هل يمكننا استعادة أدوارنا ومكانتنا وقوتنا الإقليمية مجددا؟ هل نستطيع استعادة الأمل والحلم الجماعي في تجديد حياتنا وأفكارنا نحو صياغة نظام سياسي واجتماعي وديني... إلخ , أفضل وأكثر ملاءمة لحياة عصرنا؟.. هل لدينا الإرادة في تحريك أوضاعنا الداخلية من وهدة المشكلات والأزمات المستمرة إلي مرحلة تطويق الأزمات, واختراقها وكسرها, والانتقال إلي مرحلة الإعداد للانطلاق؟ هل يمكننا تطوير أنظمة تعليمنا الديني والحديث, وسياساتهم ومناهجهم كي يسهموا في تطوير حياتنا وردفها ببشر قادرين علي التفكير النقدي لا ذهنية العنعنات, والحفظ والتكرار والتلاوة وإعادة إنتاج الأمثولات الشعبية, واعتبارها مستودع الخبرة والحكمة الجماعية القادرة علي إيجاد الحلول الشخصية ولا أقول الفردية والجماعية لما نواجهه من طوارئ الوقائع والأزمات, أو للتخطيط لبناء مستقبل أفضل؟ هل الإعلام المصري المرئي الأرضي والفضائي والمكتوب والمسموع, والإعلام والاتصالات الجديدة, قادرة علي مواجهة التغير الكبير والنوعي في نوعية الرسائل, والتوجهات التفاعلية والمتعددة التي تقوم بها الثورة الاتصالية والمعلوماتية الجديدة؟ هل لدينا القدرة علي مواجهة الفجوات بين التمدد المجتمعي وقوته المتنامية, وبين تراجع الدولة وجمودها وضعف وظائفها وأدائها وانحصارها في الأدوار الأمنية والدفاعية التقليدية؟ هل لدينا تصور, أو بالأحري تصورات ورؤي لدي النخب السياسية والثقافية والتكنوقراطية والبيروقراطية علي إعادة تجديد الدولة وهياكلها وأدوارها؟ هل لدينا أفكار خلاقة لإعادة صياغة العلاقة بين الديني والسياسي, بين الديني/ والثقافي, بين الديني/ والاجتماعي العام, بين الديني والمجالات العامة والخاصة. هل لدينا القدرة والإرادة علي مواجهة الانقسامات الرأسية بين المصريين علي أساس الانتماء الديني بين المسلمين والأقباط والمؤمنين بمذاهب كبيرة أو صغيرة داخلها, أي بين السنة والشيعة, وبين الأرثوذكس, والكاثوليك والبروتستانت؟ هل نؤمن فعلا بمبدأ المواطنة ولدينا الإرادة السياسية والاجتماعية العامة علي تحويله من مجرد نص دستوري أقرب إلي التزيد واللغو في الصياغة, لأن المبدأ يعد من بداهات دولة القانون والحق الحديثة ولا يحتاج للنص عليه إلي سياسة تشريعية, وحركة وفعل سياسي واجتماعي وديني, وممارسة دولة وأجهزة, وسلوك جماعي؟ هل نحن جادون فعلا في التصدي الحازم لعملية التلاعب الوضعي بالدين أيا كان في المجال العام, وفي مواجهة ديكتاتورية بعض مستثمري الفقه واللاهوت والتفسير والتأويل الديني المحافظ والمتشدد علي أفكار وسلوكيات آحاد الناس, وغالب النخب المصرية, لكي يحكم هؤلاء علي حياتنا وأفكارنا ومشاعرنا, ويسيطروا علي روح الأمة المصرية, والأخطر ذهنية الدولة وثقافتها؟ هل نحن مؤمنون بالفعل بالمبدأ الدستوري المصري والمقارن حول حرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية, أم أننا نتحدث عن الحقوق الفردية الشخصية, بوصفها جزءا من البلاغة الدستورية والسياسية العالمية التي استوردناها من الهندسات الدستورية والقانونية والفلسفية الحداثية والمعاصرة؟ ومن ثم نحن لا نمت بصلة إلي فكر العالم.. ولانزال نعيش في أقبية وسجون أفكار القرون الوسطي! ومعتقلات وروح ما قبل الانتقال إلي الحداثة والعالم الحديث؟.. هل الخطاب حول إصلاح المرأة سياسيا وتشريعيا ودينيا هو تعبير عن إنتاج فكري واجتهادي حقيقي في إطار الإسلام والمسيحية أم أننا إزاء ماكياج سياسي أو موضة لغوية وفكرية تغطي علي إيماننا بمجموعة من القيم التقليدية والمحافظة والتسلطية التي لا تري في المرأة سوي سلعة وآلة إنجابية مكانها المنزل, ولا تتحرك في المجال العام إلا من وراء حجب نظام الزي الذي تحول بفعل الفكر السلفي الوافد من أقاليم البداوة والنفط الوهابية وأشباهها ونظائرها إلي