احتفالات «نبى الرحمة» تضىء المحافظات

* 20 ألف قافلة دعوية بأسيوط.. وحلقات للذكر وولائم بسوهاج
* الذبائح والفراشيح فى جنوب سيناء.. والحصان والعروسة بدمياط
رغم مرور 1493 عاماً على مولد نبى الرحمة سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» إلا أن الإحتفالات بذكراه العطرة تزداد بريقاً، وربما تشهد مفاجآت فى بعض المحافظات،خاصة بالقرى حيث تجد أن مظاهر الاحتفالات تأخذ أشكالاً متعددة،فمن صناعة الحلوى إلى الذبائح وحلقات الإنشاد الدينى والذكر والقوافل الدعوية،هكذا انطلقت الاحتفالات لتعيد إلى الأذهان السيرة العطرة للرسول الكريم عليه السلام، خاصة بعد حملة وزارة الأوقاف التى أطلقتها بالمحافظات للتعريف بنبى الرحمة،والتى تستمر خلال شهر ربيع الأول بمشاركة الأزهر الشريف ومديريات الأوقاف والطرق الصوفية وغيرها.. والتى تؤكد معنى الرحمة التى تركها رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فى نفوس البشرية جمعاء.
«الأهرام» رصدت مظاهر الاحتفالات التى يسودها جو من الحب الجارف لسيد الخلق عليه الصلاة والسلام، ففى جنوب سيناء مازالت الاحتفالات تجرى بتقديم الذبائح والولائم وتوزيع الطعام على الأيتام، وفى دمياط يتفنون فى تصنيع الحلوى، وكذلك فى غيرها من المحافظات.
أسيوط حمادة السعيد وائل سمير
فى أسيوط تواصل المساجد أمسياتها الدينية بصورة يومية وكذلك القوافل الدعوية والمحاضرات التى يشارك فيها كبار العلماء، حيث اعتمدت مديرية أوقاف أسيوط البرنامج الدعوى والذى تم البدء فيه مع مطلع هلال ربيع الأول ضمن حملة «رسول الانسانية».. وكما يقول الشيخ عاصم قبيصى وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط :إن مديرية أوقاف أسيوط تنفذ حملة دعوية متكاملة بمشاركة منطقة أسيوط الأزهرية وإدارة الوعظ والإرشاد بالمحافظة وجامعة الأزهر فرع أسيوط وخطباء المكافأة المتميزين، والذين ينتمون لجميع المديريات المختلفة، وهى تتناول جميع الجوانب الإنسانية والأخلاقية والمعاملات فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم.
وأضاف قبيصى أن الحملة الدعوية تشمل 3000 قافلة دعوية بمعدل 150 قافلة يوميا باستثناء يومى الإثنين والجمعة حيث يتم تنفيذ 16 ألفا و800 قافلة دعوية عبرالقوافل الموحدة يوم الإثنين، بخلاف خطب الجمعة والدروس اليومية وتضم القافلة الواحدة محاضراً ومبتهلا وقارئا، أى نحو 20 ألف قافلة دعوية تقريباً خلال الاحتفالات كلها.. وقال وكيل وزارة الاوقاف بأسيوط إنه تم تخصيص يوم الرابع عشر من ربيع الأول لعمل احتفالية كبرى بذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم ضمن البرنامج المحدد من قبل الوزارة، وتشارك فيها جامعتا الأزهر وأسيوط وجميع القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية بالمحافظة ويجرى الاستعداد لها من الآن.
جنوب سيناء هانى الأسمر
أما فى جنوب سيناء فنجد مظاهر احتفال البدو يغلب عليها طابع التكافل الاجتماعى بالعطف على الفقراء والمساكين والتى تستمر على مدار 3 أيام، وذلك حسبما يقول أحمد أبوراشد الجبالى شيخ قبيلة الجبالية ومستشار دير سانت كاترين لشئون القبائل العربية حيث يبدأ الاحتفال صباح يوم الإثنين من شهر ربيع الأول من كل عام بالتجهيز والإعداد للاحتفال بالمولد النبوى، ويأتى الاهتمام باليتامى فى المقام الاول بطريقة لا تشعرهم بأنهم مختلفون عن باقى أفراد القبيلة،ويكون الاهتمام الاكبر بإطعام الفقراء والإحسان إليهم حتى موعد انتهاء الاحتفالات ظهر اليوم الرابع. وأضاف الجبالى أن من مظاهر الإحتفال تجمع ابناء القبيلة والقبائل الاخرى فى دار المناسبات أو مايطلق عليها البدو ديوان القبيلة، حيث يحرصون على ذبح الماشية من الماعز والخراف ويقوم الرجال بطهى اللحوم وتصنيع الفراشيح وعمل الارز والمرق، وفى حالة عدم حضور اليتامى الى ديوان القبيله يحرص ابناء العمومه وشيخ كل قبيله بجلب الاطعمة اليهم فى أماكن إقامتهم حتى لو كانت داخل خيمة بدوية فى عمق الصحراء، ويحرص أهل البادية على التزاور فيما بينهم، وكذلك السيدات مثلما يفعلن فى العيدين، ويقوم المواطنون بوضع قطعة من القماش الأبيض على شكل علم أو ما يطلقون عليه «بيرق أبيض» على كل خيمة أو بيت بدوى إيذانا ببدء الاحتفال، باعتبار ان الإسلام قضى على العادات السيئه التى نهى عنها الله من وأد البنات وشرب الخمر وساوى بين الناس وأعطى المرأة حقوقها فى التعليم والميراث وأوصى بصلة الأرحام.
