تنسيق دبلوم السياحة والفنادق 2025.. موعد التسجيل والكليات المتاحة لنظام 3 سنوات    ننشر مواعيد امتحانات الدور الثاني بمحافظة القاهرة    الداخلية السورية تكشف حصيلة دامية في السويداء وتتوعد بالحسم (فيديو)    على هامش قمة الاتحاد الافريقي| القارة السمراء كنز العالم من الموارد.. 50% من احتياطيات المنجنيز العالمية و80% من البلاتين و47% من الكوبالت والنفط والغاز    وزير الخارجية الروسي يغادر كوريا الشمالية بعد زيارة استغرقت3 أيام    10 صور ترصد موقف غريب لترامب أثناء تتويج تشيلسي ببطولة كأس العالم للأندية 2025    درجات الحرارة اليوم الإثنين في مصر    حميد الشاعري يتألق في افتتاح المسرح الروماني (فيديو)    شعبة الذهب: المعدن الأصفر يسجل مكاسب للأسبوع الثانى    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الاثنين 14-7-2025 بعد هبوطه في 8 بنوك    ترامب يتهرب من الرد على سؤال حول العقوبات الجديدة ضد روسيا    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الإثنين 14 يوليو    بعد بيان الأهلي.. إبراهيم المنيسي يكشف مصير بيع إمام عاشور.. وجلسة حاسمة    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية اليوم الإثنين 14 يوليو 2025    تنسيق معهد فني تمريض والدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات القبول ورابط تسجيل الرغبات    تطورات «الضبعة النووية» بعد تركيب المستوى الثالث لوعاء احتواء المفاعل الثاني    المهرجان القومي للمسرح يختتم ورشة "التذوق الموسيقي" ويمنح شهادات مشاركة للمتدربين    انطلاق أولى جلسات المحور الفكري بمهرجان المسرح تحت شعار «تحولات الوعي الجمالي»    ألمانيا: لن نزود أوكرانيا بصواريخ «تاوروس»    ترامب يعرب أن أمله في التوصل إلى تسوية بشأن غزة خلال الأسبوع المقبل    أسعار مواد البناء بالأسواق اليوم الإثنين 14 يوليو 2025    السودان.. مقتل 18 شخصا بينهم أطفال في هجمات قوات الدعم السريع قرب بارا بشمال كردفان    تطبيق الهيئة الوطنية للانتخابات.. استعلم عن لجنتك في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    ب لقطات جديدة.. عمرو يوسف يروّج لفيلم «درويش».. ويعلن موعد طرحه في السينمات    ترامب: آمل التوصل إلى اتفاق بشأن غزة الأسبوع القادم    «هنشر المحادثة».. أول رد من محمد عمارة على تهديد شوبير وبلاغ النائب العام (خاص)    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    تعليق مثير من وسام أبو علي بعد قرار الأهلي الجديد    وزير العمل: القانون الجديد قضى على استمارة 6 سيئة السمعة.. والحكم خلال 3 أشهر من النزاع (فيديو)    «هتتحاسب».. شوبير يوجه رسائل نارية ل كريم حسن شحاته بسبب «مكالمة الخطيب»    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    مي كساب تنشر صورا جديدة من حفل زفاف حفيد الزعيم عادل إمام    مطار "لندن ساوث إند" يعلق جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ركاب صغيرة    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    الكهرباء: عودة 5 وحدات غازية للعمل بمحطة الشباب المركبة بالإسماعيلية    حزب المؤتمر: وضعنا خطط عمل مشتركة للوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    9 صور لتسليم ترامب جوائز نهائي بطولة كأس العالم للأندية للاعبين    فقد أعصابه.. إنريكي يعتدي على جواو بيدرو بعد خسارة نهائي كأس العالم للأندية    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    حدث بالفن | عزاء المخرج سامح عبدالعزيز ونقل لطفي لبيب إلى المستشفى    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزيادة السكانية .. «أزمة» لم تجد حلا..
