من المهم أن يمر الشاعر بتجربة شعرية تعبر عما يمر فى حياته، والشاعر الذي بين يدينا صلاح البيلى فى ديوانه «همس العيون» صاغت القاهرة تجربته الإنسانية والأدبية بحقائق غائرة. فجاءت بعض قصائد الديوان الثائرة والرافضة لواقع الحال، ويروي الشاعر أنه في أثناء دراسته بالجامعة كان يتردد على كليتي دار العلوم والآداب، ويقترب من الأساتذة الكبار الذين كنا نراهم بعين القداسة مثل سهير القلماوي وحسين نصار وعبد المنعم تليمة وسيد البحراوي وعبد المحسن طه، وكلهم امتداد لمدرسه طه حسين، وفي دار العلوم اقترب الشاعر من على الجندي وأحمد كشيك. ويري الناقد الأدبي الكبير د.أحمد كشيك أن هذا الديوان يملك لغة استطاعت أن تفصح عن تجربة شعرية تتناول قضية وطن ملتهب، تدور من خلال صراع الشاعر بين متقابلين حلم شرق وظل كبير من التشاؤم وهذا الخيط المتقابل تحركت من خلاله قصائد الديوان. فالأرض في مقابل السماء والماضي يحكي للمستقبل مراده، طالبا الكشف عما فيه. والعالم ممتزج فى علاقة حب واحدة، فقد أحب الشاعر اقتباس الوجود وهو يري الطير يرقص بالصباح والورد ينصت للنجوم وسفائن التاريخ تحمل قصتى تحكي العهود إيزيس لي بلقيس لي وحين يضيق الواقع بالشاعر تبدو فى تجربته الشعرية عبثية الموقف ومن هنا يكون الوطن طفلا تعثر فى الخطي نبت تحجر حيث لا نبت يري وطني أنا متبعثر بين الوري حرقته أنفاس الشهيق والآن ملقي عظمه في صناديق القمامة الديوان قضية والشاعر تجربة واعدة، وقدرة التشاؤم يكسر من حدتها عزم أبي يروم حلما، وتجربة الشاعر تحمل وعيا وثقافة، وعيا بإسقاط رموز التاريخ، حيث تبدو إيزيس وأوزوريس ملحما أسطوريا في قصيدة «همس العيون» وحيث طغيان السلطة واضح فى الارتكاز على زياد بن أبيه فى مقابل الحسين، وعمق البطولة فى حكاية قطز، وقدرة الإنسان فى خيال الشاطر حسن وأحلام أبى زيد الهلالي. تأثر الديوان بموروث شعري قديم أخذ منه أوزانا ضافية كالرمل والكامل والرجز والوافر، واستخدام شعر التفعيلة قارب أن يكون عموديا حيث اصطنع الشاعر طريق نزار قباني فى قصائده السياسية. الديوان صادر عن دار الجندي للنشر والتوزيع، ويحتوي على خمس عشرة قصيدة.