إجازة بالقطاع الخاص يومى 5 و6 مايو بمناسبة عيد العمال وشم النسيم    وزير التموين: استلام 750 ألف طن قمح محلي خلال أسبوعين    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    احتفال الآلاف من الأقباط بأحد الشعانين بمطرانيتي طنطا والمحلة.. صور    محافظ بني سويف يُشيد بالطلاب ذوي الهمم بعد فوزهم في بطولة شمال الصعيد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة ملاكي على الطريق الصحراوي بقنا    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    ضعف المياه لمدة 8 ساعات عن سكان هذه المناطق.. تفاصيل    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع مسؤولي السياسات التجارية في السفارة البريطانية بالقاهرة    قبل تطبيق اللائحة التنفيذية.. تعرف على شروط التصالح في مخالفات البناء    صندوق النقد: ندعم مصر فيما تتخذه من إجراءات تستهدف الإصلاح الهيكلي للاقتصاد    الدفاعات الأوكرانية تسقط خمس طائرات بدون طيار خلال الساعات الماضية    الرئيس الفلسطيني: اجتياح الاحتلال لرفح سيؤدي لأكبر كارثة في تاريخ الفلسطينيين    سفير روسيا بالقاهرة: موسكو تقف بجوار الفلسطينيين على مدار التاريخ    واشنطن بوست:بلينكن سيتوجه إلى السعودية هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع الشركاء الإقليميين    رئيس «النواب» يستقبل رئيس مجلس الشورى البحريني    الليلة.. الأهلى أمام الزمالك فى نهائي كأس مصر للكرة الطائرة رجال    الانضباط تبدأ الاستماع لأقوال الشيبي في أزمته مع الشحات    أبرزهم ديربي إنجليزي.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    تشكيل إنتر ميلان الرسمي ضد تورينو    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    4 برامج ب«آداب القاهرة» تحصل على الاعتماد البرامجي من هيئة الجودة والاعتماد    طلاب حلوان يشاركون في ورشة عمل بأكاديمية الشرطة    ب التاج والصليب والشمعة.. «أقباط القليوبية» يحتفلون ب«أحد السعف»    ينهي حياة زوجته أمام والدتها وأطفاله بطريقة وحشية في الغربية    مراجعة مادة علم النفس والاجتماع ثانوية عامة 2024.. لطلاب الصف الثالث الثانوي من "هنا"    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    غدا.. "ضد الجمال.. في نقد أساطير الجمال الشخصية" على مائدة مكتبة مصر الجديدة    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    فيلم ينجح في تحقيق 57.4 مليون جنيه في 18 يومًا.. تعَرّف على أبطاله وقصته    "مع كل راجل ليلتين".. ميار الببلاوي ترد على اتهامات داعية شهير وتتعرض للإغماء على الهواء    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات بعد فعاليات حافلة    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    أقباط دمياط يحتفلون بأحد الشعانين    "اتصال" و"رجال الأعمال المصريين" يطلقان شراكة جديدة مع مؤسسات هندية لتعزيز التعاون في تكنولوجيا المعلومات    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    جامعة بني سويف: انطلاق فعاليات البرنامج التدريبي للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات المحافظة    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    بنك QNB الأهلي وصناع الخير يقدمان منح دراسية للمتفوقين بالجامعات التكنولوجية    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    الرئيس الفلسطيني يحذر: إسرائيل دمرت ثلاثة أرباع قطاع غزة ولن نقبل التهجير    سلامة الغذاء: إصدار 2275 إذن تصدير حاصلات زراعية ل1212 شركة خلال أسبوع    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة فى اليونسكو
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 11 - 2018

