تعليمات لرؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة بالفيوم    فئة المائتي جنيه تستحوذ على 65.8% من النقد المصدر    إيران تعلن السيطرة على حرائق اندلعت جراء ضربات إسرائيلية على مصافي غاز    سجل عندك.. مواعيد مباريات الأهلي في كأس العالم للأندية    كشف لغز العثور على جثة داخل كابينة كهرباء ببولاق الدكرور    محمود عاشور حكم تقنية فيديو في مباراة بايرن ميونخ وأوكلاند سيتي    مصر تستهدف 166 مليار جنيه استثمارات للصناعات التحويلية فى 2025-2026    حمادة هلال يرفع شعار كامل العدد في حفلة الأخير ويتألق بأجمل أغانيه    أفضل أدعية العام الهجري الجديد.. تعرف عليها    شركة سكاى أبو ظبي تسدد 10 ملايين دولار دفعة مقدمة لتطوير 430 فدانا فى الساحل الشمالي    الرقابة النووية تطمئن المصريين: لا مؤشرات على أي تغيّر إشعاعي داخل البلاد    ديمبيلي يكشف عن الهدف الأهم فى مسيرته    السعودية تنشئ غرفة عمليات خاصة وتضع خطة متكاملة لخدمة الحجاج الإيرانيين    ولي العهد السعودي يبحث مع رئيس وزراء بريطانيا تداعيات العمليات الإسرائيلية ضد إيران    جهاد حرب: 3 سيناريوهات محتملة للتصعيد الإيراني الإسرائيلي    موعد عرض مسلسل «فات الميعاد» على «DMC»    بأغاني رومانسية واستعراضات مبهرة.. حمادة هلال يشعل أجواء الصيف في حفل «بتروسبورت»    باحث عمانى: جميع الخيارات مطروحة لإنهاء الحرب أو استمرارها    «الصحة» تُصدر تحذيرات وقائية تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب فصل الصيف    تعاون بين «إيتيدا» وجامعة العريش لبناء القدرات الرقمية لأبناء شمال سيناء    جامعة سيناء تعلن فتح باب القبول لطلاب الثانوية العامة وما يعادلها بفرعي القنطرة والعريش    الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    كأس العالم للأندية.. باريس الباحث عن موسم استثنائي يتحدى طموحات أتلتيكو    الزمالك يفكر في استعادة مهاجمه السابق    ب"فستان جريء".. أحدث ظهور ل ميرنا جميل والجمهور يغازلها (صور)    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    لتفقد المنشآت الرياضية.. وزير الشباب يزور جامعة الإسكندرية- صور    امتحانات الثانوية العامة.. الصحة تعتمد خطة تأمين أكثر من 800 ألف طالب    محافظ كفر الشيخ يُدشن حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام    لطلاب الثانوية العامة.. نصائح لتعزيز القدرة على المذاكرة دون إرهاق    «التعليم العالي» تنظم حفل تخرج للوافدين من المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية    والد طفلة البحيرة: استجابة رئيس الوزراء لعلاج ابنتى أعادت لنا الحياة    إزالة 60 حالة تعد على مساحة 37 ألف م2 وتنظيم حملة لإزالة الإشغالات بأسوان    بعد توصية ميدو.. أزمة في الزمالك بسبب طارق حامد (خاص)    إعلام عبرى: نقل طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى أثينا مع بدء هجوم إيران    رئيس جامعة القاهرة يهنئ عميدة كلية الإعلام الأسبق بجائزة «أطوار بهجت»    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    جامعة جنوب الوادي تشارك في الملتقى العلمي الثاني لوحدة البرامج المهنية بأسيوط    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    مصرع شاب سقط من الطابق الرابع بكرداسة    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    إحالة عامل بتهمة هتك عرض 3 أطفال بمدينة نصر للجنايات    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصداء السيرة في الأدب الشعبي

يشير د‏.‏ ابراهيم عوض استاذ الادب بجامعة عين شمس إلي نموذج السيرة التي ابدعها المسيحي نصري سهلب لبناني نصراني تولي عدة مناصب إدارية وسفارية مهمة لبلاده‏,‏ وتوفي منذ خمس سنوات تاركا وراءه عدة مؤلفات جد قيمة منها: في خطي محمد وفي خطي علي وفي خطي المسيح ولقاء المسيحية والإسلام والإسلام, كما عرفته, دين الرحمة والسلام... إلخ. وكان كتابه: في خطي محمد قد وقع لي في بداية سبعينات القرن
ويستكمل د. إبراهيم عوض حواره مسلطا وسلطا الضوء علي نموذج المسيحي نصري سهلب في مجموعة كتبه في خطي محمد وفي خطي علي وفي خطي المسيح الماضي, فوجدت الرجل لا يؤلف كلمات وجملا كما يصنع سائر الكتاب, بل ينتقي أجمل الورود وينسق منها باقات لا أروع منها ولا أبدع, ثم لا يكتفي بهذا بل يرش عليها مزيدا من العطر, فإذا بك, وأنت تطالع الكتاب, تشعر وكأنك في جنة وارفة الظلال يهب عليك الشذي الفواح أني يممت وجهك, فتسحرك القراءة وتدهش من أين للرجل بكل هذا الحب والتبجيل والافتتان بالنبي محمد رغم نصرانيته وتمسكه بهذه النصرانية.
والواقع أنني, رغم قراءتي من السير النبوية الكثير للمسلمين وغير المسلمين من عرب وغير عرب بلغة الضاد وغيرها, لا أذكر أني طالعت كتابا في السيرة ينضح بكل هذا العطر والجمال. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد رأيت ذات يوم صورة للرجل في إحدي المجلات, فألفيته وسيما أنيقا يشع وجهه جمالا ورضا, فقلت: سبحان الله! إن مثل تلك السيرة المحمدية الجميلة لا يمكن أن تصدر إلا عن صاحب هذا الوجه المطمئن الوسيم.
لقد ندب الرجل نفسه في هذا الكتاب للدفاع عن الإسلام ونبيه وكتابه وتاريخه وإنجازاته الحضارية بقلم يفيض محبة ونبلا, واقتناعا تاما بنبوة سيدنا محمد, وانبهارا بعظمة الدين الذي أتي به.
وأخيرا لعله من المفيد أن أنقل هنا الكلمة النبيلة التي صدر بها الأستاذ سهلب كتابه البديع. قال: هذا الكتاب أردته شمعة تضيء هيكل المحبة والقلوب. فنورها, ولو شحيحا, خير من الظلام. عزائي, يوم أغيب, أني في هيكل المحبة والقلوب تركت أثرا.
كذلك يشير ابراهيم عوض الي كتاب نظمي لوقا محمد الرسالة والرسول مشير إلي مقدمته التي جاء فيها من يغلق عينيه دون النور يغير عينيه ولا يغير النور ومن يغلق عقله وضميره دون الحق يضير عقله وضميره ولا يضير الحق. فالنور منفعة للرائي لا للمصباح والحق منفعة واحسان إلي المهتدي به لا إلي الهادي إليه.
ويقول د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر ليست سيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم مجرد سرد تاريخي, وأحداث عاشها صاحب هذه السيرة العطرة, بل هي منهج حياة وسلوك ومباديء وأخلاق يجب علي المسلمين ترسمها, واستلهام العبر منها, بحسبان أن الله تعالي أمر بذلك, إذ قال الحق سبحانه: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ولذا فما تحويه هذه السيرة من مواقف لرسول الله صلي الله عليه وسلم, هي هدي نبوي لمن يريد اتباع سبيل المصطفي صلي الله عليه وسلم, ولذا فقد حفلت سيرته صلي الله عليه وسلم بآداب وأخلاق, مثلا ينبغي لمن يتناول سيرته صلي الله عليه وسلم أن يبرزها للناس, ليتأسوا بها, ولعل من نماذج هذه السيرة, منهجه في معاملة زوجاته وأهل بيته, وعدم التفرقة بينهن في الأمور الحسية من النفقة أو القسم أو نحو ذلك, والقيام علي أمرهن, ومنهجه في تربية أولاده وأحفاده علي الحب وتحمل المسئولية, وألا يطعمون إلا طيبا, وأن يجتهدوا في العبادة, وألا يتكلوا علي أنه أبوهم أو جدهم, وسلوكه مع خدمه ومواليه, وعدم إيذائه لهم بالقول أو الفعل, ومعاملته لأصحابه وتأديبه لهم, وصبره علي فظاظة بعضهم معه, ومداعبته الصغار ورحمته بهم, وحنوه عليهم وممازحة أصحابه, وملاطفته لهم, وتفقده أحوال المسلمين, وعدم صد أحد له إليه حاجة, ورحمته بالضعفاء, ورفقه بذوي الحاجات, ونصرته المظلومين, وصفحه عمن أساء إليه, وعدم جنوحه في معاملة أعداء الاسلام والمسلمين إلي القتال أو استخدام القوة, وصبره علي الأذي ولأنواء الحياة, وعدم