محافظ سوهاج يزور مطرانيات الأقباط بالمحافظة للتهنئة بعيد القيامة    مصر تستورد لحوم وأبقار بقيمة 139.7 مليون دولار خلال يناير وفبراير    عاجل| ماكرون يدعو نتنياهو إلى استكمال المفاوضات مع حماس    بالأسماء.. مفاجآت منتظرة بقائمة منتخب مصر في معسكر يونيو المقبل    تصنيع مواد الكيف والاتجار بها.. النيابة تستمتع لأقوال "ديلر" في الساحل    3 أبراج تعزز الانسجام والتفاهم بين أشقائهم    فوائد وأضرار البقوليات.. استخداماتها الصحية والنصائح للاستهلاك المعتدل    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    «الزهار»: مصر بلد المواطنة.. والاحتفال بالأعياد الدينية رسالة سلام    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    «على أد الإيد».. حديقة الفردوس في أسيوط أجمل منتزه ب «2جنيه»    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    تجدد الطبيعة والحياة.. كل ما تريد معرفته عن احتفالات عيد شم النسيم في مصر    ناهد السباعي بملابس صيفية تحتفل بشم النسيم    دمر 215 مسجدًا وكنيسة.. نتنياهو يستخدم الدين لمحو فلسطين| صور    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    إصابة 3 إسرائيليين بقصف على موقع عسكري بغلاف غزة    قبل ساعات من انطلاقها.. ضوابط امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل 2024    قوات روسية تسيطر على بلدة أوتشيريتينو شرقي أوكرانيا    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    بين القبيلة والدولة الوطنية    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    إعلام إسرائيلي: وزراء المعسكر الرسمي لم يصوتوا على قرار إغلاق مكتب الجزيرة في إسرائيل    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    3 أرقام قياسية لميسي في ليلة واحدة    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة أولاد مرعي والنصر لمدة يومين    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجه أمريكا الآخر
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 10 - 2018

برز الثعلب يومًا فى ثياب الواعظين، فاصطاده أحمد شوقى فى قصيدته الشهيرة. والمعادلة العبثية نفسها حققها نجيب محفوظ فى قصة «الشيطان يعظ» التى صارت فيلمًا أنصحك بمشاهدته. لكنك تظلم الثعلب والشيطان لو تعاملت بغير تلك المعادلة مع أى تصريحات يزعم فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أنه ينتصر للقانون أو ينحاز لحقوق الإنسان. وتظلم الأخير لو أرجعت تلك التصريحات، أو غيرها، إلى المعايير المزدوجة التى تحكم سلوكه، وتجاهلت أن غالبية سابقيه حكمت سلوكياتهم المعايير ذاتها ولو بدرجة أقل فجاجة. لن نستعرض تاريخ الولايات المتحدة الطويل مع انتهاكات حقوق الإنسان داخل الأراضى الأمريكية وخارجها، أو خرقها للقانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مكتفين بالإشارة إلى أنه لم يحدث أن التزمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بأى قرار أممي، صدر على غير رغبتها أو تعارض مع مصالحها، كما لم يحدث أن قوبلت انتهاكاتها المتكررة، بأى رد فعل. ومع تلك الإشارة يمكننا إضافة قيام جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكي، بتهديد المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها، بمعاقبتهم حال قيامهم بملاحقة أمريكيين أو إسرائيليين أو أى حلفاء آخرين للولايات المتحدة. ولو عدت إلى الكلمة التى ألقاها أمام الجمعية الاتحادية بواشنطن، ستجده يعلن بوضوح أن بلاده ترى تلك المحكمة ميتة، ويقول بالنص: سنمنع هؤلاء القضاة والمدعين العامين من دخول الولايات المتحدة، وسنستهدف أملاكهم بعقوبات فى إطار النظام المالى الأمريكي، وسنطلق ملاحقات بحقهم عبر نظامنا القضائي.
