لن أتحدث عن مواقف فنانين وفنانات يلقبون ويلقبن أنفسهم وأنفسهن نجوما ونجمات وعن عبارات علي الألسنة كانت تطلق لمديح مبارك ورموز نظامه والتسابق في سرد إنجازاته ومدي مساندته للكادحين المهمومين, ولن أتحدث عن الموقف العدائي من الثورة لأسماء لامعة لنجد إحداهن تطالب بحرقهم في ميدان التحرير, وآخر يصفهم بالحشاشين بينما الدماء تسيل هنا وهناك.. لكني استرجع ما رأيناه طوال الشهر المعظم من مسلسلات درامية لا لون لها, جعلتنا نترحم علي الدراما في الزمن الجميل, كيف نرفض ونستنكر ونشعر بالأسي وخيبة الأمل, حينما نري الفوضي والسوقية والألفاظ النابية تعم الشارع المصري وتفرض نفسها علي سلوك المواطن وتعامل البشر, بينما ما نراه من نجماتنا ونجومنا وهو لقب شاع ليشمل كل من هب ودب, ما نراه هو في المقام الأول المؤثر في هذا السلوك العام الذي استجد علي مجتمعنا بعد شيوع الاسفاف ووصلات الردح والايحاءات الصريحة التي يقشعر لها البدن ويستاء منها المشاهد, والتي يتسابق ويتنافس أهل الفن علي أدائها في مسلسلاتهم. هل القبح أصبح هو الأصل في أعمالنا الفنية, وهل المشاهد الخليعة هي الابداع الذي يتحدثون عنه ويريدونه؟ هل الرقص البلدي الاباحي هو المقصد في الشهر المعظم؟ كيف نلوم صغارنا في المنزل والمدرسة حينما تنتقل إليهم وإليهن عدوي هذه الخلاعة في وقت يحرص فيه رب الأسرة علي زرع القيم والخلق الحميد, وتعمل الدولة علي النهوض بالثقافة والارتقاء بها, بينما نجد من يخلط بين الابداع والاسفاف؟ هل من المعقول أن يصل عدد المسلسلات الرمضانية هذا العام إلي ستين مسلسلا بالتمام والكمال تقفز ميزانياتها إلي تسعمائة مليون جنيه أي ما يقارب المليار في بلد يجاهد فيه الكادحون من أجل لقمة العيش لنجد أن هذا المليار يصب في جيوب نجوم ونجمات أهل الفن؟ ماهو نصيب مصلحة الضرائب من هذا الرقم, نريد أن نعرف ما ستحصل عليه خزانة الدولة من أجر الخمسة وثلاثين مليونا التي حصل عليها هذا الفنان في مسلسله وما ستجلبه المصلحة من أجر الثلاثة عشر مليونا التي تقاضته تلك الفنانة, نريد أن نعرف موقف أهل الفن أصحاب الدخول الفلكية, وعما إذا كانت لهم ملفات ضريبية تعبر عن واقع دخلهم؟ لابد من وقفة حاسمة مع كل من يتهرب ويحجب دخله الحقيقي من العمل الفني ويقدم بيانات مضللة, لابد من ملاحقة هذه الدخول لتنال الدولة حقها. هذا إذا كنا بالفعل نستهدف العدالة والمساواة. المزيد من أعمدة شريف العبد