السفير العرابي: ثلاث ركائز تحكم سياسة مصر الخارجية.. والحوار مع ألمانيا ضرورة في عالم مضطرب    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه المصري.. ارتفاع مفاجئ في البنوك وعودة نشاط السوق السوداء    للمرة الثانية خلال 4 أيام.. كامل الوزير يتفقد محطة سكك حديد مصر برمسيس    إزالة قواعد خرسانية مخالفة على مساحة 192 مترا بعد رفض التصالح بقرية ميت الوسطى بالباجور    بروتوكول بين "ويبكو" و"الأورمان" لتطوير مدرسة سيدي عبد الرحمن الرسمية للغات بمطروح    الأمم المتحدة: نساء وفتيات غزة يواجهن معاناة مُهينة تحت وطأة النزوح    العراق: جميع البعثات الدبلوماسية في بغداد آمنة ولا يوجد أي تهديد    بعثة الترجي التونسي تصل الولايات المتحدة استعدادًا لكأس العالم للأندية 2025    تشكيل الأهلي المتوقع أمام إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية    مصدر بالزمالك يكشف ليلا كورة تفاصيل أزمة أحمد حمدي.. وعقوبة تنتظر اللاعب    نجم ريال مدريد على أعتاب ميلان    سباليتي يدخل اهتمامات النصر السعودي    شبورة كثيفة وشديد الحرارة.. الارصاد تكشف حالة الطقس غدًا    ننشر أقوال متهم بدهس 3 أشقاء أثناء عبورهم طريق الأوتوستراد بمدينة نصر    تموين قنا والوحدة المحلية وحماية المستهلك يشنون حملة مفاجئة على تلاجات اللحوم والمطاعم والمولات والمحال التجارية    النيابة العامة تُنهي التحقيقات في واقعة سرقة أموال الدكتورة نوال الدجوي    تسليم عروس الشرقية القاصر لوالدتها وأخذ التعهد بعدم زواجها قبل بلوغ السن القانوني    الخميس المقبل.. قصور الثقافة تقيم معرض مراسم بني حسن بالهناجر    عمرو الليثي ومصطفى قمر يدعون لنجل تامر حسني بعد وعكته الصحية    وزير الصحة يستقبل مدير شركة جنرال إليكتريك هيلث كير لبحث توطين أجهزة السونار في مصر    قوافل طبية وتثقيف صحي ل500 مواطن في أبو المطامير وأبو حمص    عبد الصادق يتابع مستجدات مشروع الإسكان ويصدر حزمة قرارات لدفع معدلات التنفيذ وتسريع التسليم"    رئيس الوزراء يتابع خطط التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تحديد الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجالس إدارة شركات التأمين أو إعادة التأمين    تحطم طائرة هندية في مطار أحمد آباد وعلى متنها 242 راكبًا    ننشر تفاصيل لقاء الهيئة البرلمانية لدمياط مع وزير الشباب والرياضة    متحدث مجلس الوزراء: حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون على مستوى عالمي    الأونروا تعلن انقطاع جميع الاتصالات مع موظفيها في غزة    هل تخصيص قطعة أرض مميزة بالبحر الأحمر يعني بيعها؟ "المالية" تكشف التفاصيل    كأس العالم للأندية.. إنتر ميامي يحشد القوة الضاربة بقيادة ميسي لمواجهة الأهلي    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    الثانوية العامة 2025.. 6451 طالبا يؤدون الامتحانات داخل 18 لجنة ببورسعيد    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي ب «الإسكندرية السينمائي»    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي بعنوان «الفنان النبيل»    «ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    وزير الخارجية والهجرة يبحث مع نظيره النرويجى تعزيز العلاقات بين البلدين    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيالنا «قاصر» و«مربوط»..
د.شاكر عبد الحميد: « تطفيش» الكفاءات جريمة يجب محاكمة المسئولين عنها
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 12 - 2018

* كيف لا يكون لدينا وزارة للصناعات الثقافية كالتى بأندونيسيا

تولى الدكتور شاكر عبد الحميد مناصب ثقافية رفيعة، فكان وزيرا للثقافة، وأمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، ونائبا لرئيس أكاديمية الفنون، وعميدا للمعهد العالى للنقد الفنى. وقد حصل على عدة جوائز مهمة، منها جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية.