لا خلاف على أن المحكمة الجنائية الدولية ميتة. غير أنك لو فتحت عينك الأخرى ستجد إلى جوار جثتها منظومة العلاقات الدولية راقدةً فى سلام ومعها كل مؤسسات صنع القرار الدولي، وكذا النظام القضائى الأمريكي، الذى لم يحدث أن انتصر لواحدة من شكاوى آلاف المهاجرين الذين احتجزتهم (ولا تزال) إدارة الأمن القومى ودوريات الحدود الأمريكية فى ظروف غير إنسانية، يتم فيها دفع أدمغتهم فى الحوائط والمراحيض. أو التفت لواحدة من شكاوى الآلاف الذين تعاملهم هيئات الأمن بوحشية وتقتل منهم شخصًا كل 10 أيام فى المتوسط، دون أن يكون مسلحًا، ودون أن يتعرض ضباط الشرطة مرتكبو هذه الجرائم للعقاب. أو أنصف حالة واحدة من 60 ألف مواطن، يتم تلفيق الاتهامات لهم، سنويًا، لمجرد أنهم قدموا شكاوى ضد إجبارهم على خلع ملابسهم، بزعم تفتيشهم بعد إلقاء القبض عليهم فى جنح صغيرة. ليس هذا الكلام من عندي، بل ستجده إلى جانب آلاف الأمثلة فى كتاب, الدولة المارقة: دليلك إلى الدولة العظمى الوحيدة فى العالم، الذى استطاع مؤلفه وليام بلوم، فى أكثر من 400 صفحة، إثبات أن ممارسات الدول الصغيرة البائسة التى تصفها الولايات المتحدة بأنها دول مارقة، لا يمكن مقارنتها بتلك التى تقوم بها الدولة المارقة الكبرى التى وقع العالم بين مخالبها. وأن الجريمة فى الولايات المتحدة ليست حكرًا على المجرمين والخارجين على القانون أو العصابات أو المنظمات الإرهابية، بل هناك جرائم ترتكبها أجهزة الأمن والمخابرات، بوسائل أكثر دهاءً وتعقيدًا من تلك التى يستخدمها المجرمون التقليديون.
المواطن الأمريكى ليس أكثر من ريشة فى مهب ريح السلطات داخل بلاده. أما خارجها، فيكون تحت عين السفارات، بجهد مشترك من مكتب التحقيقات الفيدرالى ومكتب الجوازات فى وزارة الخارجية. وقد يجد نفسه سجينًا لمدد طويلة لو قام بتقديم معلومات عادية إلى أى بلد ليس اسمه الولايات المتحدة. وقد يعيش خلف القضبان مدى الحياة، لمجرد الإفصاح عن معلومات متوافرة أو معلنة فى بعض الحالات أو التى تم نزع السرية عنها، لا يشكل أى ضرر للولايات المتحدة ولا لأى شخص آخر على سطح الأرض، غير أن نقلها إلى بلد غريب يثير حساسيات الذين يلعبون من الناحية المهنية لعبة الأسرار، لعبة الوطنيين ولعبة الأعداء. هؤلاء اللاعبون المحترفون مغرمون بإعلان أن الخيانة قد سببت ضررًا لا يمكن إصلاحه أو أدت إلى دمار لا يمكن تقدير حجمه للأمن القومى الأمريكي. وتكتمل المسرحية فى بعض الحالات بإرسال المعلومات إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، تمهيدًا لتوقيع العقاب المناسب على المتهم. الحالة البوليسية، فى الولايات المتحدة، تصل أحيانًا إلى درجة الحمّى والسعار لمجرد وصول وشاية عابرة إلى أسماع المسئولين لكنها تضرب على أوتار حساسة مشدودة داخلهم وعندئذ يتم استنفار مختلف فرق الأمن المتعددة وكل أنواع رعاة البقر الرسميين، الذين يرتدون أطقمًا سوداء وأقنعة مخيفة وغيرها من أزياء المهنة، ويشكلون جمهورًا حاشدًا مسلحًا وغوغائيًا من العملاء الذين يتصايحون ويتوعدون، فى حين تحوم طائرات الهليوكوبتر أعلاهم، بأنهم سيحطمون الأبواب ويغيرون على الناس فى بيوتهم ويحطمون الأثاث، ويضربون ساكنيها ويكبلون أيديهم. وفى إطار «الأمن الوطني» تتم ممارسة أبشع أنواع التنصت والتجسس على المواطنين وكأن الولايات المتحدة فى حالة طوارئ دائمة. تخطئ طبعًا لو ظننت أن للثعلب دينًا. أما لو استجبت للنصيحة وقررت مشاهدة فيلم الشيطان يعظ، فقد يلفت نظرك ذلك التشابه العجيب، ليس فقط فى الملامح، بين الشبلى (عادل أدهم) والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وبين الدينارى (فريد شوقي) ودونالد ترامب. ودون أن تقترب من وداد (نبيلة عبيد)، لأسباب عاطفية وموضوعية، لك أن تختار الشبيه أو المعادل المناسب لشطا (نور الشريف). وإلى جوار الفتى تميم يمكنك إضافة أشباه آخرين إلى حنفى (سعيد صالح) الذى أراد الانضمام إلى رجال الديناري، فرد عليه طبّاع (توفيق الدقن) ساخرًا: هوّ جرى إيه للدنيا؟! الناس كلها بقت فتوات؟! أمّال مين اللى حاينضرب؟!.
لمزيد من مقالات ماجد حبته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.