نظام حياة يومي يراد من ورائه الهيمنة الرمزية/ الدينية علي المجال العام كله, ليغدو تعبيرا عن مذهب ديني/ تأويلي وضعي من إنتاج بشر, ويراد لفكرهم أن يعلو ويتسلط علي بقية الآراء والمذاهب والمدارس الفقهية واللاهوتية والتفسيرية الأخري... إلخ؟! هل لانزال أسري بعض أنماط من التفكير الديني الوضعي تمجد تسلطية الحكام وتبرر ذهنية الخضوع والامتثال والقهر الإنساني, ووهن الإرادة الشخصية أو غيابها؟.. هل يستمر استلاب الأغلبيات الشعبية المقهورة والمستبعدة من أشكال المشاركة المجتمعية والسياسية, مما أدي إلي استقالتها من الفعل السياسي والاجتماعي, بل ومن العمل الخلاق؟ هل يمكن قبول هذا الاستبعاد الممنهج لمصلحة قلة قليلة عند قمة الهرم الاجتماعي والسياسي تدير الحياة العامة خدمة لمصالحها؟! هل التحالف السلطوي باسم الشعب والأمة والدين بين بعض رجال السياسة وبيروقراطية أجهزة الدولة, ورجال الدين لايزال هو الصيغة الملائمة لإدارة الشأن العام في بلادنا؟.. أم أن التلاعب بالدين واستثماره في السياسة وفي المجالات الأخري, هو عقبة كأداء لتطوير الدولة وأجهزتها, وتحرير المجال العام من قيوده الثقيلة السياسية والدينية والاجتماعية؟! هل وهنت أفكارنا وقدراتنا علي مواجهة أبسط تفاصيل وشروط الحياة الصحية في إطار بيئة ملائمة ونظيفة؟.. هل لانزال غير قادرين علي مواجهة مشكلة القمامة ونظافة المنازل والشوارع, والحارات, والقري والشأن الشخصي؟ هذا الكلام الفارغ والكتابة التافهة التي تنهمر علي رءوس, ووجدان المصريين, هل سيستمر ذلك؟ أم أن هناك تواطؤات علي استمراره وافتراسه لنا مهما كان الثمن السياسي والحضاري والعلمي الباهظ الذي ستدفعه الأجيال الشابةوالجديدة في المقبل من السنوات؟ هل نترك مستقبل أجيال ينتمون لمستويات اجتماعية مختلفة أسير خطاب وموسيقي وغناء وكتابة التفاهة باسم أنهم يريدون ذلك, أي بمنطق طلب المستهلكين والسوق؟ إذا كان صحيحا, أين النخب السياسية الحاكمة والمعارضة؟ أين المثقفون؟ أين الضمير العام المثقوب؟ هل نترك حياتنا وروحنا وعيوننا أسري لنمط( ثقافة الكيتش) التي تهيمن علي حياتنا, من خلال السلع الصينية, والمصرية والآسيوية, وعلي إنتاج الرداءة في الرؤي والأفكار واللغة؟ هل لايزال الفكر القديم يشكل حالة الأمان النفسي والاستقرار الاجتماعي لبعض النخب المصرية ومعها غالبية الجمهور؟ هل هناك فوارق مائزة خارج الثروة وأنماط الاستهلاك والسفر والتعليم المتدهور بين بعض النخب, وبين آحاد الناس؟ هل الثروة والسلطة ومجالات التعبير عنهما في المجالين العام والخاص هما فقط ما يميز ذهنية بين بعض النخب وبين الجمهور العادي وذهنيته وربما ذوقه في الاستهلاك والتلقي؟ هل يمكن لبعض مثقفي السلطة السياسية والدينية أن يكفوا عن أداء دورهم التبريري والخداعي للجمهور؟.. هل يرعوي بعض السلطويين عن عادة إدمان الكذب والنفاق في ظل ثقافة الإنترنت والإعلام النتي؟ هل نكف عن أحادية نقد السلطة والدولة والنظام واستبعاد نقد الجمهور وثقافته وسلوكياته وذهنية العوام؟ هل من الممكن استمرارية نقد السلطة دون نقد للمجتمع, أم تستقيم الأمور, وينقد الاثنين معا؟ هل لدينا الفكر والإرادة والروح والخيال النخبوي والجماهيري لمواجهة مشاكلنا المتراكمة, وأزماتنا الممتدة وتقاعسنا وكسلنا المستمر؟ هل يمكن لبعض عناصر النخب السياسية والثقافية والإعلامية أن تشكل قاطرة للتغيير والحركة نحو المستقبل؟ إنها أسئلة تتوالد وتتكاثر من أسئلة علي سبيل المثال, ولكن دونما طرح الأسئلة الحقيقية لن نستطيع إنتاج إجابات, وسنستمر في حلقة جهنمية من الكلام الكبير والفارغ الذي لا يمتلك سوي مواته! يبدو أن زمن السؤال هو الذي يحرك بعض الأخيلة والأذهان والأرواح نحو افتتاح زمن التمرين علي بعض الإجابات وعلي عالم غادرنا, منذ زمن ونحن غافلون!