وتفخر المكتبة العربية بكتبه واسهاماته الفكرية والنقدية، المؤلفة والمترجمة، نذكر منها: «الخيال» و«عصر الصورة»، و«الفن وتطور الثقافة الانسانية»، و«الأسطورة والمعنى»، و«الفن والغرابة» و«الأدب والجنون» و«الأسس الثقافية للابداع الأدبى» و«الحلم والرمز والأسطورة» و«عصر الصورة» و«التفضيل الجمالى» و«مدخل الى الدراسة النفسية للأدب». ولعلنى لا أبالغ حينما أقول أننى سعيت اليه، كعصفور سعيد الحظ، ذهب الى نهر عذب، وعاد بقطرات ثمينة.
...........................
إذا تصوّرنا الثقافة المصرية،والعربية على طاولة الفحص الطبى، فهل نجدها فى أتم الصحة والعافية, أم عليلة الجسد والروح, أو مصابة بوهن الشيخوخة؟
- أعتقد أننا سنجدها فى حالة سيئة. سنراها هائمة, تبحث عن روحها المفقودة. وروح الثقافة تتكون من ثلاثة عناصر، هى الماضى والحاضر والمستقبل. والماضى يتكون من التراث والدين. والحاضر مرتبط بسلوكيات الناس. أما المستقبل فمرتبط بالإبداع، والإبداع مرتبط بالخيال، الخيال فى الفن والعلم والأدب. ونحن خيالنا «قاصر».
«قاصر» أم «مربوط»؟
- كلاهما. عالِم النفس الأمريكى «سليجمان» صاحب نظرية «العجز المكتسب» أجرى تجاربه على الكلاب، قبل البشر. جاء بكلب شرس, حبسه وجوّعه.. ثم وضع قطعة لحم يفصلها عن الكلب حاجز خفى مكهرب، ثم حرر الكلب, فانطلق لتناول اللحم، مرورًا بالحاجز المكهرب، فأصيب بصدمة كهربائية مؤلمة.. وكرر الكلب المحاولة, فتكرر الألم، وتملكه الخوف حتى أصيب بحالة من «العجز المكتسب»، وتوقف عن المحاولة.
ثم أراد «سليجمان» القضاء على حالة الخوف التى سبَّبت «العجز المكتسب»، فأزال الحاجز المكهرب، وأتَى بكلب آخر، وجعله يمُرُ بسلام ليأكل اللحم أمام الكلب الأول.. ثم مجموعة من الكلاب، كلها تمرُ لتأكل بسلام.. والكلب الأول يشاهدها، ولا يجرؤ على مشاركتها.. ثم بدأ يقلّدها بمرور الوقت، وأخيرًا تناول اللحم دون خوف أو ألم. نحن أقرب لهذه الحالة، وللتخلص منها لا بد من فترة تقليد ومحاكاة، ثم فترة تنافس مع الدول من حولنا.
وأعتقد أننا تجاوزنا مرحلة التقليد والمحاكاة، ولا بد أن نكون فى مرحلة التنافس والإبداع، لأن مَنْ يتوقف عند مرحلة المحاكاة والتقليد لا يتقدم، وبالتأكيد لا يتقدم من يكتفى بالمشاهدة؟
هل تذكر مثالًا؟
- اليابان كانت مُدّمرة بعد الحرب العالمية الثانية.. لكن أصحاب مصانع السيارات- مثلًا- جاءوا بالمهندسين الشباب وخريجى المدارس الصناعية، وقالوا لهم: «لدينا سيارات جيدة، لكنها ليست الأفضل. سنرسلكم فى بعثات إلى أمريكا وانجلترا وفرنسا لمدة عام، للدراسة والاطلاع على أحدث وأفضل ما وصلت إليه الصناعة والتكنولوجيا ثم تعودون لإفادتنا»، وبعد عودتهم، يستخلصون كل ما حصلوا عليه من علوم ومعارف، للانطلاق من مرحلة التقليد والمحاكاة إلى الإبداع والتنافس بإنتاجهم الخاص.