تلقيت دعوة للمشاركة بمحاضرة باللغة الفرنسية فى مقر اليونسكو بباريس. كان اسم الدعوة غريباً: «ليلة الفلسفة». هى إذن ليست مؤتمراً علمياً يعقد كما تعودنا فى إحدى الجامعات ويناقش المشاركون فيه موضوعاً محدداً من زوايا مختلفة ويكون فيه المتحدثون والمستمعون من أهل الاختصاص. المدهش فى الأمر أن «اليلة الفلسفة» هى بمثابة عيد شعبي للاحتفال بالفلسفة. تشمل الليلة خمسين محاضرة واثنى عشر عرضاً فنياً وأربع موائد مستديرة، وتبدأ فى الثامنة مساء لتنتهى فى السابعة صباحاً.وحينما توجهت إلى مقر اليونسكو وكان موعد محاضرتى فى العاشرة مساء وجدت جميع أروقة اليونسكو وقاعاته وممراته مملوءة بأعداد هائلة من الشباب من الجنسين، وفى أيديهم البرنامج، يختارون عنوان المحاضرة التى يحبون الاستماع إليها. تقول اليونسكو فى التقديم الذى صاغته لهذه الاحتفالية: بعد نجاح الدورة الأولى فى نوفمبر 2016 تعود ليلة الفلسفة إلى اليونسكو. العالم كله مدعو للاحتفال والمشاركة فى التفلسف فى الليلة من 16 إلى 17 نوفمبر. لكم أن تختاروا بين محاضرة لفيلسوف قادم من بيرو أو من الهند أو من مصر أو من باريس؟ مشروبا ومأدبة؟ عرضا لفنان قادم من البرازيل أو من اليونان أو من النرويج؟ المشاركة فى ندوة الحق فى الرد؟ الاستماع لتسجيل للبرنامج الإذاعي طرق الفلسفة؟ الرقص والغناء؟ واستمر الجمهور الكبير ساهراً حتى الصباح. المحاضرات يلقيها مشتغلون بالفلسفة ولكن أمام جمهور عام ومتنوع، وكانت تتميز بأنها تجمع بين الموضوعات التقليدية للفلسفة ومشكلات الناس الحالية. ويمكننا تبين ذلك من عناوين المحاضرات الواردة فى البرنامج: على أى صورة نريد للعلم أن يكون؟ ماذا يمكن للفلسفة أن تفعل ضد التطرف؟ ماالذى تفتقد إليه مدارسنا؟ نساء عصر التنوير. الواقع أمام الشاشة. لماذا لا يعد نيتشة مسئولا عن انتخاب دونالد ترامب؟ هل يمكن للفن أن يغير العالم؟
وكان عنوان محاضرتى هو: «كونية الخطاب الفلسفى ومهامه الجديدة». وبدأت المحاضرة بالإشارة إلى خاصية تميز الخطاب الفلسفى وهى أنه موجه إلى جميع الثقافات. ونجد اليوم أعمال قدامي الفلاسفة والمعاصرين منهم موجودة بجميع اللغات ويتم تدريسها في جامعات كل البلدان. وهذا هو معنى كونية الخطاب الفلسفى. ولقد كانت مساهمة الفلاسفة العرب حاسمة فى ترسيخ هذه الكونية فى التاريخ، فقد ظلت الفلسفة لعدة قرون فى أثينا والإسكندرية علماً يونانياً فقط، وحينما انتقلت الفلسفة من اليونانية إلى الثقافة العربية تمت مهاجمتها منذ البداية. وكانت حجج الهجوم قوية، منها أن المنطق هو بمثابة قواعد النحو للغة اليونانية، أما اللغة العربية فلها نحوها الخاص، ويصبح النحو اليونانى بالنسبة لها لا جدوى منه. ومن بين الحجج أيضاً أن الفلسفة لا يمكن أن تصل بنا إلى حقيقة علمية يكون هناك إجماع عليها كما هو حال الهندسة والفيزياء والبصريات، فالفلاسفة يتناقضون فيما بينهم ويذهبون في كل اتجاه، وأخيراً، وكانت تلك هى أقوى الحجج، الاختلاف فى العقائد بين العرب واليونان، فالعرب بفضل الإسلام يؤمنون بوحدانية الله وبخلق العالم فى الزمان وبالبعث ويوم الحساب، وهي عقائد لا وجود لها في الثقافة اليونانية في الزمن الذي عاش فيه فلاسفتهم. انبرى الفلاسفة العرب للدفاع عن شرعية وجود الفلسفة وأهميتها في الثقافة العربية. ولهذا نجد فى أغلب رسائلهم جزءاً مخصصاً لبيان جدوى الفلسفة. فالكندى يرى أن الحق لا وطن له، ولاتستطيع أمة أو جيل أن يزعم لنفسه احتكار الحقيقة لكنها بناء مشترك بين الأمم والأجيال، ويرى الفارابى أن المنطق ليس خاصاً باللغة اليونانية لكنه يقدم للعقل الإنساني خطوات تسمح له بتقدير مدى اليقين فى أحكامه. كما أن الفلاسفة، في نظره، لا يتناقضون إلا فى الظاهر. ويبين ابن سينا أن مقولات أرسطو هي تصنيف دقيق للموجودات. وخصص ابن رشد كتابه «فصل المقال» فى بيان عدم تعارض الفلسفة مع الإيمان. انتقلت الفلسفة بعد ذلك من العرب إلى العالم اللاتينى فى أوروبا فى العصور الوسطى، وأصبح من حق ديكارت أن يقول: إننى أكتب حتى للمسلمين, مؤكداً بذلك كونية الخطاب الفلسفى. ولكن توجد سمة أخرى للفلسفة تتعارض مع صفة الكونية، وهى أن الفلسفة تنشأ بالضرورة داخل ثقافة معينة وتكتب بلغة خاصة. وبالتالى تحمل سمات هذه الثقافة. فنحن نميز بين الفلسفة الألمانية وميلها إلى التجريد، والفلسفة الإنجليزية وتميزها الدقة والتجريبية، واللمسة الأدبية فى الفلسفة الفرنسية. بالرغم من هذه الاختلافات إلا أن أعمال هؤلاء الفلاسفة انتقلت إلى جميع الثقافات لأنهم رغم السمات القومية لكل فلسفة كانوا مهمومين بتوجيه خطابهم الفلسفى إلى الإنسان أينما كان، بصرف النظر عن ثقافته. فإذا كان العرب قد بادروا، منذ أكثر من ألف عام بجعل الخطاب الفلسفى خطاباً كونياً، فإن التطور الحالى للمعرفة البشرية يجعل كونية الخطاب الفلسفى ضرورة ملحة أكثر من ذى قبل.
لمزيد من مقالات د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.