. وتعود بعد عودته بفترة أيضاً. طلبت منى هدى تليفون الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الرى. لتشكره بحرارة لاهتمامه بسيارة قيل له إنها سيارة جمال عبد الناصر. وإعدادها لكى توضع فى متحف. فذلك شيء جيد وجميل ومثير للاهتمام. قلت لها إننى ليست معى وسائل التواصل معه. ولكنى سواء من مجلس النواب أو مجلس الوزراء يمكننى الحصول على تليفونه لكى تتصلى به وتشكريه باسمنا جميعاً. رغم أن السيارة لا علاقة لها بجمال عبد الناصر. وإن كان المهندس عبد الرحمن شلبى، رئيس جمعية بناة السد العالى قد أكد أن السيارة مملوكة لوزارة الأشغال العمومية، الرى حالياً. وحكى أنه عند بداية العمل بالسد العالى كان يتم الاعتماد على سيارات أمريكية حتى سحب الأمريكان تأييدهم للبناء. مما دفع مصر للاتجاه نحو الاتحاد السوفيتى. والاستعانة بسيارات الفولجا الروسية. وأنه كان يعمل مهندساً مراقباً للأعمال التى كانت تنفذها شركة عثمان أحمد عثمان. وشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح اللتان اندمجتا فى شركة المقاولون العرب خلال بناء السد العالى. ومع كل شكرى وتقديرى لوزير الرى على اهتمامه. وإنفاقه من أموال الوزارة ما استعاد به السيارة مرة أخرى لكى تراها الناس. لكنى أتساءل: أليس مكانها الحقيقى متحف جمال عبد الناصر فى منشية البكري؟ وأن تعرض باعتبارها سيارة استخدمها عبد الناصر فى تنقلاته وليست سيارة خاصة به؟ فالجميع أكد أنه لم يمتلك من السيارات سوى السيارة الأوستن القديمة التى تعود لأربعينيات القرن الماضى. أى أنه امتلكها عندما كان ضابطاً عادياً فى القوات المسلحة. وقبل قيامه بالثورة. وقبل أن يصبح رئيساً لمصر بسنوات. إن وجود السيارة فى متحف جمال عبد الناصر بمنشية البكرى بالقاهرة. سيجعل مشاهدتها أكثر ووجودها له حضور خاص. فى حين أن متحف السد العالى فى أسوان أو متحف وزارة الرى بالوراق بالقرب من إمبابة. وهى كلها أماكن لها الاحترام الكامل. لكن يختلف الأمر كثيراً لو أن السيارة نقلت إلى متحف جمال عبد الناصر الذى تقصده أعداد كبيرة من المصريين ومن الأشقاء العرب. ومن زوار كثر من العالم كله. حتى لو كان عبد الناصر استخدمها. فهى جزء من تاريخنا. لمزيد من مقالات يوسف القعيد