والسؤال الآن: هل نستطيع أن نفعل ذلك؟
- نعم، نستطيع. من فعلوها قبلنا ليسوا أفضل مِنَّا.
وهكذا تكون «المصَروَة» و»العروبة» فى مقابل «العولمة»؟
- دعك من هذا، المصطلحات تأتى بعد الأعمال، ولن نتقدم أبدًا طالما نكتفى بالكلام. أصحاب «العولمة» ابتدعوها وهم يعملون. كل المدارس الفنية – مثلًا – ظهرت فى الغرب، الكلاسيكية والتكعيبية والسيريالية والتجريدية والفيديو آرت. أما نحن فنقول أننا أصحاب حضارة عمرها سبعة آلاف سنة، ولا نقدم شيئًا للفكر والعلم والحضارة. صحيح أن لدينا آداب وفنون، لكن الفن تراجع. ربما ابتدعنا «الحروفية»، لأن لدينا الخط العربى، لكن هذا قليل جدا. فلنعمل وننتج، ثم نبتدع مصطلحاتنا الخاصة.
ربما وصلوا – فى الغرب- إلى هذه المراحل المتقدمة بعدما «شبعوا» ماديًا ومعنويًا!؟
- ليس شرطًا. ربما يكون الفقير فى حالٍ أفضل من الثرى الذى ربما يموتُ متخمًا. لكننى – بالتأكيد – ضد الظلم المادى والمعنوى على السواء. ومع العدالة الاجتماعية، لأنها - مع التعليم والديمقراطية - أساس تقدُّم أى مجتمع. «المتقدمون» اشتغلوا على دعائم الحرية والتعليم الجيد والخيال الحر، وأوجدوا نظامًا يكافئ المخلص والمجتهد فى عمله. لكننا نُحبط مَنْ يعمل جيدًا، وربما نقصيه ونأتى مكانه بالفاشل. والعجيب أن الذين يهربون من مصر، أو يتم دفعهم للهجرة.. ينجحون ويتفوقون فى الخارج، وهكذا نخسر عقولًا مبدعة بسبب النُّظُم الخاطئة, وعدم تطبيق القانون على الجميع. من العجائب فى الجامعات المصرية – مثلًا – أن الأستاذ الكبير أو رئيس القسم لا يُحاسَب، لأن لدينا «محسوبيات» وعِلل اجتماعية مُزرية.
ولو أنصفنا لحاكمنا كل مسئول «يُطفش» أى كفاءة جيدة ويمنع الانتفاع بها داخل الوطن.
لكن الظروف المادية والحياتية السيئة ربما تكون من أهم عوامل هجرة الكفاءات الجيدة؟
- وإذا كانت لدينا بطالة رهيبة بالنسبة لخريجى كليات الهندسة والفنون مثلًا، فلماذا لا نقيم مشروعات ضخمة تستوعبهم وتفيد الوطن؟. نحن نتحدث هكذا، بينما «اندونيسيا» لديها وزارة للصناعات الثقافية والسياحة. ألسنا أولى بأن تكون لدينا وزارة للصناعات الثقافية؟
قد يرى المسئولون فى ذلك بذخًا أو تبذيرًا؟!
- وحتى لو كُنّا نريد التوفير فمن الممكن أن ننشئ قطاعًا متخصصًا بوزارة الثقافة.
ولو أنشأنا هذه الوزارة أو القطاع، فعلى الأقل سيكون لدينا إحصائيات وخرائط ثقافية لمصر، ونوفر عملًا جيدًا للشباب، ونجنى أرباحا هائلة، لأن الصناعات الثقافية تشمل الفنون والأزياء والحرف اليدوية والأفلام والموسيقى والكمبيوتر والبرمجيات والألعاب التفاعلية والنشر.
ثم ان نظرية «التحدى والاستجابة» تعنى أن تكون لدينا مشكلة فنستجيب لها بحلول جيدة, من المبدعين وأصحاب الخيال الخصب الحُر.
