كان العرب القدماء إذا تفاخروا بقبيلتهم وشجاعتهم فى الحروب، بالغوا حتى يخرج عن المعقول، وكما قال عمرو بن كلثوم فى معلقته: إذا بَلَغَ الرَّضِيعُ لَنَا فِطاماً تَخِرُّ لَهُ الجَبابِرُ ساجِدِينا. وربما يكون مقبولا فى الشعر، لأن أجمل الشعر أكذبه. ويبدو أننا ورثنا عنهم حب التفاخر الكاذب، بل تعداه الى التعالى على الآخرين، والحط من شأنهم، فما من خلاف يحدث بين بلدين، إلا وتجد العرب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى، لعمل قطيعة وربما إشعال فتنة بين بلدين عربيين, ولعل أحدث الأزمات تلك عندما هاجمت النائبة الكويتية صفاء الهاشمى، وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم، ففتح هذا الهجوم أنهارا من ردود الفعل الغاضبة من المصريين من رواد مواقع التواصل الاجتماعى، فانزلق الكثيرون فى مستنقع السب المتبادل وكأنهم يسعون لإثارة فتنة بين شعبين، بينما كان هناك قلة من العقلاء الذين لم ينزلقوا الى نفس الهاوية، لأن أهمية وعمق العلاقات المصرية الكويتية لن ينال منها مثل هذه الأقاويل. وتأتى حادثة النائبة الكويتية، بعد هجوم لوزير لبنانى على المصريين، ومن قبلهما الحادثة المشهورة للبنانية منى المذبوح، بالاضافة الى التلاسن أحيانا بين المصريين وغيرهم من الخليجيين، ولم تقف الظاهرة بين الدول البترولية الغنية والفقيرة، بل أحيانا تجدها بين الخليجيين أنفسهم، مما يجعلنى أتساءل عن أسباب هذه الظاهرة بين الشعوب العربية خاصة، ولماذا يحاول كل شعب، بدلا من الاكتفاء بالاعتزاز بنفسه، يحاول التقليل من شأن الآخرين؟ فهل نحن كشعوب عربية، مازلنا نعيش مراحل مراهقة سياسية، ولماذا نبحث عما يفرقنا لا ما يجمعنا؟ يبدو أن الأمر يحتاج لتحليل علماء الاجتماع السياسى، فربما يجدون لنا علاجا من هذا الداء. لمزيد من مقالات جمال نافع