برلماني يقترح إعادة النظر في الحد الأقصى للأجور    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح للشباب مقومات الشخصية المصرية    ارتفاع أسعار السمك في مطروح اليوم الأربعاء    الدولار يواصل التراجع ويصل إلى مستوى 47.5 جنيه بالبنوك    مجلس الوزراء يوافق على إنشاء ميناء تخصصى دولى سياحى بمدينة رأس الحكمة الجديدة    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    وزيرة البيئة: مشروعات الهيدروجين الأخضر تحقق استثمارات ب770 مليار دولار سنويا    تعرف على حد الاستخدام اليومي والشهري للمحافظ الإلكترونية للأفراد والشركات    المشاط تبحث مع سفير أذربيجان استعدادات انعقاد الدورة من اللجنة المشتركة بالقاهرة    «صحة غزة»: الاحتلال ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة    إسرائيل تعيد إغلاق معبر كرم أبو سالم بعد إدخال شاحنة وقود واحدة لوكالة أونروا إلى غزة    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 477 ألفا و430 جنديا منذ بدء العملية العسكرية    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    زعماء العالم يهنئون فلاديمير بوتين بعد تنصيبه رئيسا لولاية خامسة    القنوات الناقلة لمباراة الزمالك ونهضة بركان في نهائي الكونفدرالية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    رسميا.. بالمر يتوج بجائزتين في تشيلسي    حريق يلتهم مطبخ شقة بشارع السحاب في العمرانية.. صور    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى يوم الجمعة 10 مايو 2024    الحبس سنة لربة منزل قتلت ابنة شقيق زوجها بالقليوبية    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    تأجيل محاكمة المتهم بقتل الطفلة مكة بالسلام    شاعر يتهم المطرب هاني شاكر بسرقة أغنية رحماكي    ياسمين عبدالعزيز وأبناؤها بمداخلة على الهواء في «صاحبة السعادة».. والجمهور يُعلق    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    انطلاق عروض الدورة الثالثة لمهرجان المسرح العالمي غدا    ذكرى رحيل أحمد مظهر.. نهاية حزينة لفارس السينما المصرية ومريم فخر الدين تكشف الأسباب    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    «الصحة»: فحص 13.3 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    الكشف على 10 آلاف مواطن بالمنيا في 8 قوافل طبية خلال شهر    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    فولكس فاجن ID.3 موديل 2024 الكهربائية تنطلق رسميًا    سحر فوزي رئيسا.. البرلمان يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة.. يتألف من 13 عضوا.. وهذه تفاصيل المواد المنظمة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    النواب يستكمل مناقشه تقرير لجنة الخطة والموازنة    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    "لابد من وقفة".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة كارثية بشأن إيقاف القيد    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    «القاهرة الإخبارية»: إصابة شخصين في غارة إسرائيلية غرب رفح الفلسطينية    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    وزيرة الهجرة تتلقى طلبات من الجالية المصرية بالكويت لتسوية الحالة التجنيدية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    يوم مفتوح بثقافة حاجر العديسات بالأقصر    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين العقل الإستراتيجى العربى؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 10 - 2018

مع توالى الأحداث الفارقة فى المنطقة العربية خلال العقود الثلاثة الماضية، والتراجع الشديد فى الأداء العربى الفردي، والجماعى فى مواجهة تلك الأحداث التى تؤثر جذريا على الوجود العربى نفسه، وليس على المصالح العربية فحسب، ومع تكرار المواقف نفسها، وإعادة الحجج نفسها، والتفسيرات، والتبريرات يثور السؤال المنطقي: هل يملك العرب فكرا استراتيجيا؟، وهل هناك مؤسسات تعمل على تطوير هذا الفكر؟، وهل هناك عقول عربية، إن لم توجد مؤسسات تمارس هذا النوع من التفكير؟... أسئلة كثيرة تدور حول الوجود والعدم للعقل الاستراتيجى العربى الجماعى أو الفردي... وللأسف لا يستطيع أحد أن يجيب بضمير مستريح بنعم على أى من هذه الأسئلة. تتجلى هذه الغيبة الكبرى للعقل الاستراتيجى العربى إذا ما تعمقنا فى الحروب الإعلامية الطاحنة بين العرب، نجد أن الغالب الأعم منها لا يعبر عن عقل استراتيجي.
منذ ظهور قناة الجزيرة القطرية؛ وتخصيصها برامج معينة لإطلاق الطاقات الحيوانية للإنسان مثل برنامج الاتجاه المعاكس؛ والعالم العربى دخل فى مرحلة من فقدان العقل، واللهاث وراء المعلومة التى لم يثبت صدقها بعد، والاهتمام بالأخبار العاجلة؛ ليكون أول من يعرف، وبناء المواقف والاتجاهات، وأحيانا السياسات على تلك المعلومات التى لم يتم التيقن منها، ولم يتم التأكد من صحتها، أو صدقها.