يقولون إنهم هناك.. فى أمريكا يحرصون على وجود بعض كُتَّاب الخيال العلمى فى اللجان العلمية الخاصة بأهم وأخطر المشروعات العلمية، مثل «حرب الكواكب»؟
- لأن كُتّاب الخيال العلمى هم السبّاقون بخيالهم المبدع، فتجد أن «ﭽى إتش ويلز» يتخيَّل الغواصة و»آلة الزمن»، و»جول فيرن» يستخدم الصاروخ، فى بعض مؤلفاتهما، قبل أن يفكر أحد فى هذه الاختراعات.. وقبلهما بقرون يبتكر الفنان العبقرى «داﭭنشى» الطائرة.. والأمثلة كثيرة جدًا. وعندما سِيَر العلماء، نجد الخيال شيء أساسى فى حياتهم.
وقد يكون الخيال مبدعا، حتى فى الأحلام؟!
- أذكر -مثلا - حكاية عالم متخصص فى الكيمياء, كان مشغولًا بالتفكير فى حل علمى يتعلق بتطوير «البنزين».. وأخذه التفكير حتى نام.. ورأى فى منامه «حيَّة» تزحف، ثم تلتف حول نفسها لتعض ذيلها, فاستيقظ وقد ألهمته حركة الحية أنه ربما يكون قد أخطأ فى معادلاته بسبب ترتيب خطواتها, وأعاد التجربة بعدما عكس خطوات المعادلة، فنجحت، لكن الخيال الملهم لا يتأتى لأى شخص فى أحلامه، وإنما يزور العلماء والمبدعين الذين تعمل عقولهم ليل نهار على مدى شهور وأعوام، فتأتى أحلامهم أحيانًا كومضات عبقرية مبهرة.
ملايين البشر عبر التاريخ رأوا تفاحًا يسقط من فوق الشجر، لكن شخصًا واحدًا اكتشف نظرية علمية عبقرية عندما لاحظ تفاحة تسقط، ومن الجميل أن «نيوتن» كان أمينا عندما قال «إذا كنتُ قد رأيتُ أبعد من غيري، فذلك لأننى وقفت على أكتاف الذين سبقونى». لقد كان عبقريا، لا ينكر فضل العلماء الذين سبقوه، لكننا فى مصر لا نفعل مثل ذلك، فمن يأتى فى موقع سلطة مثلًا يسارع بمحو مَنْ سبقه!
لماذا يأتى كل مسئول – إلى السلطة- برجاله، ويزيح رجال من سبقه؟
- ربما لأنه يخشى أن يكونوا «جواسيس» وينقلون أخباره لمنافسيه أو أصحاب السلطة الأعلى. وهذا من العِلَل التى يجب التخلُّص منها، فالمسئول لن يُخلَّد فى منصبه، لكن تبقى المؤسسات. ومن يأتى فى منصب، عليه أن يجبر الناس على نقل أخبار طيبة عنه، من خلال عمله المخلص، ويترفّع عن هذه الأشياء التى تعيق التقدّم.
هل حركة الترجمة من اللغات الأجنبية وإليها كافية الآن؟
- ليس لدينا حركة ترجمة نشطة أو كافية، رغم وجود المركز القومى للترجمة وبعض السلاسل التى تنشر أعملًا مترجمة. فى المشروع القومى للترجمة، يطبعون ألف نسخة من الكتاب، ويطرحونها للبيع – بسعر مرتفع – ولا يفكرون فى زيادة الطبع والتوزيع إلا بعد نفاذها، غم علمهم بأن حركة البيع بطيئة ومحدودة جدًا، ولا أدرى السبب فى عدم تقديم «طبعات شعبية» بأسعار معقولة.
هل تستطيع الطبعات الشعبية أن تزيد البيع، وتواجه مشكلة القرصنة على الكتب الناجحة؟
- إن لم تحل الطبعات الشعبية أزمة الكتب، فهى تستطيع أن تساهم فى الحل. القارئ إذا وجد مطبوعة جيدة بسعر معقول، فسوف يزيد إقباله عليها. وليس من المعقول أن يتركها ليشترى نسخة مزيفة من المطبوعة نفسها وهو يعلم أن شخصًا قام بالسطو عليها وطبعها لحسابه دون علم مؤلفها وناشرها.