دمياط حسن سعد
ويختلف الحال كثيراً فى دمياط، والتى اختفت منها المظاهر الشعبية للاحتفال بالمولد النبوى، حيث كانت تقام ليالِ دينية يحييها المنشدون وبها عروض الطرق الصوفية، أصبح الاحتفال الآن مقصورا فقط على توزيع «حلوى المولد».. يقول محمد عبد المنعم إبراهيم الرئيس الأسبق لإقليم شرق الدلتا الثقافى إن مظاهر كثيرة من الاحتفال الشعبى بالمولد النبوى سواء فى الريف أو فى المدن إنقرضت، ففى السابق كانت القرى تتنافس فيما بينها على التميز فى أشكال الاحتفال سواء فى «الزفة» كما كان يطلق عليها حيث يقوم أصحاب الحرف المختلفة بتجهيز مشاركاتهم فى تلك الزفة التى تأخذ مسارها فى شوارع القرى، وكانت هناك مظاهر شعبية كثيرة كانت تعبر عن فنون شعبية أصيلة تتقدمها فرق الموسيقى النحاسية التى تعزف الأغانى المشهورة ليغنى معها الناس، وفى وسط الزفة أو فى نهايتها تشارك فرق من الطرق الصوفية الرفاعية والشاذلية والبرهامية وغيرها ببعض أعضائها يحملون الأعلام التى تمثل الطائفة أو الطريقة ويتقدمهم كبيرهم ومن خلفه أتباعه يذكرون ويتلون الأناشيد الصوفية المعروفة لديهم متضمنا صلاة وتسليما على النبى الأمين، بينما يلجأ بعض المعتدلين من الأسر العريقة فى كل قرية بالتنافس على إحياء المولد بطريقة أخرى داخل المسجد الكبير بكل قرية بإحياء الليلة بقراءة القرآن الكريم مع توزيع قطع الحلوى وأكواب القرفة باللبن على الحاضرين، كل هذه المظاهر وغيرها قد اختفت تقريبا من مجتمعاتنا ولم يبق منها سوى فقط شراء حلوى المولد وتوزيعها على الأهل والأقارب.. ويؤكد محمد رأفت صاحب محل حلويات أن الاحتفال بالمولد يمثل موسماً لانتعاش بيع الحلويات، وتعتمد عليه المحلات بصفة أساسية ولكن فى السنوات الأخيرة انخفض البيع بصورة واضحة ولم يعد الطلب كبيرا، بسبب ركود الوضع الاقتصادى، مع الارتفاع الكبير فى أسعار الحلويات نتيجة زيادة أسعار المواد الخام المستخدمة فى الصناعة.
كفر الشيخ علاء عبدالله
بينما استعدت محافظة كفر الشيخ للاحتفال بالمولد النبوى الشريف بعقد الندوات الدينية بالمساجد الكبرى بالمدن والقرى تحت عنوان «رسول الإنسانية»، وفى المدارس والجامعة ومراكز الشباب، وتزيين المساجد وعرض الحلوى بالمحال.. وأكد الشيخ سعد الفقى وكيل وزارة الأوقاف أنه تم عقد اجتماع مع مديرى إدارات الأوقاف بالمحافظة استعدادا للاحتفال بمولد خاتم المرسلين، لإبراز الجانب الإنسانى فى حياة الرسول، مشيرا إلى أن هذه الندوات يحاضر فيها نخبة من العلماء وقيادات الدعوة بالادارات بالتنسيق مع مديرية الأوقاف والمنطقة الأزهرية بالمحافظة.
