تلقيت دعوة من الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية للاشتراك فى مؤتمر تحضيرى للقمة الثقافية العربية المقترح إقامتها فى مارس 2019، فى فكر مغاير يدرك أن القوى الناعمة هى خيوط الحرير غير المرئية الرابطة للشعوب والموحدة لكلمتها: وهى أيضا أكثر تأثيرا من السياسة التى تحكمها المصالح الاقتصادية والتوازنات الدولية، ثم الوعى بدور السياحة الثقافية. الفكرة فى حد ذاتها تكشف عن أن مصر بدأت تستعيد مكانتها الثقافية بعد الهزة الاقتصادية التى وقعت فيها عقب ثورتين ركبت الأولى قوى معادية أرادت بمصر الهلاك حتى لا يقوم لها قائمة على الرغم من أن الشرارة الأولى للثورة كانت شفافة ولو خرج ساعتها مبارك بالإصلاحات التى نادى بها الشعب لما تمكن أحد من اللعب فى السياسة المصرية، ثم جاءت الثورة الثانية لإعادة مصر إلى جادة الطريق. لم يكن الطريق ممهدا ولا سهلا ولا إرضاء الشعب بالشىء الهين. فمصر كانت بؤرة النور سياسيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا ثم تحولت من الإنتاج إلى الاستهلاك. لقد ضعفت مصر ولا عيب فى أن نعترف بهذا ثم نصححه. إنها دورة التاريخ بين القوة والضعف كما وصفها ابن خلدون وأرنولد توينبى وغيرهما .وإحقاقا للحق فإننا على طريق الإصلاح الصعب الذى لا يرضى فريقا على الإطلاق. وفريقا آخر يتعجل النهضة ويخشى الإخفاق. لقد جمع المؤتمر عددا كبيرا من رموز الثقافة فى مصر. وإذا كان د.مصطفى الفقى قد أشار فى الافتتاح إلى العمق الشمالى الغربى لمصرنا فقد اقتنع فى الجلسة الختامية بضرورة إشراك العمق الإفريقى الجنوبى. لقد كان المؤتمر حالة من العصف الذهنى بين الجمهور رفيع المستوى بمؤهلاتهم و مناقشاتهم وتلك المنصة التى جمعت رموز السياسة والثقافة قبل وبعد الثورتين. ودارت المناقشات حول دور الثقافة الفاعل فى حركة التاريخ وما آلت إليه، وكانت الرؤى تنحو نحو إصلاح التعليم وعودة إلى اللغة العربية والاهتمام بها وإصلاح الإعلام. وكذلك الفن وصناعة السينما .وضرورة الاهتمام بالشباب المتجه للسوشيال ميديا والمفكر خارج الصندوق، وتجديد الخطاب الدينى. وفى الحقيقة أن جميع الإصلاحات السابقة تبدأ بإصلاح التعليم الأساسى والتنشئة على الدين، ولا أفرق هنا بين الإسلامى و المسيحى مع الاهتمام باللغة الأم والانفتاح على المنجز الحضارى الغربى. لقد كان ذكاء الحوارات ليس فى هذا العصف الذهنى الذى شخص المرض المعروف للعيان و كيفية إصلاحه؛ لكن كان فى تقدير القوة الثقافية التى سنخاطب الغرب بها فى القمه الثقافية التى نتطلع إليها . لمزيد من مقالات شيرين العدوى