الطبعات الشعبية حتمية بالنسبة للكتب المهمة بالذات. لكن زيادة أسعار الكتب مرتبطة بارتفاع سعر الدولار والاستيراد. والمؤلم العجيب أن نستورد الورق وقد كان لدينا مصانع للورق منذ زمن طويل, ولا أدرى أين ذهبت هذه المصانع!
أليس غريبا أن يهتم المترجمون بالأعمال الأجنبية، حتى العادى جدا منها، ولبعض المجهولين، بينما الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية ضئيلة، وتكاد تنحصر فى حالات فردية تعتمد على التحركات والعلاقات الشخصية؟
- توجد أسماء كثيرة جدًا لا نعرفها, لكنها معروفة فى بلادها. وجزء من المشكلة أن المترجمين ربما يهتمون بأسماء أو بلاد بعينها، وهؤلاء الذين نجهلهم قد يكونوا فى اليابان أو الهند أو الصين وحتى أمريكا وانجلترا وفرنسا.
ونحن ليس لدينا ما نترجمه سوى الأدب, والبعض يهتم كالجامعة الأمريكية، حيث تترجم الأعمال الفائزة بجائزة نجيب محفوظ، لكننى أعتقد أن الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية أهم. والعمل – العربى – الجيد يفرض نفسه، ويجعل المترجمين يسعون إليه.
تطاير السباب واشتغل الغضب، عندما ذكرت مقولة «يفرض نفسه» لأحد كبار الكُتّاب!؟.
- لماذا؟!
لأنه أبدع وفرض نفسه، وهذا صعب، وسعى إليه مَنْ يريد ترجمة بعض أعماله، وهذا نادر، ثم إن «أولاد الحلال» تطوعوا بإبعاد و«تتويه» من يسعى إليه!؟
- نعم. هذا يحدث للأسف. وأذكر أن أحدهم أعدّ دراسة عن القصة القصيرة فى مصر، ولم يذكر أحد الأسماء المهمة، وعندما سألته عن سبب تجاهله، ضحك قائلًا «لم أكن أدرى»، رغم يقينى أنه يعرفه ويعرف قيمته جيدًا.
ما السبب فى اعتقادك؟
- «الشللية» وهى من آفاتنا الفظيعة، وبهذه الشللية تم رفع أدباء منخفضى القيمة، وخفض أدباء مرتفعى المستوى. والشللية قد تكون حسب التصنيف السياسى مثلًا، شيوعى أو ناصرى أو اشتراكى.. الخ.
أليس الانتماء «الإبداعى» أفضل وأولى؟!
- نعم. وأعتقد أننا تجاوزنا تلك الانتماءات السياسية، فتراجعت ولم تعد قوية كالسابق.
النقد يلاحقه الاتهام بأنه إما غائب أو حاضر فقط «للشلة» و«الحبايب»؟!
- نحن فى حاجة إلى مجلة أو أكثر، للاهتمام بالمتابعات النقدية. توجد مجلات جيدة تقوم بدور مهم مثل «فصول» و«تيارات» و«الثقافة الجديدة» و«إبداع»، لكنها ليست كافية ولا تلاحق الحركة الإبداعية كلها، كما أنها لا تخصص مساحات نقدية كبيرة، ولا مكان فيها لدراسة مستفيضة أو متابعة من عشر صفحات مثلًا. لكن يمكن للمبدع أن يقدم عمله للناقد مباشرة، وأعتقد أن حفلات التوقيع والندوات هى أفضل وسائل تنشيط النقد الآن. ثم أننا فى حاجة إلى جوائز للنقد. كيف تكون فى «قطر» جوائز مهمة للنقد ولا توجد مثلها فى مصر؟!
لماذا تنقرض بعض الجوائز بتلاشى سُلطة أو رغبة القائمين عليها، كجوائز «سوزان مبارك» لأدب الأطفال؟
- لا أحب الكلام عن هؤلاء الناس. لكن الجوائز مهمة جدًا بالطبع، ونطالب بها. هات السؤال التالى.
ما أهم المشروعات الثقافية التى يحتاجها الوطن والمواطن الآن؟
- الصناعات الثقافية والإبداعية، وعمل خريطة ثقافية لمصر، والمزيد من التبادل الثقافى بين مصر والدول العربية، والترجمة من اللغات الأجنبية وإليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.