* مذكرات تفاهم لتشجيع الاستثمار وتنمية المهارات وتسهيل التجارة البينية * المنتدى الأوروبى الإفريقى يهدف إلى خلق مسار مستديم للتعاون المشترك تشهد العاصمة النمساوية فيينا اليوم، وعلى مدى ثلاثة أيام، نشاطا مكثفا مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الرسمية التى سيجرى فيها محادثات قمة مع المستشار النمساوى سيباستيان كورتز، ويشارك خلالها أيضا فى المنتدى رفيع المستوى بين أوروبا وإفريقيا. وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبيرة نظرا لاحتوائها على أكثر من بعد، سواء البعد الرئاسي، باعتبار أنها الزيارة الأولى على المستوى الرئاسى بين البلدين منذ أحد عشر عاما، أو البعد الأوروبي، باعتبار أنها تأتى فى ظل الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي، أو حتى البعد الإفريقي، بحكم أنها تأتى فى وقت تستعد فيه مصر لحمل لواء الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقى بداية من العام الجديد. ولمعرفة كل ما يتعلق بهذه الزيارة، والاجتماعات المقرر عقدها طوال أيامها الثلاثة، والنتائج المتوقعة لها، كان هذا الحوار مع السفير عمر عامر، سفير مصر لدى فيينا، ومندوبها الدائم لدى منظمات الأممالمتحدة فى العاصمة النمساوية. وإلى نص الحوار: بداية.. ما أهمية زيارة الرئيس السيسى من وجهة نظركم؟ تكتسب الزيارة أهمية خاصةً، باعتبارها الأولى لرئيس الجمهورية إلى النمسا، فضلاً عن أنها الزيارة الأولى على المستوى الرئاسى بين البلدين منذ أحد عشر عاماً. كما تكمن أهمية الزيارة فى أنها تنطوى على شقين أساسيين، الشق الأول أنها زيارة ثنائية، والثانى يتمثل فى مشاركة الرئيس فى أعمال المنتدى الأوروبى - الإفريقى الذى يعقد غدا وبعد غد بالمركز الدولى للمؤتمرات فى فيينا، وذلك بمبادرة من المستشار النمساوى سيباستيان كورتز، الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبي. وأود هنا التركيز على الشق الثنائي، لما ينطوى عليه من أهمية من حيث ترتيب مقابلات للرئيس مع الجانب النمساوي، وكذلك من حيث الموضوعات التى ستتم مناقشتها بين الجانبين، إلى جانب الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التى سيتم توقيعها على هامش الزيارة. وفيما يتعلق بالمقابلات الثنائية، يلتقى الرئيس السيسى الرئيس النمساوى فان دير بيلين فى مباحثات موسعة، ويعقب ذلك لقاؤه مع المستشار النمساوى كورتز بشكل منفرد، ثم مباحثات موسعة، يليها غداء عمل يستكمل فيه الزعيمان مباحثاتهما، كما سيشهد الزعيمان توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الجانبين، والتى تمت صياغتها لتشجيع الاستثمار وتبادل الخبرات وتنمية المهارات وتسهيل التجارة البينية بين الجانبين. وأود هنا أن أشير إلى توقيع مذكرة تفاهم حول التعليم العالي، وهو ما يعكس الاهتمام الذى توليه مصر لهذا الموضوع، إدراكا منها بأهمية التعليم، وتأكيدا على تشجيعها لجميع فرص دعم هذا المجال شديد الأهمية. كما يلتقى الرئيس أيضا رئيس البرلمان النمساوي، ومما لا شك فيه أن العلاقات البرلمانية بين الجانبين آخذة فى النمو، وسيشهد العام المقبل تكثيفا للزيارات البرلمانية المتبادلة بين الطرفين. وأود الإشارة إلى أن الزيارة تدشن مرحلة جديدة للعلاقات بين الدولتين، ليس باعتبار أن النمسا تعد الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبي، ولكن من منظور أنها تفتح آفاقا جديدة بين الطرفين من خلال استشراف مجالات غير تقليدية للتعاون، مثل الطاقة المتجددة وتحلية المياه، وتدوير المخلفات الصلبة، والصناعات التكميلية، وتطوير مستلزمات البناء، والمنتجعات الصحية، والتى تعرف بها النمسا، فالصناعات النمساوية شديدة التميز خاصة صناعات الحديد والصلب والسيارات، فضلا عن الاهتمام الأساسى بالصناعات الصغيرة والمتوسطة. أما الشق الثانى من الزيارة، فيناقش مجالات مهمة، خاصة التحول للعصر الرقمي، الذى تشتهر به النمسا، وكذلك الارتقاء بالتكنولوجيا، وتشجيع الميكنة، وهى موضوعات شديدة الأهمية ليس فقط لمصر وإنما للقارة الإفريقية. ما الرؤية التى سيطرحها الرئيس السيسى خلال أعمال المنتدي؟ أشكركم على هذا السؤال الذى أرى فيه أهمية كبيرة، حيث ستمثل الرؤية التى سيطرحها الرئيس طرحا جديدا تسعى مصر لتعريف المجتمع الدولى به، ويتوقع أن يلقى الرئيس السيسى كلمة تتضمن مفاهيم جديدة تعكس كيف تخطط مصر للتعامل مع التحديات التى تواجه المجتمع الدولي، خاصة فى المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية من خلال تعزيز أطر التعاون والشراكة مع الدول الصديقة، حيث تمثل مصر سوقا واعدة، وتضم إمكانات بشرية ضخمة يتم توظيفها حاليا على الوجه الأكمل، وذلك وفقا لرؤية مصر 2030. وسوف يسهم التحول إلى العصر الرقمى فى تطوير كفاءة تقديم الخدمات للمواطن، وتعظيم الاستفادة، وتحفيز الاقتصاد، وإيجاد فرص استثمارية، ولعلكم تابعتم منتدى شباب العالم الذى عقد أخيرا، وحجم الحراك والتفاعل بين الرئيس وبين الشباب، ونود التأكيد أنه لا يمكن لأحد أن يعمل بمفرده حاليا، وإنما لابد من التفاعل والتواصل من خلال الشراكات، الأمر الذى تابعناه باهتمام من خلال تعزيز التعاون بين مصر والدول الإفريقية، التى تمثل لنا العمق الإستراتيجي. ما النتائج التى تتوقعونها من هذه الزيارة؟ نتوقع الكثير من النتائج المهمة من هذه الزيارة موضوعيا، ليس فقط لأنها ذات شقين كما أسلفنا، ولكن من منظور كونها صفحة جديدة للعلاقات بين الطرفين، وتسمح بإيجاد مجالات تعاون غير تقليدية على النحو الذى تم توضيحه، بالإضافة إلى أنها تمثل فرصة جيدة للتعريف بالفرص الاستثمارية فى مصر، وما وصلت إليه من تقدم نتيجة لحزمة الإصلاحات الاقتصادية التى تبنتها الحكومة المصرية منذ عامين، وخلقت مناخا استثماريا جديدا وجاذبا ومطمئنا للمستثمر الأجنبي، وهو ما تؤكده المؤسسات المالية الدولية وانعكس فى التصنيف الاقتصادى لمصر خلال الفترة الماضية، بما يؤكد أننا نسير فى الاتجاه الصحيح، وأن المشروعات التى أطلقها الرئيس تمثل فرصة حقيقية للنهوض بمصر. وأتوقع أن تكون الزيارة بداية لزيارات كثيرة بين الطرفين، فالعلاقات بين الجانبين دائما ما كانت طيبة، ولدينا العديد من الأمثلة فى هذا الإطار، بدءا من سبعينيات القرن الماضي، فهى علاقات قائمة على احترام وود ومصالح مشتركة وتنسيق مستمر. كما أود أن أشير فى هذا الإطار إلى كثافة التشاور بين الجانبين، حيث قابل الرئيس السيسي، المستشار النمساوي، ثلاث مرات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، الأولى خلال زيارة المستشار النمساوىالقاهرة، والثانية فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والثالثة فى برلين، وهو ما يعكس التواصل النشط بين الجانبين، والمرشح للمزيد من الحراك الإيجابى خلال الفترة المقبلة. ذكرت لنا موضوع المنتدي.. فكم عدد الدول التى ستشارك فيه وما أهميته؟ يشارك فى المنتدى خمسون دولة من أوروبا وإفريقيا، حيث يشارك العديد من الرؤساء ونواب الرؤساء ورؤساء الوزراء من الدول الإفريقية، كما تشارك وفود رفيعة المستوى من الدول الأوروبية، حيث يحضر المنتدى رؤساء وزراء بلجيكا وبلغاريا وكرواتيا والتشيك وإستونيا وفنلندا والمجر ومالطا وهولندا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا، وهو ما يعكس اهتمام الطرفين وحرصهما على تعزيز التعاون بينهما، ويظل الأمر الأكثر أهمية هو إيجاد آلية متابعة قادرة على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه خلال المنتدي، وخلق مسار تعاون مستديم وغير لحظي، وهو التحدى الحقيقي. وكيف يمكن تحقيق هذه الاستدامة؟ إن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى العام المقبل هى الآلية الصلبة لضمان هذه الاستدامة، وكما تعلمون أهمية القارة الإفريقية لمصر، وحرص مصر على الأشقاء الأفارقة، الذين نتشارك معهم فى المصالح التى نحرص على الدفاع عنها، وأرى أن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى العام المقبل، إلى جانب ما سيسفر عنه المنتدى من نتائج، تمثل طريقا حيويا للطرفين، لاستكمال ما سيتطرح خلال اليومين المقبلين. أخيرا.. هل ينبع كل هذا الاهتمام من رئاسة النمسا الحالية الاتحاد الأوروبي؟ وهل يتوقع أن ينتهى هذا الاهتمام مع نهاية رئاستهم الاتحاد بنهاية الشهر الحالي؟ لا أتفق مع هذا الافتراض، وأقدر أن ما يتم من خطوات يمثل اهتماما حقيقيا ومؤسسيا نحو مزيد من التعاون مع الجانب الأوروبي، كما أقدر أن هذه الخطوات سيتم استكمالها ومتابعتها حتى بعد نهاية رئاسة النمسا الاتحاد الأوروبي، فالعلاقات بين الطرفين تستند لأساس قوي، وما نشهده اليوم من حراك يجسد مضمون هذه العلاقات، ويؤشر لمرحلة جديدة من تعاون غير تقليدى يسهم فى فتح صفحة جديدة من العلاقات، وهو ما نقدره تماما.