كما شهدت أسعار الحلوى هذا العام ارتفاعاً بنسبة 20% عن العام الماضى بسبب ارتفاع أسعار الخامات، الأمر الذى جعل عددا كبيرا من المواطنين يحجمون عن شراء الكميات المعتادة كل عام.. يقول ممدوح هارون وأحمد الدبشة من أصحاب محال الحلويات انه مع ارتفاع اسعار السكر ومستلزمات الانتاج لم نجد مفرا من رفع أسعار البضاعة، مع مراعاة أن تكون القيمة المضافة مناسبة للزيادة المفروضة فقط، ولم نحاول أن نجنى منها أرباحا اضافية بسبب حالة الغلاء ومعاناة المواطنين وحرصنا على الحفاظ على نفس مستوى الجودة، ومع ذلك تنخفض نسبة الإقبال على الشراء عاماً بعد آخر.. ويضيف علاء الصعيدى أحد اصحاب المحال أن نسبة الطلب على حلوى المولد انخفضت هذا العام بنسبة 15 % عن العام الماضى بسبب حالة الغلاء وارتفاع الاسعار، مشيراً إلى أنه مع ذلك يوجد فاعلو الخير الذين يشترون كميات للحالات غير القادرة ويقومون بتوزيعها على دور الايتام والجمعيات الخيرية لإدخال الفرحة على الفقراء والبسطاء. تقول نوال رجب ووجهها يكسوه الحسرة:«كفاية علينا كيلو واحد نفرح بيه أولادنا منقدرش نجيب أكتر من كده وهى حاجة تقضى الغرض علشان ولادنا ميبصوش بره».
سوهاج محمد مطاوع
بينما مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فى سوهاج لا تختلف كثيرا عن غيرها من المحافظات، حيث تقام حلقات الذكر وولائم الأكل للفقراء من رواد السرادقات التى تقام خصيصا لهذه المناسبة، ويشارك الإخوة الأقباط فيها فى إطار مشاركة المسلمين والمسيحيين بعضهم بعضا فى مختلف المناسبات الدينية والوطنية والأعياد.
ففى بعض القرى تبدأ الاحتفالات بالمولد النبوى الشريف من أول شهر ربيع الأول حتى الثانى عشر من الشهر ذاته وتتناوب العائلات على أيام الاحتفال حيث تتولى تجهيز حلقات الذكر التى تبدأ بعد صلاة العشاء وتمتد حتى بعد منتصف الليل، وتقديم الأكل للفقراء والمشروبات والحلوى للحضور، وبعض القرى تحتفل لمدة أسبوع أو يقتصر الاحتفال على ليلة المولد، ناهيك عن تعليق الرايات الخضراء والبيضاء فى شرفات المنازل، إضافة إلى قيام الأسر بشراء حلوى المولد للبنات المتزوجات وللأحفاد.. ومن جانبه ناقش الشيخ على طيفور وكيل وزارة الأوقاف بسوهاج مع مديرى الإدارات بمراكز المحافظة تنظيم احتفالية دينية كبرى فى الخامس عشر من ربيع الأول، بحضور قيادات المحافظة،وإقامة احتفالية بكل إدارة فرعية على مدار الشهر وتنظيم مسابقة لحفظ القرآن الكريم.
المنوفية محمد العيسوي
بينما بدأت الاحتفالات بالمولد النبوى الشريف بمحافظة المنوفية مبكرا حيث تحولت شوارع القرى إلى زفة ومولد بالمزمار البلدى والأناشيد الدينية، ويقفون على كل باب حيث تغمرهم الهدايا من المواطنين وتوزع الحلوى، وكعادتهم يحتفل أهالى المنوفية بالمولد النبوى الشريف بإقامة ليالى الإنشاد أمام المساجد الشهيرة بالمنوفية كمسجد «سيدى شبل» بالشهداء و«اللامعى» بتلا و«سيدى خميس» بشبين الكوم و«الشيخ سيد أحمد ياسين» و»الشيخ شهاب الجندى» بقرية شنوان مركز شبين الكوم، وتطوف الطرق الصوفية بغالبية شوارع مدن المحافظة وترفع الأعلام خلال مظاهر الاحتفالات والأغانى الدينية والأناشيد.
ويشير الشيخ أحمد عبد المؤمن وكيل وزارة الأوقاف إلى ضرورة التأسى بأخلاق الرسول الكريمة وحسن معاملته وجميل فضائله التى تعد دستوراً للحياة السليمة ومنهاجاً لبناء المجتمعات الصالحة، مستشهداً بقول الرسول الكريم «صلى الله عليه و سلم» «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».