إصطلاح الدور المسحور, صكه د. مصطفى الفقى عندما شعر أن هناك جيلا كاملا تم تجاوزه فى إلمشاركة السياسية لإدارة هذا الوطن, منبها إلى أن خبرات لا نظير لها فى الأجيال التى سبقتها ولايوجد من هو قادر على وضع علاج لخريطة المشكلات المعنوية والنفسية عند من يتولون إدارة عديد من المؤسسات ذات الصلة بإيقاظ الطاقات الإيجابية فى المجتمع. وأدعى لنفسى معرفة أساسية بقدرات مصطفى الفقى السياسية منذ أن كان عضوا بارزا فى اتحاد طلبة كلية الاقتصاد او فى منظمة الشباب الاشتراكى . وفرحت له عندما أصدر له الرئيس جمال عبد الناصر قرارا جمهوريا ليصبح ملحقا دبلوماسيا دون دخول الامتحان لأن براعته فى كل ما أسند إليه من مهام جعلت عبد الناصر بذات نفسه يكتشف القدرة السياسية لمصطفى الفقي, فهو على حد قول واحد من أقرب البشر قربا «لجمال عبد الناصر» يتميز مصطفى الفقى برؤية الايجابى سواء فى الشخص أو فى الموقف ويمكنه إيقاظ قوى القدرة على تنمية الإيجابى لدى الشخص الذى يتعامل معه .وعندما صدرت الكتب الثلاثة التى تحمل انطباعاته عمن التقاهم فى مشور الحياة رأيت السمة واضحة, سمة القدرة على إلتقاط الإيجابى فيمن التقاهم. وتغافل عن السلبيات التى قد يفخر غيره إن اكتشفها فى الشخصيات نفسها التى حكى عنها وأحاديث مصطفى الفقى عن الإيجابيات لا تخلو من لمحات عن السلبيات دون ان يركز عليها بما يجرح مشاعر من يكتب عنه. وأدعى لنفسى بأنى عاصرت مكتبةالإسكندرية منذ ميلادها ووقفت مشيدا بقدرات إسماعيل سراج الدين على تأسيس هذا الصرح النبيل ثقافيا وحضاريا، وكثيرا ما عبت عليه انغماسه فى عالمية مزيفة تزدحم ببريق أصحاب المكانات العلمية الشاهقة دون أن نستفيد نحن منهم أدنى فائدة. وعندما خلا منصب مدير المكتبة كنت الكاتب الوحيد المنتبه إلى رؤية حقيقة المكتبة كدور مسحور فى الثقافة المصرية والعربية وثقافة البحر الأبيض المتوسط. وتطابقت احتياجات المنصب مع قدرات مصطفى الفقى فطالبت بترشيحه لهذا المنصب لأنه القادر من وجهة نظرى على تمصير المكتبة بدلا من سباحتها فى المجهول الغربى المزاج. وطبعا انا لا أعرف أى مسئول عن إدارة مناصب المحروسة أو من يرشح لها، لكنها فكرة عن رجل درس تاريخ ما قبل 23 يوليو بأمانة تقدير الظرف التاريخى فقد قام بدراسة ما قبل يوليو عبر الماجستير والدكتوراه ثم استوعب خبرة يوليو عبر واحدة من مصانع الرجال فيها وأعنى بها منظمة الشباب وكان قد نجح فى دراساته بكلية الاقتصاد. ولم يبحث لنفسه عن مكانة أو مكان بل كان لبطرس غالى الجليل حقا وصدقا فرصة توجيهه لدراسة تجربة الهند فعمل بها لسنوات ثم عمل فى سفارتنا بلندن لسنوات, وعندما عاد كان هناك من يعرف معادن المواهب المسمى أسامة الباز فاختاره ليدير مكتب معلومات حسنى مبارك، ومكتب معلومات الرئيس هو قمة الجهاز العصبى للحكم فقد أداره السيد سامى شرف فى عهد عبد الناصر، وأداره أشرف مروان فى عهد السادات وأثق أن السادات قد اختاره ليكيد جماعة عبد الناصر التى كانت غير معجبة بزنق أشرف مروان. ووضع حسنى مبارك ايام توليه منصب نائب رئيس الجمهورية هذا المنصب فى يد من يجيد رفع أركان أى مسألة وهو اللواء مهنس سعد شعبان ولم يتم شغل المنصب بمن يليق به بعد تولى حسنى مبارك للحكم إلا مصطفى الفقى بما يملكه من قدرات على ألا تطغى صورته فوق أى موضوع أو قضية، ولكن كان يقدم أى قضية بكل جوانبها فضلا عن علاقاته المتعددة مع أغلب تيارات العمل العام. وعندما خرج من مكتب المعلومات كانت موهبته فى إدارة سفارتنا بفيينا كفيلة بجذب الانتباه لعقل مغموس بقلب عاشق يذوب رغبة فى رفعة هذا الوطن . وعندما خرج الشباب فى الخامس والعشرين من يناير لينزاح مبارك من سدة الحكم ولتتوه بوصلة الوطن بتولى المتأسلمين مقاليد الحكم لم يتوقف مصطفى الفقى عن الكتابة للتنبيه والتحذير. وعندما انزاح كابوس التأسلم من حكم مصر كانت رؤى مصطفى الفقى موجودة عبر مقالاته واتصالاته. وأمس كان لقاء المثقفين بمكتبة الإسكندرية وكنت مدعوا لولا ظرف صحى شديد الوطأة منعنى من الذهاب لألقى على أكتاف مصطفى الفقى مسئولية تقديم إيجابيات ما قبل ثورة يوليو التى درسها جيدا، ومعها إيجابيات ثورة 23 يوليو وليوضح لنا إضافات عبد الناصر الذى اقتحم بزعامته آفاق العالم الثالث حتى كادت ثلاث قارات تنصبه واحدا من أنبل زعمائها لكنه هو من اختار مقتله لاستغراقه فى فكرة الأمن أكثر من فكرة الإقدام العلمى لمواجهة المشكلات، فجاءه الانكسار المهول للقومية العربية لتنزوى من بعده فى ركن الذاكرة دون ان تجد لها منفذا للخروج للواقع. وارتبك حلم العدالة الاجتماعية بغواية عثمان أحمد عثمان للسادات بفكرة الانفتاح الذى نال تشخيصا لا يختلف عليه اثنان لأستاذنا أحمد بهاء الدين، فكان انفتاح السداح مداح وتكالبت ديناصورات أكل اللحم الحى باسم شركات توظيف الأموال. أما عن نهم الطبقة الجديدة من حوارى جمال مبارك الذين أفسدوا الكثير من فرص التقدم بزواج السلطة من رأس المال عن هذه الطبقة فقد أتيحت لمصطفى الفقى فرصة دراستها جيدا وبإتقان. وعندما تحدث عن الدور المسحور أيقنت ان ضمير ومستقبل هذا الوطن عاش أيضا فى هذا الدور المسحور. وعندما تولى مصطفى الفقى مسئولية مكتبة الإسكندرية أيقنت أن إيجابيات ما مضى يمكن أن تضعها المكتبة أمام أعيننا، وأن نرسم خريطة الخروج إلى نهار حلم به عموم المصريين فى الثلاثين من يونيو، وهذا ما كنت سأنبه له وأدعو لمناقشته فى اجتماع المثقفين الذى انعقد بمكتبة الإسكندرية أمس الثلاثاء وصباح اليوم الأربعاء لكن ظروفى الصحية كانت الحائل بينى وبين هذا اللقاء. ولكن ها أنا أبلغ بما كنت أفكر ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد. لمزيد من مقالات منير عامر