هنا غاب العقل الاستراتيجي، وحل محله التفكير المتسرع؛ المبنى على الخبر العاجل؛ الساعى لتحقيق السبق؛ وتحصيل الرزق. هنا فقد العرب عقلهم الجمعي، وفقدت نخبتهم عقلها الاستراتيجي، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى أصبح كل من يجيد القراءة والكتابة مفكرا يقارع أعظم المفكرين، ولم يعد فى حاجة للتعلم، أو للفهم، أو لاستيعاب الموقف، بل أصبح كل من يستطيع القراءة والكتابة، ويملك حسابا على وسائل التواصل الاجتماعى مشاركا فى تقييم الموقف، وتحديد الاختيارات، بل أحيانا يسارع بتقديم ما يجب أن يتخذ من القرارات.
فى زحام المعلومات فقد العرب عقلهم، وفى غياب النخبة المثقفة وانشغالها بترتيب أوضاعها المعيشية من خلال تسخير فكرها للمراكز البحثية القليلة التى تعمل لمصلحة حكومات وأجندات معينة. لقد تحولت العديد من الحكومات العربية الى الانشغال بإدارة الشؤون اليومية لشعوبها المأزومة، وقادها ذلك إلى أن تفتقد الرؤية الاستراتيجية، والتخطيط المستقبلى فلا تستطيع إدراك كنه المصلحة القومية، أو الأمن القومي، أو حفظ الكيان، أو الحفاظ على الدولة. كل تلك المفاهيم غريبة عن إداريين ينشغلون بالشؤون اليومية وحسابات الربح والخسارة، ومواجهة الأزمات الطارئة بصورة وقتية ومؤقتة؛ وإن أدت إلى خسائر فادحة على المدى المتوسط أو البعيد. ناهيك عن الطبيعة التنافسية بين مديرى الدول العربية التى أصبحت تأخذ صفة التنافس بين شركات تعمل فى مجال واحد؛ أكثر من كونها كيانات اجتماعية سياسية لها مصالح قومية عليا، وأهداف استراتيجية مشتركة، وتواجهها مخاطر تهدد أمنها القومي. وهنا وجدت الدول المجاورة التى تريد إنفاذ مشاريعها الحضارية على حساب العرب خصوصا تركيا وإيران وكلاء محليين؛ فى صورة مسئولين يقومون بدور تسويقى لهذه المشاريع؛ طالما وجدوا فيها تحقيقا لمصالح وقتية ونجاحات مؤقتة؛ ناهيك عن المصالح الشخصية التى لا نريد التطرق إليها أصلا لعدم الحاجة إلى ذلك، ولعل وكلاء المشروع الإيرانى فى العراق ولبنان واليمن أوضح مثال على ذلك، لا ينافسهم إلا وكلاء تركيا فى قطر وتنظيم الإخوان الفاشل. هنا أصبحت الأمة العربية قليلة المقاومة لنفاذية استراتيجيات الدول المجاورة: تركيا وإيران؛ حتى وإن أدت إلى تدمير خصوصياتها وأعمدة وجودها، وقد لا نحتاج إلى تعداد الأمثلة على هذه الحالة؛ فالجميع يعرفها ويدرك أمثلتها ونماذجها، ولعل انسياق الكثير من العرب على مختلف المستويات الثقافية خلف التوظيف التركى لحادث مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى رحمة الله عليه، لهو مثال على ذلك، فقد أصيبت النخبة المثقفة العربية بفقدان مؤقت للذاكرة ونسيت أن أردوغان اعتقل وقتل وشرد المئات من الصحفيين، وأنه يستخدم هذه الحادثة لتحقيق مصالحه مع العالم الغربي، وللانتقام من السعودية من جانب لعدم دعمها لمشروع الإخوان فى مصر، ولابتزازها من جانب آخر لمعالجة أزمته المالية. ومع الإقرار بأن حادث خاشقجى غير مبرر، إلا أن ذلك لا يجعل العرب يفقدون عقلهم ويسيرون كالأعمى خلف انتهازى يهدد مصالحهم، ويستخدم مثل هذه الحوادث لتحقيق أعظم الأضرار بهم. العقل الاستراتيجى هو الذى يستطيع أن يرى الأمور فى صورتها الكلية، وأن يربط الأحداث بالزمان والمكان، وأن ينظر الى أى حدث فى ضوء امتداده الزمانى البعيد، وامتداده المكانى الواسع، وتعلقه بالمصالح العليا للأمة، وموقع الصديق والعدو منه....وهذا ما نفتقده.
لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.