جلس فى الصف الأول إلى جوار الرئيس عبد الفتاح السيسى بمنتدى شباب العالم الذى انعقد فى شرم الشيخ، وفى اليوم التالى كانت صوره تتصدر الصفحات الأولى للصحف المصرية فى متابعتها جلسات المنتدى، إنه الشاب الكندى أوليڤر روى ابن مدينة مونتريال والذى يتمم حاليا دراساته العليا فى روسيا فى مادة السياسة الشعبية Public Policy. بعد انتهاء الجلسة سألت أوليڤر كيف جاء إلى المنتدى؟ فقال إنه من المتابعين له منذ انعقاد دورته الأولى فى العام الماضى، وإن لديه حرصا على التعرف على مختلف المجتمعات، لهذا اختار أن يتمم دراساته الأكاديمية بعيدا عن بلده كندا كى يعايش مجتمعا مختلفا، ومن خلال متابعته موقع المنتدى بدأ يهتم بتلك التجربة وأراد أن يشارك فيها فأرسل عن طريق الانترنت يطلب الانضمام فى الدورة الجديدة. ثم يضيف: فى الحقيقة لم يكن لدى أمل كبير فى أن يتم قبولى، فموقع المنتدى يتابعه نحو خمسة ملايين شاب وشابة من مختلف أنحاء العالم وما أنا إلا نقطة ماء فى هذا المحيط الكبير، فهل سيلتفت إلى؟ لكنى على أي حال قمت بتسجيل اسمى وظللت أتابع الموقع يوميا إلى أن فوجئت بقبولى. وسألته عن رأيه فى المنتدى، فقال: إننى أرى فى هذا المنتدى تجربة فريدة، فهو ليس فقط واحدا من أكبر التجمعات الشبابية فى العالم، وإنما هو محاولة لتمكين هؤلاء الشباب، فهم الذين يوجهون دفة المنتدى، وهم الذين يطرحون رؤيتهم فى مختلف القضايا، وهم الذين يحاكون المنظمات الدولية ويتمرسون على المشاركة فى أعمالها وقيادتها، وقد اكتشفت عند حضورى أن المنظمين للمنتدى هم أيضا من الشباب، وأعجبنى أن المنتدى ليس مجرد فانتازيا، أو حلم غير واقعى يعيشه الشباب لمدة ثلاثة أيام متخيلين أنهم قادة العالم ثم يخرجون منه فتستمر الحياة من حولهم كما كانت، وإنما هم يشاهدون كيف يتم الأخذ بالكثير من مقترحاتهم وتوصياتهم بما يؤثر على مسار القضايا التى تعرضوا لها. لقد شاهدت وأنا جالس الى جوار الرئيس السيسى كيف كان يدون بعض ما كان يقوله الشباب، وكيف كان يأخذ بمقترحاتهم، وقد استمع على سبيل المثال إلى احدى المتحدثات وهى تطلب تنظيم تجمع إفريقى للشباب بإحدى المدن المصرية، خاصة أن مصر ستتولى رئاسة الاتحاد الإفريقى فى العام المقبل، وذلك حتى يكون للشباب فرصة للتأثير على قيادة الاتحاد من خلال طرح رؤاهم لمستقبل القارة الإفريقية، ثم وجدت الرئيس فى نهاية المنتدى وقد أصدر قرارا باعتبار مدينة أسوان عاصمة للشباب فى العام المقبل تحتضن التجمع الذى طالبت به المتحدثة. ويوضح أوليڤر روى: لقد توقفت طويلا عند هذا القرار لأنى من المهتمين بالشئون الإفريقية، وكذلك بالصين والهند، وأرى أن المستقبل سيشهد دورا قياديا لهذه المناطق على الساحة الدولية، ومن الطبيعى أن يكون لمصر دور فاعل فى هذا الاتجاه، من هذا المنطلق كان اهتمامى كبيرا أيضا بقضية إفريقيا 2063 التى خصصت لها جلسة رئيسية فى المنتدى وخرجت بتوصيات مهمة أتصور أنها ستؤثر فى تشكيل مستقبل هذه القارة الواعدة. وسألته: كيف تم اختيارك لتجلس الى جوار الرئيس؟ قال: لا أعرف، فقد تقدم إلى أحد الشباب المنظمين وسألنى بشكل تلقائى إن كان من الممكن أن أجلس إلى جوار الرئيس فى الجلسة التى كانت على وشك أن تبدأ فرحبت بالطبع، وكانت تلك هى المرة الأولى التى أجلس فيها إلى جوار رئيس للجمهورية، و الشيء نفسه حدث مع الفتاة التى كانت تجلس على الناحية الأخرى من الرئيس. سألته: هل تحدثت إلى الرئيس؟ قال: لا، فقد وجدته منهمكا فى متابعة ما يقوله المتحدثون، وكان يدون كل ما يقال فى مفكرة كان يحملها معه، لذلك لم أشأ إزعاجه. قلت: ولو أنك تحدثت إليه فماذا كنت ستقول؟ قال: كنت سأبدى إعجابى به كأول رئيس يبدى هذا الاهتمام الكبير بالشباب، لكنه لابد سمع ذلك من كثيرين غيرى. وفى الطائرة التى أقلتنى من القاهرة الى شرم الشيخ، والتى تأخرت عن موعد قيامها، جلسنا جميعا فى مقاعدنا داخل الطائرة ننتظر الإقلاع لمدة ساعة كاملة، رغم أن الرحلة من القاهرة إلى شرم الشيخ لا تستغرق ساعة، وكانت الى جوارى فتاة من البوسنة بدأت تتململ، وما إن تحدثت إليها حتى أمطرتنى بالأسئلة حول شرم الشيخ ومصر والوضع الاقتصادى إلخ. وقالت لى إنها زارت مصر مع والدتها من قبل لكنها كانت طفلة لا تذكر الكثير مما شاهدته. وسألتها كيف انضمت الى المنتدى، فقالت إنها طالبة بالجامعة تدرس العلوم السياسية، وإن جامعتها هى التى رشحتها، وقالت إنها مهتمة بشكل خاص بورش العمل التى ستعقد فى المنتدى والتى قالت إن تلك الورش ستفيدها فى دراستها. أما مصطفى إيهاب فهو مهندس كمبيوتر مصرى (25 عاما) أعرب لى عن سعادته الكبيرة بالمشاركة فى المنتدى، لكنى طلبت منه أن يحدثنى عن السلبيات التى ينبغى تلافيها فى العام المقبل، فقال بلا تردد: المواعيد، فقد تأخرت الجلسة الافتتاحية قرابة الساعة وامتدت استراحة الجلسة الختامية التى لم يسمح لنا خلالها بمغادرة القاعة، ساعة ونصف الساعة. وأضيف من عندى اقتراحا آخر للعام المقبل، وهو ضرورة تخصيص عشر دقائق، أو ربع ساعة فى نهاية كل من الجلسات العامة للاستماع الى آراء الشباب وتعليقاتهم على مداخلات المتحدثين، وهو ما أشار إليه بحق ستافان دى مستورا مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا فى نهاية الجلسة التى شارك فيها، حيث لفت نظر رئيس الجلسة إلى أنه لا يجوز إنهاء الحوار دون أن نستمع فى النهاية إلى رأى الشباب. لمزيد من مقالات محمد سلماوى