الركون إلي الراحة والدعة اكتفاء بتكليف غيره القيام بالأعباء نيابة عنه, ومنهجه في عدم التميز علي أحد من المسلمين بميزة, وحرصه علي أن يكون كسائرهم, وأن يحيا كما يحيا الفقراء والمساكين, وعدم إيثار نفسه أو أحد من أهله علي أحد من المسلمين, وسلوكه حينما يشتد الأمر وتضطرب الأمور من حوله, وتخلقه بالعفو والصفح ومكارم الأخلاق, واستشعار أن مكانته من ربه لن تدخله الجنة بمجردها, بل باجتهاده إلي الله في العبادة, ومنهجه في أكله وشربه ونومه وعاداته, وفي تنظيم حياته وأوقاته, ومسلكه مع المسلمين, وغيرهم في السلم والحرب, وحرصه علي مشاورة أصحابه في كل أمر عام يهم المسلمين, واحترامه لما يشير به أهله عليه, وحرصه علي سماع كلام الغير ورأيه وتقبله, وعدم التعصب لرأيه أو فكرته, ونصحه لمن هو في حاجة إلي النصح, وإفساح المجال للأحمق والجاهل, وغيرهما بالحديث إليه, وعدم تفريقه بين الناس علي أساس المعتقد أو الفكر أو الثروة أو القبيلة أو الطبقة الاجتماعية أو نحوها, فضلا عن تخلقه بالصدق والأمانة والفطنة والحذر والكياسة, والإحسان إلي الغير, ومقابلة الخلق السيئ بالخلق الحسن, إلي غير ذلك من الخصال والخلال الحميدة التي تسفر عنها سيرته العطرة, والتي لا يسع أحد إلا أن يترسمها وينهجها, ولذا فإنه ينبغي علي من يتناول هذه السيرة أن يبرز هذه الصفات التي كان يتحلي بها رسول الله صلي الله عليه وسلم, والجوانب السلوكية والأخلاقية من حياته, ليسير عليها المسلمون ويتأسوا بها, فيفلحوا, باعتبار أن الأنبياء والرسل إنما أرسلهم الله تعالي ليقتدي بسلوكهم وفعالهم من بعثوا فيهم أو أرسلوا إليهم.
ويقول د. حلمي القاعود... ولعل التراث الشعبي كان موقفه من السيرة النبوية أكثر إيجابية وعاطفية من حيث التعبير عن مشاعر الحب والإجلال للسيرة النبوية وصاحبها عليه الصلاة والسلام, وقد رأينا المنشدين في حلقات الذكر, وفي الاحتفالات بالمولد النبوي, وفي المناسبات الاجتماعية, يعبرون عن مشاعرهم وأشواقهم, خاصة في مناسبات الحج والعمرة وزيارة المدينة المنورة, فيمدحون النبي صلي الله عليه وسلم ثم يحكي المنشد أو المطرب الشعبي أو ما يسمي الصييت من خلال مديحه قصة المولد النبوي منذ البشارة بحمله صلي الله عليه وسلم ووفاة والده ووضعه وتربيته وانعكاسات الميلاد علي الكون والناس وهزيمة أصحاب الفيل, وغير ذلك من أحداث ومواقف حتي مجيء الوحي وإبلاغ الرسالة وموقف قريش والمعاناة والهجرة والغزوات وحجة الوداع وانتصار الإسلام, وهذه المدائح تجد إقبالا عظيما من الجمهور خاصة في احتفالات المولد النبوي التي تقام سنويا ويحتشد لها المجتمع بكل طوائفه, وكانت تحدث إلي عهد قريب حيث كان يتم تسيير موكب كبير يضم أصحاب الحرف المختلفة والمهن المتعددة, ويتقدمه رموز الطرق الصوفية, وبعض المسئولين ويقف الجمهور علي الجانبين متفرجا, وفي المساء يقام سرادق كبير لإنشاد السيرة والاستماع إليها وتشجيع المنشد وبطانته.
ويساعد علي ذلك لغة التشويق التي يلجأ إليها المنشد أو الراوي التي تجعل الجمهور يتعاطف مع النبي صلي الله عليه وسلم ويصب غضبه وحنقه علي ما يفعله المشركون ويقومون به من عداء للدعوة ومقاومة لها.
ويضيف د. بهاء حسب الله أستاذ الأدب العربي بجامعة حلوان.. وكذلك نجد صدي عظيما لسيرة المصطفي في السير الشعبية والأدب الشعبي, وخاصة في تاريخنا الأدبي الوسيط, في العصور الإسلامية الثلاثة.. العصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي, وقد جاءت سيرة النبي متناغمة مع سير أخري لأنبياء الله مثل سيرة موسي وسيرة الخليل ومعظمها لأدباء مصريين غير مشهورين أمثال يوسف بن إسماعيل وعبد القدوس اللخمي والصناهجي وقد دارت معظم هذه السير حول ميلاد الرسول أو بقية الأنبياء, وما ارتبط بها من خوارق ومعجزات, وكانت السير تكتب نثرا, وتتخللها أشعار باسم المولد النبوي وكانت هذه السير تلقي عادة في الاحتفال بذكري مولد الرسول صلي الله عليه وسلم وكانت تلقي كذلك سيرا ترتبط بالأحداث الخاصة المتعلقة بحياة الرسول مثل الإسراء والمعراج والمهم هنا أن نثبت أن سير الرسول, التي ظهرت علي الساحة الأدبية منذ العصر الفاطمي, وتحديدا في منتصف القرن الرابع الهجري, تركت آثارا عالمية, وبدا ذلك في تأثر دانتي بمثل هذه السير في( الكوميديا الإلهية), وللعلم فإن كثيرا من هذه السير لا يزال مخطوطا ومحفوظا في دار الكتب المصرية, وفي حاجة لمن يحققها.
وفي العصر الحديث نجد أن سيرة الرسول انتشرت بين السير الشعبية المعاصرة, ومنها سيرة الأبنودي ومستجاب وغيرهما. والخلاصة أن موضوع( السيرة النبوية) يمكن أن يدرس من زوايا عديدة, منها زاوية أنه فن توثيقي خالد ورائع وشيق وجذاب وله خصوصيته الشديدة التي تجعله فنا مختلفا من فنون النثر العربي القديم والمعاصر, ومنها أنها لون من ألوان الإبداع التاريخي الثري بومضات من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم منذ مولده وطبيعة الحياة من قبله ومن بعده ودوره ورسالته فيها, ومنها دراسة( السيرة) كفن درامي بعيد الأثر, شديد التميز, وخاصة بعدما كتبه المبدعون أمثال العقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل, وهم من هم في كتابة الأدب والدراما المعاصرة.
كما يجب أن ينظر إلي فن السيرة من زوايا أخري, كزوايا النظر إلي الكتب التي دارت حول السيرة من طرف مواز مثل كتب الفقه وكتب علوم الحديث وكتب الطبقات وكتب السير الخاصة بالصحابة والتابعين, وهنا ستتسع دوائر النظر إلي( السيرة النبوية) من أكثر من زاوية تثري الموضوع, وتدفع به إلي القاريء مشفوعا بمعلومات لا أول لها من آخر عن السيرة كتاريخ وفن ودراما وصياغة رائعة... والله الموفق والمستعان.
ويضيف الشاعر السكندري جابر بسيوني لافتا إلي أن السيرة النبوية في الأدب الشعبي نصيبا كبيرا من تبني السيرة النبوية عرضا وكتابة سواء في النثر أو الشعر وقد تضافر ذلك أيضا بقيام المنشدين بالتعبير عن السيرة النبوية خاصة شاعر الربابة قديما الذي كان يجوب الحواري والشوارع في المدن والقري والنجوع لينشد علي الربابة السيرة النبوية المستمدة من التعبير بالأدب الشعبي نثرا وشعرا وقد لاقي هذا نجاحا كبيرا نظرا لتراسل الفنون القولية واللحنية في التعبير من السيرة النبوية التي تشكل العقيدة في داخل كل منا وأيضا محبتنا إلي سماع سيرة سيد الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وترديدها غناء وشعرا ولم نزل حتي اليوم نحظي بذلك..
وتقول د. ذكاء الأنصاري باحثة تراث شعبي أن السيرة النبوية الشعبية جزء من حياة الشعوب الاسلامية وبصفة خاصة في مصر. حيث يقوم بأدائها أحد الرواة الشعبيين في الموالد والمناسبات الدينية المختلفة فهي تعكس وجهة نظر المجتمع الشعبي والتراث الاسلامي فقد تستغرق مساحات كبيرة من التاريخ الانساني والخيال الشعبي لما تحوي من غيبيات تعتمد علي الرمز والتمثيل. فالتراث الاسلامي تأثر علي مدي التاريخ بالإبداع الشعبي والفكري فقد استخدمت سير الأنبياء والمرسلين وأخيار الأمم السالفة.
السيرة الشعبية النبوية تبدأ بصلاة علي الرسول صلي الله عليه وسلم ثم ذكر البطولات والأمم السالفة وصراعاتهم وقبيلته ونسبه وغيرها من البطولات والخوارق.. ثم تذكر نسبه ووالدته ثم تمهد لمولده وتذكر عند ولاته فحين حملت آمنة بنت وهب في الرسول صلي الله عليه وسلم فقالوا اذا وقع علي الأرض عن ولادته فقوللي أعيذه بالواحد الأحد من شر ما يجد ثم سميه محمد ورأت حين حملت أنه خرج منها نور رأت به قصور بصري من أرض الشام سيرة بن هشام وعند مولده اختصم الطير والوحوش كل منهم يريد أن يكفله ولكنها ردت لأن رضاع سيد الأمة سيكون لحليمة السعدية كذلك الجن والإنس والحيوان تباشرت بمولده وأن الشجر أورق والروض ازدهي لمقدمه والسماء دنت من الأرض حين مس جسده الأرض فالسيرة الجزء الكبير منها لون من ألوان الخيال والسيرة الشعبية تستوحي باستقلال ما جاء في السيرة المدونة من معجزات سواء أثناء إقامته عند حليمة السعدية مرضعة الرسول صلي الله عليه وسلم, ثم رحلاته مع عمه عبد المطلب حتي زواجه من السيدة خديجة بنت خويلد وهبوط الوحي عليه ثم ذكر الإسراء والمعراج, وصراع قريش معه ومن معه من المؤمنين ولكن السيرة أغفلت ذكر غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم وهو الجزء التاريخي ولكن السيرة اهتمت بالجزء المعجز من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم قبل نزول الوحي. وتذكر السيرة نزول الوحي ومن هنا تبدأ السيرة. وتفسح المجال للتاريخ فتحكي وقائع الصراع بين الرسول صلي الله عليه وسلم ومن تعرضه من قريش وبين الجانب الآخر من قريش الذي ناصبه العداء مما روي من أخيارهم مثل الصراع بين سيد الخلق وركانه فصارع الرسول فغلبه ومازال علي كفره فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم ألم تكتف بأركانه بهذه المعجزة فقال له أدعو لك الشجرة فنادي عليها فوقفت الشجرة بين يدي رسول الله ثم قال لها إرجعي مكانك ففعلت.
ذهب ركانه لقومه ينادي يا بني عبد مناف ساحر فوالله ما رأيت أسحر منه قط هكذا نجد السيرة النبوية تذكر المعجزات التي تميزه عن بقية قومه, فكلما كبر توالت المعجزات حتي أن أهل الكتاب ينصحون عمه أبو طالب بإخفاء أمره عن اليهود حتي لا يتعرض لأذي حيث أن أخباره في التوراة ذكرت أنه سوف تحدث معجزات كونية لم تحدث من قبل. ومن المعجزات التي ذكرتها السيرة قصة الحية التي كانت تسكن في الكعبة وتمنع الناس من الاقتراب للبئر وذات يوم تزحف الحية علي جدار الكعبة كعادتها فإذا بطائر ببعثه الله فيختطفها وذهب بها فقال لقد أراد الله ما أردنا هكذا قصص الأنبياء تحتل المقام الأول في السيرة الشعبية حيث تروي الحياة المستقبلية والماضية وتتضخم الأحداث بحيث يصبح التميز بين الواقع والخيال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.