«التوعية» ضرورة لنجاح برامج تنظيم الأسرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 11 - 2018

* د. أيمن زهرى: أرفض الحوافز السلبية فهى غير دستورية وغير أخلاقية
* د. هبة نصار: الحد من زيادة السكان هو أفضل استثمار.. ولم أجد برنامجا واضحا للحكومة للتعامل مع الأزمة
* مقرر المجلس القومى للسكان: حل الأزمة دور الدولة «كلها» وليس وزارة الصحة فقط


لم يترك الرئيس السيسى مناسبة إلا وتحدث عن خطر الزيادة السكانية، كذلك الحكومة كثيرا ما تحذر من الزيادة السكانية وأنها تلتهم كل جهود التنمية والإصلاح التى تقوم بها، ولم يقف البرلمان موقف المتفرج، فكثيرا ما وجدنا تصريحات لنواب بتقديمهم مشروعات قوانين تحد من هذه الزيادة، وإن كانت تصب كلها فى حرمان الطفل الثالث من الدعم، أو إلغاء مجانية التعليم والصحة وغيرها، وهى كلها حوافز سلبية، تضر أكثر مما تنفع.
لكن على الجانب الآخر، ومع كل ما سبق، يبقى التساؤل: هل فشلت خطط تنظيم الأسرة فى تحديد النسل فى مصر؟ وإذا لم تفشل، فلماذا لم نشعر بجدوى هذه البرامج التى تم تنفيذها؟ وهل الحل فى إقناع المصريين بفكرة تنظيم الأسرة بطرق غير تقليدية وسط ظروف حياتية واقتصادية صعبة؟ ولماذا زاد تعداد المواليد بشكل كبير جدًا فى السنوات الأخيرة؟ وهل الحكومة الحالية وضعت خططا طويلة وقصيرة المدى لمجابهة هذه الزيادة؟ أسئلة كثيرة حاولنا الإجابة عنها فى هذا التحقيق..

بداية ينفى د. أيمن زهرى خبير الدراسات السكانية، فشل برامج الحد من الزيادة السكانية، لكنه يعترف بأنها لم تحقق المأمول منها، وأنها أدت إلى نجاحات كبيرة حتى ثورة 25 يناير، بدليل انخفاض معدل الخصوبة فى مصر عن سنة 1980، حيث كان المعدل وقتها 5.3 مولود لكل سيدة، ووصل قبل الثورة إلى 3 مواليد لكل امرأة، وكنا نأمل أن نهدف إلى أن يكون مولودين لكل سيدة، وذلك منذ إنشاء المجلس القومى للسكان عام 1985، ودائما كنا نقوم بترحيل الأهداف، فلنا أن نتخيل لو لم تنخفض معدلات الخصوبة لكانت الزيادة السكانية الآن ضعفى الحالية. لكنه يعترف بأن كل البرامج فشلت فى إقناع المواطنين بتبنى فكرة أسرة صغيرة، ويعزو ذلك إلى عدة أسباب، منها أسباب مجتمعية ودينية، مرتبطة بالتكاثر والتناسل، لكن السبب الرئيسى من وجهة نظرى مرتبطة ببنية المجتمع نفسه الرافض لفكرة الأسرة الصغيرة، كالنظر إلى المرأة وأن دورها الأساسى هو التناسل، والنظر كذلك إلى الأسرة والتنوع فيها من الذكور والإناث، وارتباط القرية بالذكور والتباهى به، فهو لا يقبل ألا يكون لديه ولد، فبالتالى يسعى دوما إذا رزق بإناث أن يفكر فى إنجاب ولد. ويعترف كذلك د. زهرى أن خطط الحد من الزيادة السكانية كانت خططا عامة لكل ربوع مصر، ولم يحدث استهداف للمناطق بحسب المحافظة أو المركز الأعلى خصوبة إلا منذ سنوات قليلة فقط، كما أن توقف الدعم لهذه البرامج كان سببا فى عدم نجاحها النجاح المأمول، فكل وسائل تنظيم الأسرة كانت من خلال الدعم والتمويل من المعونة الأمريكية.
شماعة
ويرفض د. أيمن أن نتهم الزيادة السكانية بأنها سبب فى عدم شعور المواطن بثمار التنمية والمشروعات الاقتصادية، ويصفها بأنها شماعة، فكثير من الجهات فى مصر تقوم بمسح سكانى سواء الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أو الأمم المتحدة والمركز الديموجرافي، كل هذه الهيئات تتوقع الزيادة السكانية حتى عام 2100، إذن الزيادة السكانية بأرقامها معروفة منذ زمن بعيد، ولم تحدث فجأة، فلا خلاف أن الزيادة السكانية تلتهم أى تنمية اقتصادية، نحن نعرف ذلك، لكننا نعرف أيضا معدل الزيادة السكانية فى مصر منذ عشرات السنين، وبالتالى ليس هناك حل سريع للأزمة السكانية، بل الحل هو أن نشعر بنتيجة الحد من الزيادة السكانية بعد سنوات من العمل على برامج ناجحة لتنظيم الأسرة، ولن ينخفض المعدل السكانى قبل 20 سنة على الأقل، لأن ذلك مرتبط بما يسمى » الزخم السكاني« وهو يعنى أنه مهما انخفضت الخصوبة فإن المواليد الجديد يشكلون ما يسمى بالزخم السكاني، فتكون نسبتهم إلى عدد السكان عالية، فنسبة الأطفال والشباب فى مصر هى أعلى الفئات السكانية، فالفئة العمرية من 15 سنة إلى 25 تصل إلى 19% وهؤلاء فى عمر الزواج، فلو تم زواجهم وقاموا بتكوين أسرة حتى من طفل واحد يكون الناتج مثلهم أيضا، وبالتالى يكون التنظيم من بعد هذا الجيل حتى تشعر بانخفاض سكاني.
