أطلق رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس جائزته الثقافية فى عام 2005 لتتحول فى غضون سنوات قليلة إلى واحدة من أبرز وأهم الجوائز الثقافية فى مصر والوطن العربى، مقدما بذلك نموذجا للدور الذى ينبغى أن يقوم به رجال المال والأعمال، فى خدمة المجتمع بشكل عام وحركة الوعى والإبداع على نحو خاص.. قدمت الجائزة على مدى أكثر من عشر سنوات، العديد من الأصوات الأدبية المعتبرة فى مختلف ألوان الفنون الإبداعية، من رواية وقصة قصيرة وسيناريو، وكتابات مسرحية ونقد أدبى، إلى جانب تكريمها لعدد غير قليل من كبار الأدباء، وهو الأمر الذى كان يمنحها مع كل دورة زخما ثقافيا جديدا، أزال مع مرور الوقت كثيرا من الالتباسات، التى تسللت منذ بداية إطلاقها إلى نفوس قلة من الأدباء الشبان، هؤلاء الذين ظلوا لسنوات ينظرون إلى الجائزة، باعتبارها محاولة مكشوفة من قبل «الرأسمالية المتوحشة»، ممثلة فى رجل الأعمال المعروف، لاختراق دنيا الثقافة والأدب، وكأن تلك الرأسمالية العابرة للقارات، فى حاجة إلى مثل هؤلاء كى تزيد من بسط هيمنتها على الوعى الكونى، وما يمكن أن تلعبه الرواية أو القصيدة وفق هؤلاء من تحديد لمصائر الشعوب.. ما زلت أذكر هنا تلك الواقعة الطريفة التى جرت قبل أكثر من عشر سنوات، ولعل رجل الأعمال نجيب ساويرس يتذكرها حتى اليوم، وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه، عندما حضر أحد المعارض الفنية للصديق الفنان الكبير الراحل حامد العويضى، وقد روى لى هو بنفسه ذات ليلة ما دار فى تلك الليلة، عندما أحرج قوميسير المعرض على الهواء مباشرة، بطريقته الصعيدية المباشرة، عندما لمح الإعجاب فى عيون رجل الأعمال الكبير بإحدى لوحات المعرض، ليخبره بأن سعرها يزيد على ثلاثين ألف جنيه، بينما سعرها الحقيقى لا يزيد على ثلاثة آلاف جنيه، فما كان من العويضى إلا أن فضح الملعوب، واتهم القوميسير باللصوصية، ليهدى ساويرس اللوحة مجانا، نكاية فى مدير قاعة العرض.. على مدى سنوات فاز بجائزة ساويرس ست عشرة رواية، بفرع كبار الأدباء، ونحو 30 رواية أخرى بفرع شباب الكتاب، إلى جانب أكثر من عشرين سيناريو فى فرعى كبار وشباب الكتاب، وثمانية عشر نصا مسرحيا، وسبعة أعمال فى مجال النقد الأدبى، وهو أحد الفروع الجديدة التى أضيف لجائزة، باتت توازى إن لم تتفوق، على جوائز أخرى معدودة، تقدمها المؤسسة الثقافية الرسمية فى مصر.. إننى أثمن هنا ما أعلنه رجل الأعمال الكبير قبل أيام، أثناء توزيع جائزة شعر العامية، من تحويل منزل الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم فى منطقة مساكن الزلزال بحى المقطم إلى متحف، وهى بكل حال خطوة محمودة من قبل صاحب الجائزة، ولعل ذلك النجاح الكبير لجائزته على مدى السنوات الماضية، يدفعه لأن يفكر فى إطلاق جائزة أخرى موازية، فى مجال الابتكار العلمى، وأن تتبنى شركاته العديد من الاختراعات التى يتقدم بها كثير من العباقرة الشبان فى مصر، ويكون مصيرها دائما إلى غياهب النسيان، فى ظلمات أرشيف مكتب براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمى. لمزيد من مقالات أحمد أبو المعاطى