أثارت أحداث العنف العرقية التي وقعت بين أقلية الروهينجا من المسلمين والبوذيين من عرقية الراكين في ميانمار, والتي أدت إلي وقوع أعمال حرق للمنازل والمحال والمساجد والمعابد وأودت بحياة العشرات من الجانبين. وأسفرت عن تشريد ما يقرب90 ألف مواطن التساؤلات حول محددات الدبلوماسية المصرية لحماية الأقليات المسلمة في العالم. يقول مصدر دبلوماسي مطلع إن هناك عاملين مهمين يحددان مسار تحرك الدبلوماسية المصرية في التعامل مع ملف الأقليات المسلمة في العالم, الأول هو التعاطف الفطري والشعبي المصري مع أية جاليات مسلمة توجد في الدول غير المسلمة تتعرض لانتهاكات أو اعتداءات من جانب حكومتها أو الطوائف الأخري, والرغبة في دعمها وتأييد قضيتها وإثارتها في المحافل الدولية, والثاني هو الحذر من الاتهام التقليدي بالتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري, حيث تدفع الدول التي تقع فيها تلك الانتهاكات بأن ما يجري داخل حدودها شأن داخلي محض ولا يوجد مجال للتدخل الخارجي فيه, وهو منطق تصعب المجادلة فيه, خاصة أن الشعب المصري بطبعه شديد الحساسية تجاه أي تدخل خارجي في شئونه, أو أي محاولة من جانب أي دولة غربية لإثارة ملف الفتنة الطائفية في مصر. كما يوجد عنصر آخر يزيد التحرك الدبلوماسي المصري تعقيدا, وهو الصعوبة الشديدة لمعرفة التفاصيل الدقيقة والصحيحة لما يحدث في الدول التي تتعرض الأقليات المسلمة للاضطهاد فيها, ومعظمها دول تتبع سياسة أمنية صارمة تجعل من الصعب ضمان تدفق المعلومات ودقتها, كما أنه في كثير من الأحوال يكون العنف متبادلا بين الطوائف, أو يكون العنف موجها ليس ضد المسلمين وحدهم وإنما ضد باقي الطوائف في ذات الوقت, مثال الأحداث الأخيرة في ميانمار, فعلي الرغم من وجود تاريخ طويل من اضطهاد المسلمين في هذا البلد والتضييق عليهم, فإن الحكم العسكري شديد الصرامة الذي يخضع له هذا البلد يجعل من اضطهاد جميع الأقليات الدينية أمرا عاديا فيه, حيث يشهد كبتا وتقييدا للحريات لجميع أفراد الشعب منذ سنوات, وليس للمسلمين فقط. كما توجد تقارير دولية عديدة تشير إلي أن اندلاع تلك الأحداث الدموية جاء نتيجة لقيام شابين مسلمين باغتصاب فتاة بوذية, مما أدي إلي قيام أهل الفتاة بقتلهما, وبدأت سلسلة من القتل والقتل المضاد بين أبناء قومية الروهينجا والبوذيين, أي أن التوصيف الأدق لها هو أنها اضطرابات عرقية نجمت عن أسباب جنائية وليست تصفية جسدية للمسلمين أو أحداث عنف علي خلفية دينية. في السياق نفسه يذكر الوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن مصر, تتابع ما اتخذته حكومة ميانمار من إجراءات لاحتواء الأزمة, فانها تدعوها إلي العمل علي تحقيق الوحدة الوطنية بين الطوائف المختلفة واتخاذ جميع الخطوات التي من شأنها منع تجدد وتكرار أعمال العنف مستقبلا. وأضاف المتحدث أن محمد عمرو وزير الخارجية كلف السفير محمد حجازي, مساعد الوزير للشئون الآسيوية, بالاجتماع مع سفير ميانمار في القاهرة لنقل تلك الرسالة, كما كلف سفير مصر في يانجون بنقل ذات الرسالة إلي وزير خارجية ميانمار والتأكيد علي قلق مصر إزاء أحداث العنف وتداعياتها, هذا في الوقت الذي تواصل فيه الخارجية المصرية اتصالاتها مع منظمة المؤتمر الإسلامي والمجموعة الإسلامية في مجلس حقوق الإنسان في جنيف لمتابعة القضية. وأكد المتحدث باسم الخارجية استعداد مصر للعمل, بالتنسيق مع منظمات الإغاثة الدولية, لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية لإغاثة المتضررين من تلك الأحداث, كما أكد اهتمام مصر بمسيرة الانتقال الديمقراطي في ميانمار وتطلعها إلي عودة الأوضاع هناك إلي طبيعتها واستعادة الهدوء والاستقرار في أقرب فرصة.