فى الوقت الذى تباع فيه السترات الصناعية الصفراء علنا فى شوارع وحوارى القاهرة. وفى الوقت الذى يستطيع فيه المارة وقائدو السيارات فى أى من المدن المصرية مشاهدة عمال الإنشاءات والمشروعات ومحطات البنزين وهم يرتدون السترات الصفراء المميزة لهم فى أثناء ممارستهم عملهم بجد ونشاط. وفى الوقت الذى ظهر فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى شخصيا فى أكثر من جولة تفقدية لمشروعات متنوعة خلال الأسابيع الأخيرة، والتقط الصور التذكارية مع عشرات من العمال الذين يرتدون السترات الصفراء. وفى الوقت الذى يرتدى فيه لاعبو الفرق الرياضية بمختلف أنواعها فى أى ناد أو مركز شباب السترات الفوسفورية الصفراء فى أثناء تدريباتهم للتفرقة بين الفريق الأساسى والفريق الاحتياطي. فى الوقت الذى نشاهد فيه هذه الحقائق بأمهات أعيننا، تطل علينا هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» بتقرير من عالم آخر يتساءل فى عنوانه «هل منعت مصر بيع السترات الصفراء بعد مظاهرات فرنسا»؟! فقد ذكرت الشبكة البريطانية فى تقريرها الذى بثته بتاريخ 11 ديسمبر أنها رصدت تعليقات بمواقع التواصل الاجتماعى تدين حظر أجهزة الأمن المصرية بيع السترات الصفراء خوفا من التأثر بالاحتجاجات الفرنسية التى يقودها أعضاء حركة «السترات الصفراء». وذكرت الشبكة فى سياق تقريرها أن تعليقات المصريين على السوشيال ميديا حول هذا الموضوع طالبت الدولة المصرية بالعمل على تخفيف أعباء الشعب بدلا من اللجوء لتلك الإجراءات غير المجدية! ومن فرط أهمية الموضوع، بثت بي.بي.سي. تقريرا ثانيا مطولا فى اليوم نفسه بعنوان «مصر تحظر بيع السترات الصفراء لمنع المظاهرات» حول الحظر الذى فرضته مصر على بيع السترات الصفراء قبل الذكرى السنوية لأحداث 25 يناير 2011 بهدف منع المتظاهرين المصريين من تقليد نظرائهم الفرنسيين، والقيام بثورة جديدة! وزعمت بي.بي.سي. أن مسئولين أمنيين طالبوا التجار بالإبلاغ عن أى شخص يحاول شراء سترات صفراء، وهو ما أدى بحسب الشبكة البريطانية نفسها إلى اعتقال ناشط 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة تتعلق بالإخلال بالنظام العام وحيازة سترات صفراء وفقا لما صرح به محاميه! وأضافت الشبكة أنه تم إرغام بعض أصحاب المتاجر على التوقيع على مستند يتعهدون من خلاله بعدم بيع تلك السترات حتى نهاية شهر يناير الحالي! فهل تم فرض حظر بالفعل على بيع السترات الصفراء فى مصر كما تقول بي.بي.سي.؟ وهل من الطبيعى أو من المعتاد بيع سترات صفراء أو معدات أو ملابس صناعية الأغراض للأفراد العاديين فى مصر أو فى أى بلد؟ ولماذا إذن يشاهد المصريون كل يوم عشرات العمال ممن يرتدون السترات الصفراء فى المشروعات المختلفة، دون أن يتعرض أى منهم للاعتقال؟ ومن الذين ظهروا مع الرئيس خلال جولاته التفقدية وهم يرتدون السترات الصفراء؟ والسؤال الأكثر إلحاحا هو: هل ارتداء سترة صفراء شرط ضرورى لا غنى عنه لتنظيم مظاهرة؟ وهل الثورات لا تجوز دون ارتداء سترات صفراء؟! وهل سترة صفراء يمكن أن تخيف مصر حقا؟ وهل انتظر المصريون شراء أو حيازة سترات صفراء قبل 25 يناير 2011 أو 30 يونيو 2013، ليفعلوا ما فعلوه؟ هل توجد إجابات مقنعة من ال «بى بى سى» على هذه التساؤلات؟! أفيدونا أفادكم الله!