بصرف النظر عن اللهجة التركية الناعمة التى راح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يكرر الإشارة بها إلى خادم الحرمين الملك سلمان منذ حادث مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى فى قنصلية بلاده فى اسطنبول، وبصرف النظر عن أننى أتوحد مع الموقف الرسمى لبلادى الذى يقول بضرورة عدم استباق الأحداث وترك الأمور تتضح من خلال التحقيقات.. فإننى أرى أسبابا واضحة للتضاغط أو التخاشن بين تركيا والسعودية، منها الخلاف حول دعم السعودية بعض الجماعات الكردية التى تشن تركيا ضدها بما يشبه حملات للتطهير العرقى، وكذلك إشارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان ذات الدلالة فى أثناء زيارته القاهرة بأن محور الشر فى المنطقة يتكون من (قطر وإيران وتركيا)، وفوق ذلك ربما كان إرسال أنقرة خمسة آلاف من جنودها إلى قاعدتها الجديدة فى قطر موجها إلى التضاغط مع السعودية، ثم نضيف إلى كل ذلك الحديث التركى المتواصل عن تورط بعض دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات فى صياغة أوضاع من شأنها تدهور الليرة التركية، وفوق ذلك إشارات متوالية على المستوى الإعلامى إلى دعم خليجى لعملية الانقلاب المزعوم الذى نسب إلى جماعة الخدمة الإيمانية وزعيمها فتح الله جولن المقيم فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد حكم العدالة والتنمية (حزب أردوغان) أحد أذرع جماعة الإخوان المسلمين، وأخيرا إذا أردنا أن نضع عنوانا لكل هذه العناصر فإن فكرة زعامة العالم السنى تظل حاضرة ومؤثرة إلى حد كبير كملف للنزاع بين السعودية وتركيا.. كل هذه المسائل فى الحقيقة تشكل فضاء كبيرا للاحتكاك بين تركيا والسعودية على الرغم من كل كلام أردوغان الناعم والجيد عن الملك سلمان، والذى لا يمكن النظر إليه إلا بوصفه محاولة لخلق مراكز متنوعة داخل الحكم السعودى وتسهيل أسباب للصراع بينها، وهكذا يجب إرفاق هذه الأوراق بملف العلاقات السعودية التركية عقب حادث جمال خاشقجى، وألا نستسلم لأسلوب أردوغان الخبيث الذى يحاول عبره أن يظهر كراع للعدالة وحقوق الإنسان وسيادة القانون وهو أكثر الزعماء بعدا عن مثل تلك المنظومة من القيم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع