عندما يمتزج جمال الطبيعة وروعة التصميم المعمارى الرفيع ليشكلا معا قطعة فنية فريدة تظل شاهدة على الفن والجمال والتاريخ لقلعة سان سوسى إحدى أشهر قصور ألمانيا التى تم بناؤها فى مدينة بوتسدام بين أعوام 1747،1745 عندما أمرالملك فريدريك العظيم ببنائها على نمط فن روكوكو لتكون مقراً صيفياً له كملك لبروسيا وعنواناً للتفاخر بين ملوك ألمانيا فى الجنوب وكذلك ملوك أوروبا. بين جفنات العنب يقف القصر كتاج ملكى على قمة الهضبة تحيط به مزارع البرتقال والفاكهة، أما طاحونة سان سوسى الشهيرة التى تخلع على القصر المظهر الريفى فقد اعتبرها الملك زينة القصر.بالطبع لم يأت اسم القصر من فراغ ولكن تم انتقاؤه بدقة شديدة فكلمة «سان سوسى» تعنى بلا قلق أو هموم ولعل الملك كان موفقاً فى اختيار اسم المكان الذى كان مقراً للاستجمام من هموم الحكم والسلطان. وفى عام 1990 أعلنت منظمة اليونسكو قصر سان سوسى موقعا للتراث العالمى ووصفته بأنه قصر فرساى البروسى، حيث انه يجمع بين الفنون المعمارية المتبعة خلال القرن ال 18 فى تشكيل قصور أوروبا ويتميز القصر وحديقته الواسعة بخيال معمارى وتصميم للحديقة تعكس بصورة واضحة النظام الملكى المتعاظم لادارة الدولة. يعد قصر سان سوسى فى مدينة بوتسدام وجهة ملايين السائحين من كل بقاع الأرض فى كل عام. يتميز القصر برسوماته الفريدة وبناء الروكوكو الرائع مع القبة البيضاوية فى وسط الغرف الدائرية المذهلة. تتميز جبهة الحديقة بزخارف الجص الغنية، بينما يأتى الجزء الخلفى وهو الفناء الكبير، المحاط بالأعمدة الكورنثية. ومن أبرز المميزات الداخلية هى قاعة الرخام البيضاوية، مع أعمدة الكورنثية والزخارف المتقنة.أما المكتبة فبها عدد من التماثيل العتيقة وغرفة فولتير. هناك أيضاً قصر نيوس وهو القصر الجديد الذى بنى فى سان سوسى بين الفترة 1763 1769، والمميز بالقبة النحاسية. صمم ليكون بالديكورات الداخلية الفاخرة للقصر وبخاصة فى قاعة الرخام، والمنطقة العليا والسفلى لشقق الدولة ومعرض الرخام، والمسرح. يحتوى القصر على الأثاث الثمين، والصور والخزف، والأعمال الفنية، هناك اثنان من المبانى المصنوعة من الطوب فى الطراز الباروكى مع أروقة ذات أعمدة وتقويس السلالم الخارجية. هناك أعمدة الكورنثية، وقوس النصر بين المبنيين. يوجد المعبد القديم أمام القصر الجديد، بالاضافة الى معبد الصداقة المبنية على أساس الرسومات من قبل فريدريك الكبير. يعلو القصر طبقاً لتصميم الملك فريدريش العظيم ملك بروسيا آنذاك حديقة متدرجة لأسفل فى اتجاه الجنوب بحيث تسمح مصاطبها المتدرجة بزراعة العنب. كانت الحديقة مزروعة بأشجار السنط. وأثناء حكم فلهلم الأول المسمى بالملك العسكرى نظراً لاهتمامه بالهيئة العسكرية وتنظيم الجيش انتزعت أشجار السنط بغرض توسيع مدينة بوتسدام وانشاء تحصينات. وفى اغسطس عام 1744 أمر الملك فريدريك الثانى بتحويل الهضبة الى مصاطب يزرع فيها العنب. ونظراً لأن زراعة العنب تكون عادة فى جنوبألمانيا بسبب ضعف الشمس فى الشمال، فقد انشئت المصاطب فى بوتسدام للتدرج نحو الجنوب. وأنشأ المهندس المعمارى فريدريك ديتريش على الهضبة 6 مصاطب عريضة متدرجة فى اتجاه الجنوب، على أن تكون مقوسة ومحاطة بجدران منخفضة نحو الداخل للاستفادة أكبر قدر من أشعة الشمس. ينمو على المصاطب أشجار متتابعة من أشجار العنب والبرتقال والفاكهة، ويتبعها 168 من الأكشاك الزراعية الزجاجية، تنمو فيها أنواع من الاشجار التى لا تنمو عادة فى ألمانيا.. اكتمل انشاء حديقة العنب فى عام 1746. كما أنشئت أسفل المصاطب فى عام 1745 حديقة زينة على نمط فن الباروكيه، ينمو فيها أنواع الزهور والورود فى توزيع جميل. أما وسط الحديقة فبها نافورة كبيرة تحيط بها تماثيل من الرصاص المطلى بالذهب لبعض الأساطير الاغريقية لكنها لا توجد الآن. لم تكن التماثيل الاغريقية فقط هى وحدها التى فقدها قصر سان سوسى ولكن أيضاً عشرات اللوحات الفنية التى اختفت فى أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد استطاع القصر أن يسترد عشر لوحات من هذه اللوحات لوحة مريم المرضعة التى تصور انتقال السيدة العذراء ورسمها تلامذة الفنان الفلامنكى روبنز. يعود الفضل فى عودة الكنوز الفنية لسان سوسى الى اولجا بيركيمير زوجة حارس قصر رايزنبرج التى خبأت اللوحات لحمايتها من القوات العسكرية السوفيتية التى كانت ترسل غنائمها الى الاتحاد السوفيتى فى ذلك الوقت. لكن وحتى يومنا هذا لا تزال قلعة سان سوسى تفتقد 90 لوحة وتأمل فى استرجاعها. من أبرز اللوحات المفقودة لوحة شهيرة لروبنز موجودة حتى اليوم فى روسيا.