حوافز سلبية
ويحذر د. زهرى من فرض حوافز سلبية واتباع أسلوب التهديد، حتى ولو اتبعتها دول بعينها مثل الهند والصين، لأن زمنها مضي، وهى برأيى غير أخلاقية وغير دستورية أيضا، كما أن الحوافز السلبية وإن كان فى ظاهرها معاقبة الأب أو الأم فإنها فى حقيقتها معاقبة للطفل، فالتهديد بمنع الدعم عن الطفل الثالث بحسب ما يراه البعض ليس حلا، فأنت فى هذه الحالة تعاقب الثلاثة وليس طفلا واحدا.
التنموى واجه عقبات
د. هبة نصار نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، وأستاذة الاقتصاد بكلية اقتصاد وعلوم سياسية والمتخصصة فى دراسات الفقر، قالت: برامج الحد من الزيادة السكانية بدأت فى الستينيات بقوة، وكان هناك أكثر من منهج سكانى بحت، ثم بعد ذلك اقترن منهج البحث بمنهج تنموي، من خلال جهاز تنظيم الأسرة، وكان مسئولا عن كل ما يخص الأسرة، فضلا عن وجود منح عديدة ومراكز بحثية متعددة، وكان أكثر الفئات تجاوبا مع هذه البرامج هى الفئة المتوسطة وأعلى من المتوسطة، بينما الفئة منخفضة الدخل للأسف نتيجة لظروف اقتصادية عديدة، أصبح الطفل لديهم هو مصدر دخل بالنسبة لها إلى حد كبير إلى جانب ظروف اجتماعية وعادات مرتبطة بهذه الفئة.
وتشير إلى أن منهج السكان نجح إلى حد بعيد لكن منهجى السكان والتنمية هو الذى لم يحالفه الحظ فى النجاح، وذلك لأسباب منها ما يرتبط بالتعليم وآخر بتمكين المرأة وتوفير فرص عمل لها، إضافة إلى عوامل اجتماعية واقتصادية أخرى لها دور فى فشل برامج الحد من الزيادة السكانية، كما أن برامج الحماية الاجتماعية لم تشمل كل المناطق وبالتالى لم يحدث تغييرا للعادات المرتبطة بالنسل، ولا يقتصر الأمر على الفئة الفقيرة، بل هناك ظاهرة التباهى عند الأسر الثرية، وبدأوا فى التفاخر بثلاثة وأربعة أولاد.
وتفسر د. هبة أسباب الزيادة السكانية خلال السنوات الأخيرة، بأنه عقب الثورة لم يكن هناك أى حديث عن أزمة الزيادة السكانية، بل كانت هناك أوامر بعدم الحديث حول هذه الأزمة، وكان يمنع على طلبة طب تنظيم أى ملتقى أو حديث يدور حول هذه المشكلة، فكانت أشبه ب » تابو« لا يجوز الاقتراب منه، وكان المطلوب هو ترك الناس يفعلون ما يشاءون، ثم جاءت فترة الإخوان لتكون وبالا على أزمة السكان، حيث تم التشجيع على زيادة النسل، ومن ثمّ ارتفعت معدلات المواليد بشكل كبير.
