لدينا إصرار لا يلين على إثارة القضايا الجدلية التى ينفخ فى نارها البعض، ولا تكاد تهدأ جذوة قضية (معظمها يصنف تحت عنوان توافه الأمور) حتى ننشغل بأخرى فى تلاحق رهيب يأخذ ما يأخذ من مداخلات المشاهدين فى البرامج الفضائية بالتزامن مع مشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعى غالبا ما تشتعل بالتلاسن والخروج عن النص. وأحدث تلك الشواغل التى لا تزال تحتفظ بإثارتها المجتمعية ذلك الجدل حول تصدير مصر للكلاب والقطط، وهو ما أشعل صدامات جدلية كان أكثرها تشويقا ذلك التخبط الحكومى فى التعامل مع القضية، ففى حين تصدى مسئول كبير بوزارة الزراعة للقضية مع تكشف خيوطها قبل شهور ليعلن صراحة أنه لا توجد قوانين أو معاهدات دولية تمنع تصدير القطط والكلاب، لافتًا إلى أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة للوزارة أجرت فحوصاتها على تلك الحيوانات للتأكد من مدى صحتها، وخلوها من مرض السعار. وفجر المسئول مفاجأة بأنه تم بالفعل تصدير شحنة تشمل 2400 قطة و1700 كلب، خلال شهرَى سبتمبر وأكتوبر الماضيين! وبعد الكشف عن سابقة اقتحام مصر للأسواق التى تقبل على لحوم الكلاب والقطط، تراجع المسئول عن تصريحاته تحت وطأة الجدل الذى بلغ حد مطالبة نائبة بالبرلمان باستدعاء رئيس الوزراء ووزيرى الزراعة والصحة لاستجوابهم واستجلاء الحقيقة. ومما زاد الطين بلة، دخول جمعيات حقوق الحيوان على الخط وتحذيرها الحكومة من إدراج مثل تلك الصادرات فى خططها الاقتصادية لجنى العملة الصعبة. وبالطبع لم يسلم الأمر من محاولة البعض إضفاء الطابع الدينى على المسألة، وبالرغم من عدم وجود فتوى شرعية تضبط الأمر فإن بعض الشيوخ يميلون تحت مسئوليتهم الشخصية لتحريم تصدير لحوم الكلاب والقطط على أساس أن ما نحرمه على أنفسنا لا نحلله للآخرين. وفى ظل عدم وجود تحريم قرآنى صريح لهذا النشاط التصديري، أستعجب موقف من يستنكر تصدير مصر للكلاب والقطط، ولا يدين المجتمعات التى تتناول لحومها مثل الصين وتايلاند، نحن فى أمس الحاجة لأى دعم للناتج القومي، وإلا فلنتوقف عن تصدير الضفادع وقنديل البحر وجلد الحمير، ولمن لا يعلم فنحن من أهم مصدرى تلك الشحنات! [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين