أسعار الأسماك واللحوم اليوم 26 أبريل    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    مايكروسوف تتجاوز التوقعات وتسجل نموا قويا في المبيعات والأرباح    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    «هنصحى بدري ولا متأخر؟».. سؤال حير المواطنين مع تغيير توقيت الساعة    المستهدف أعضاء بريكس، فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن الدولار    البنتاجون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ «ATACMS»    بلينكن ل نظيره الصيني: لا بديل عن الدبلوماسية وجهاً لوجه    عاجل - قوات الاحتلال تقتحم نابلس الفلسطينية    سيول جارفة وأتربة، تحذير شديد اللهجة من الأرصاد بشأن طقس اليوم الجمعة    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    سرقة أعضاء Live.. تفاصيل صادمة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    "أكسيوس": مباحثات سرية بين مصر والاحتلال لمناقشة خطة غزو رفح    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأورطة المصرية فى حرب المكسيك
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 12 - 2018

عندما زرت المتحف الوطنى للمكسيك فى عام 1985استرعت انتباهى لوحة ضخمة بعرض الحائط تحمل صورا لجنود يرتدون الملابس العسكرية التى ارتداها الجنود المصريون فى القرن التاسع عشر، وكانت ملامحهم مألوفة لدى واتسم لون بعضهم بالسُمرة ولبس آخرون عمامة على رءوسهم. وعندما سألت عن مغزى تلك اللوحة كانت الاجابة بأنها تسجل مشاركة المصريين فى حرب المكسيك. وهى المشاركة التى تعود إلى أعوام 1863- 1867 والتى وثقها الأمير محمد عمر طوسون فى كتاب له بعنوان: بطولات الاورطة السودانية المصرية فى حرب المكسيك، الذى صدر عام 1933 وتضمن قائمة بأسماء الضباط والجنود الذين شاركوا فى الحملة والمدن والقرى التى جاءوا منها. وبلغ من دقة المؤلف فى توثيق تلك الحملة انه كتب مقالا فى جريدة الأهرام قبل إصداره الكتاب بعدة سنوات دعا فيه اسر واقارب الضباط والجنود الذين شاركوا فيها لتزويده بأى معلومات او تفصيلات تكون لديهم. وترجع هذه المشاركة إلى ظروف الصراعات السياسية والحروب الداخلية التى شهدتها المكسيك خلال الفترة 1858 - 1861 بين القوى المحافظة التى أرادت استمرار النظام الملكى بدعم من الكنيسة الكاثوليكية وقوى التغيير التى تأثرت بالثورة الأمريكية وسعت إلى إسقاط الإمبراطور وإقامة نظام جمهوري. وتحقق للثانية الانتصار. لم ترحب النظم الملكية الأوروبية بهذا التطور وقاد نابليون الثالث حملة العداء للنظام الجديد فى المكسيك وكسب إلى صفه بريطانيا وإسبانيا وأبرموا اتفاقا فى أكتوبر 1861وبدأت الدول الثلاث فى الإعداد لاحتلال المكسيك وإعادة النظام الملكى إليها. وبررت تلك الدول مسلكها باعتداءات الحكومة المكسيكية الجديدة على رعاياها ومصالحها وأنها امتنعت عن سداد أقساط الديون المستحقة عليها فى يوليو 1861.
وبالفعل ارسلت الدول الثلاث أساطيلها وجنودها واحتلت جزءا كبيرا من سواحل خليج المكسيك، ولكن بسبب ظروف الطبيعة القاسية ودرجات الحرارة المرتفعة وانتشار البعوض ومرض الحمى الصفراء الفتاك سرعان ما انسحبت القوات الإسبانية والبريطانية فى مارس 1862. وظلت القوات الفرنسية بمفردها، التى استطاعت هزيمة الجمهوريين ودخول العاصمة فى يونيو 1863 وتنصيب ماكسميليان إمبراطورا. الأمر الذى واجهته القوى الجمهورية بالرفض لأنه غير مكسيكى ومجرد أداة فى يد فرنسا. وعندما ساء موقف القوات الفرنسية واحتاجت لدعم عسكرى طلب نابليون الثالث من محمد سعيد باشا والى مصر العون. جاء هذا الطلب بحكم العلاقات الودية التى ربطت سعيد باشا بالفرنسيين وربما لاعتقاد نابليون بأن الجنود المصريين سيكونون أكثر قدرة على تحمل جو المكسيك. واستجاب سعيد باشا للطلب وأرسل فى 1863 أورطة «أى كتيبة» تكونت من 453 ضابطا وجنديا من المصريين والسودانيين بقيادة البكباشى جبر الله محمد أفندى ونائبه اليوزباشى محمد ألماظ افندي. غادرت الأورطة ميناء الإسكندرية فى يناير على ظهر السفينة الفرنسية لاسين التى وصلت إلى المكسيك بعد 47 يوما من الإبحار. تعرضت الأورطة فى بداية عملها لعديد من المشكلات. كان منها مشكلة اللغة وعدم المعرفة بالفرنسية، مما دفع قائد الجيش الفرنسى إلى استخدام بعض الجزائريين الذين كانوا فى صفوف قواته للعمل كمترجمين. ومنها أن بنادق المصريين كانت من طراز مختلف عن تلك التى استخدمها الفرنسيون مما أوجد مشكلة فى توفير الذخائر اللازمة لاستخدامها فتم توزيع بنادق فرنسية عليهم. ومنها مرض الحمى الصفراء الذى فتك بالبعض وكان منهم قائد الأورطة البكباشى جبر الله فحل محله نائبه. ومنها نوع الطعام المقدم وكميته وبعد تذليل تلك العقبات شارك أفراد الأورطة بشجاعة وبسالة وضراوة فى عشرات المواجهات والمعارك العسكرية واتسم سلوكهم بالانضباط المحكم والالتزام بالتقاليد العسكرية والتنفيذ الدقيق للخطط واليقظة فى كل الأوقات مما استرعى إعجاب القادة الفرنسيين الذين سجلوا ذلك فى تقارير عديدة رفعت إلى الحكومتين الفرنسية والمصرية حتى إن أحد القادة الفرنسيين وصفهم بأنهم ليسوا رجالا مقاتلين.. إنهم أسود كما سجلت ذلك شارلوت زوجة الإمبراطور التى جاءت من أوروبا لزيارة زوجها وتولى أفراد من الأورطة المصرية مسئولية تأمينها وحمايتها. وقام بعض أفراد الأورطة بعدد من المهام التى شملت حماية طرق القوافل التى حملت الزاد والمؤن العسكرية والمشاركة فى حصار مدينة يويبلا التى كانت ثانى أكبر مدينة فى المكسيك وقتذاك ودخولها فى مايو1863 وتأمين طريق الاتصالات بينها والساحل وحماية عملية إنشاء ومد خط سكة حديد جديد. لذلك كان من الطبيعى أن يكون من بين القوات التى رافقت القائد الفرنسى بازين عند دخوله العاصمة فى يوليو 1863 أعداد من الأورطة المصرية وأن يشاركوا فى العرض العسكرى الذى أقيم بهذه المناسبة.
وأشاد القائد الفرنسى بأدائهم وسلمهم شارات صفراء تعلق على الذراع لتمييزهم عن الآخرين وحصل بعضهم على مكافآت مالية. وفى مناسبة أخرى تم تقليد الأمباشى عبدالله حسين بميدالية تقديرا لبسالته. وفى عام 1865 وضعت الحرب الأهلية الأمريكية أوزارها وأبدت الحكومة الامريكية دعمها للجمهوريين وطلبت من فرنسا سحب قواتها وأظهرت تصميمها فى هذا الشأن بتحريك بعض قواتها فى 1866 صوب الحدود المكسيكية، فقرر نابليون الثالث سحب قواته تاركا ماكسيمليان يلاقى مصيره فتمت محاكمته وإعدامه فى يونيو من العام التالى. غادرت الأورطة المصرية المكسيك فى فبراير 1867 وتوقفت فى فرنسا ووصلت إلى باريس فى أبريل، حيث قامت بعرض عسكرى شهده نابليون الثالث وشاهين باشا الذى تولى نظارة الجهادية «وزارة الحربية» فى عام 1879- وقام الامبراطور بتوزيع أنواط الشرف العسكرية وصافح قائد الحملة محمد ألماظ أفندى وقلده وساما عسكريا رفيعا.
وفى الشهر التالى وصلت الأورطة إلى ميناء الإسكندرية وتم تنظيم استقبال رسمى وشعبى كبير لها كان عدد العائدين 316 من أصل 453. وأصدر الخديو إسماعيل قرارات بصرف معاشات لأرامل وعائلات شهداء الجيش المصرى وترقية الجنود والضباط ورُقى محمد ألماظ إلى رتبة الأميرالاي، وفى 28 مايو تم تنظيم عرض عسكرى حضره الخديو وكبار المسئولين فى باحة قصر رأس التين. تلك صفحة من صفحات تاريخ الجيش المصرى فى القرن التاسع عشر، التى تضمنت مشاركة قواته فى حروب فى اليونان والقرم وشبه الجزيرة العربية والشام والمكسيك التى وضعت الأساس لتقاليد عسكرية محكمة مازالت مستمرة حتى اليوم.
لمزيد من مقالات د. على الدين هلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.