توسيع الإنفاق
وترى د. هبة أنه لابد من توسيع الإنفاق على برامج تنظيم الأسرة، فكل الدراسات فى هذا المجال أجمعت على أن ذلك أفضل استثمار، وأنها تدر عائدا كبيرا جدا، فهى قارنت ما بين تكاليف الإنفاق على هذه البرامج وتكلفة ماذا لو لم تتم هذه البرامج وحجم الإنفاق على المواليد كل سنة ومن تعليم وصحة ورعاية إلى آخره، كذلك فإن طفرة السكان خلال السنوات الماضية لم يقابلها زيادة فى عدد المدارس أو المستشفيات، برغم معرفة أجهزة الدولة بهذه الزيادة، فكانوا يعرفون ما يسمى ب «هبة ديمغرافية» وهذه الهبة قد تكون نقمة وقد تكون نعمة، نعمة من خلال توفير فرص العمل والتعليم والصحة، ونقمة من خلال التسرب من التعليم والبطالة.
والمطلوب فى رأى د. نصار هو أن نسير فى اتجاهين متوازيين، الأول: أن نوجه كل طاقاتنا إلى تحسين التعليم، وليس المنظومة التعليمية، وذلك من خلال زيادة الفصول والمدارس والمعلمين والاهتمام بالجودة المقدمة، وذلك من خلال حملات كبيرة من أجل ذلك، فهو الوحيد القادر على كبح جماح هذه الزيادة، والمحور الثانى هو توفير فرص عمل من خلال سياسة تشغيل جديدة واستثمار هدفه توفير التشغيل بعقود طويلة ودائمة، ويتوازى مع ذلك برامج جديدة لتنظيم الأسرة واعية تتناسب وظروف المجتمع.
أين خطة الدولة؟
فى كل أحاديث الحكومة والمسئولين عن الزيادة السكانية، لم تجد د. هبة خطة واضحة للدولة تجاه التعامل مع هذه القضية، وذلك بصفتها أحد المتخصصين والمتابعين لهذه القضية منذ زمن طويل، فلم نجد خطوة واضحة المعالم، فكل ما يتم فتح هذا الموضوع فى المجلس النواب لا نجد سوى تصريحات نواب ومشروعات قوانين، ثم تهدأ القضية بعد ذلك، على عكس قضايا الاقتصاد والاستثمار فى مجلس النواب نجد مناقشتها وإقرارها سريعا، ولا يوجد تفسير عندى لذلك غير أنه قد يكون مرتبطا بالمجتمع أكثر، أو لا تريد الدولة مناقشة قوانين تزيد من الحوافز السلبية، بخلاف خطوة منظومة التعليم، لكنها تظل تحت التجربة، فالمطلوب أن تعقد مؤتمرات فى كل المحافظات تنشغل بقضية واحدة هى » السكان والتعليم والتشغيل«
الزيادة السكانية والإرهاب
د. عمرو حسن مقرر المجلس القومى للسكان أكد أن الزيادة السكانية أصبحت مشكلة كبيرة تؤرق جميع المسئولين بدءا من الرئيس السيسى وحتى أصغر مسئول، ولعل أخطر ما صرح به الرئيس فى هذه القضية، تصريحه العام الماضى فى منتدى الشباب فى الإسكندرية حين قال بوضوح تام »إن الإرهاب والزيادة السكانية هما أكبر خطرين يواجهان مصر« وكان ذلك بمثابة إنذار شديد الخطورة لحجم المشكلة السكانية، ولم يترك الرئيس مناسبة إلا وحذر من هذه القضية، لكن يبقى تصريحه عن الإرهاب والزيادة السكانية هو الأخطر، ومن هنا ينبغى أن نعلم أن الزيادة السكانية ما لم يصاحبها تقديم تعليم جيد وصحة جيدة وتكون منتمية للوطن فإنها تصبح وقودا للإرهاب، وتهدر جهود الدولة فى محاربة الإرهاب، حيث إننا بتركنا الزيادة السكانية فإننا نزرع بذورا للإرهاب كل يوم، فدائما أقول: إن أسهل إنسان تستطيع السيطرة عليه وتجنيده هو «العقل الفاضى واللى جيبه فاضى وقلبه فاضي». ويضيف د. عمرو أن الثقافة المصرية تجاه الزيادة السكانية آن لها أن تتغير، فكثير من الناس حين تتحدث عن الزيادة السكانية يكون جوابه لماذا لا تنظر إلى الصين، ويغفل تماما أن الزيادة السكانية فى مصر أصبحت خمسة أضعاف الدول المتقدمة، ويغفل تماما أن كل مولود هو فى حاجة إلى فصل دراسى جديد، وإلى مكان فى المستشفي، وإلى شقة خاصة به فى المستقبل، كما يغفل أيضا أن الصين برغم عددها الكبير فإنها استطاعت عبر الدولة وعبر الأفراد أن تتغلب على مشكلات الصحة والتعليم والتشغيل، كما أنها ليست مستمرة فى الزيادة السكانية، حيث أقرت قوانين منعت بها الزيادة السكانية، كما أن معدل الزيادة السكانية فى مصر أعلى بكثير من معدل التنمية الاقتصادية. وأشار إلى أنه خلال الفترة من 2000 إلى 2008 حدثت طفرة كبيرة فى الحد من الزيادة السكانية من 3.5 مولود إلى 3 مولود لكل سيدة، وكان المفترض أن تنزل النسبة عن ذلك خلال المسح السكانى بعد 2008 لتكون 2.4 مولود لكل سيدة، لكن الثورة أجهضت كل هذه المشروعات، وتأخر المسح السكانى من 2012 إلى 2014، وتم اكتشاف الكارثة فبدلا من نزول المعدل فوجئنا بارتفاعه إلى ما قبل عام 2000، وذلك بسبب عدة متغيرات، منها وقت الثورة وغياب الدولة، وفرض حظر التجوال، وأيضا توقف المعونة الأمريكية منذ عام 2005 مما أثر كثيرا على برامج الحد من الزيادة السكانية.
الزيادة السكانية
الحل من وجهة نظر مقرر المجلس القومى للزيادة السكانية موجود، فلا يمكن الاعتماد على المنح طول الوقت، ففى مصر هناك الكثير من الشركات والمؤسسات القادرة على سد هذا الفراغ، ولكن من المهم هو إعادة وضع برامج ترشيدية تستطيع من خلالها إنفاق المبالغ المتاحة فى مساراتها الصحيحة، سواء من خلال الإعلام بوسائله الحديثة، أو من خلال فروع المجلس المنتشرة فى كل محافظات مصر، خاصة المحافظات الأكثر فقرا، والأكثر خصوبة أيضا، وهنا الربط مهم جدا، وهى البحيرة، والفيوم، وبنى سويف، والمنيا، وقنا، وسوهاج، وأسيوط، والأقصر، وأسوان، بالإضافة إلى محافظة الجيزة.
مسئولية دولة
وأكد الدكتور عمرو أن حل الزيادة السكانية ليست مسئولية المجلس القومى للسكان أو وزارة الصحة فقط، بل هى مسئولية دولة، فإذا أردنا تنظيم الأسرة والحد من الزيادة السكانية فلابد من الانتباه إلى حل مشكلات عديدة، تأتى أولاها فى حل أزمة الفقر، فهو المسئول الأول عن الزيادة السكانية، ثم يأتى بعد ذلك وبسبب الفقر التسرب من التعليم، أو عدم دخول الأولاد المدرسة من الأساس، وثالث المشكلات أن رب الأسرة حين يتسرب أبناؤه من التعليم وينخرطون فى العمل وهم صغار سيجد عائدا ماديا من وراء ذلك فيكون تشجيعا له على زيادة النسل، كما سيجد أن ابنته التى تركت التعليم مبكرا فى حاجة إلى زواج، فيتم تزويج البنت وهى طفلة، وهذه السن هى أعلى سن للخصوبة، وبالتالى ندور فى حلقة مفرغة، ناتجة عن الفقر، ويأتى فى نهاية المشكلات تنظيم الأسرة وهو دور المجلس القومى للسكان، فلا ينبغى تحميله المشكلات الناتجة عن الزيادة السكانية، بل ينبغى تعاون الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها لحل هذه الأزمة.
وعى
وقال الدكتور عمرو : إن الحل أولا وأخيرا هو »وعي« فلا يمكن أن أفرض على الأسرة عدد المواليد، ولكن من خلال الوعى استطيع إقناعه بتنظيم الأسرة، والحل أيضا هو خلق مشروعات تنموية كثيرة فى المحافظات الأعلى فقرا والأعلى خصوبة، والبحث عن تمكين المرأة فى هذه المحافظات، حتى لا يكون وجودهم فى بيوتهم بلا عمل دافعا لمزيد من زيادة عدد أفراد الأسرة، ومحاربة التسرب من التعليم والأمية، وإعطاء حوافز إيجابية لمن يلتزم بعدم التسرب من التعليم، كتوفير وجبات لهذه المناطق والتوسع فى إنشاء المدارس بها، وتجريم عمالة الأطفال من خلال قوانين مشددة وكذا تجريم الزواج المبكر على كل أطراف هذه الجريمة بما فيها الأب والمأذون وحتى الشهود، وتشجيع الأمهات الأميات بمحو أميتهم عبر حوافز ومشروعات لهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.