على طريق الشر اجتمعوا وحدتهم رابطة الدم وشيم الغدر والجبن والخسة ، أغواهم الطمع وحب المال لم يفكروا فيما هم مرتكبون من اثم وجرم بحق أبرياء، تجردوا من انسانيتهم بعد ان استحوذ عليهم الشيطان فأقدموا على سفك الدماء و تشريد الاسر وحرمانهم من ابنائهم وعوائلهم الصغار الذين خرجوا للعمل والجهاد فى سبيل لقمة العيش رغم سنوات عمرهم القليلة، وبينما كان الصبية الصغار مثالا للايثار والتضحية كان الكبار من الثعالب والذئاب يتسكعون هنا وهناك يتربصون بضحاياهم و يتأهبون لاصطيادهم ونحرهم للحصول على حصيلة كدهم وعملهم لينفقوه على ملاذتهم وشهواتهم. كانت فاقوس قد استيقظت على جريمتين بشعتين بحق اثنين من أطفالها، محمد والسيد، طفلان فى منتصف العقد الثانى من عمريهما براءة الصغار مازالت فى اعينهما اضطرا للعمل كنظرائهما تحت ضغط الحاجة والظروف الاقتصادية وغياب الرقابة عن مثليهما ممن ضجت بهم شوارع القرى والمدن فامتهنا قيادة المركبات الصغيرة «التوك توك « خلال فترة الإجازة كوسيلة للرزق ومساعدة اسرتيهما وكفايتهما شر السؤال، ارتديا حلل الكبار، وأدا طفولتهما وحملا المسئولية ليلقيا الموت على يد عصابة اختارت سفك الدماء لاشباع نهمهم للمال بعدما غلف الشيطان قلوبهم . البداية كانت بلاغا بتغيب محمد والسيد من فاقوس، وهما طفلان فى منتصف العقد الثانى من عمريهما، وقد تم العثور على جثة الاول بمصرف بحر البقر فى حالة تعفن، وعلى الفور أمر اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام بتشكيل فريق بحث من ضباط قطاع الامن العام ومباحث الشرقية لسرعة كشف غموض الحادث وضبط الجناة. وأمر اللواء عبد الله خليفة مدير امن الشرقية بسرعة ضبط الجناة فى الجريمة حيث توصلت تحريات اللواء محمد والى مدير ادارة البحث الجنائى والعميد ماجد الاشقر مفتش الامن العام والرائد محمد فاضل رئيس مباحث مركز شرطة فاقوس إلي ان ثلاثة أشخاص، شقيقين وخالهما، وراء الحادث لسرقة التوك توك الخاص به بعد التخلص منه وقتله حيث قاموا بايقافه بزعم توصيلهم الى بقعة خالية وفى الطريق قاموا بشنقه ثم إلقاء جثته فى المصرف. وبتضييق الخناق عليهم تبين انهم وراء غياب الطفل الثانى السيد الذى قتلوه هو الآخر بعد اقتياده والاستيلاء على التوك توك. وكشفت تحريات اللواء محمود ابو عمرة مدير الادارة العامة لمباحث الوزارة واللواء حسنى عبد العزيز وكيل المباحث الجنائية بقطاع الامن العام بان المتهمين يشكلون عصابة لاختطاف قائدى التوك توك من الصغار وانهم كانوا يحاولون إخفاء معالم جريمتهم بالتخلص من الجثة. وداخل قريتى الزاوية الحمراء وبنى صريد حيث تقبع اسرة الضحيتين الصغار كانت الغصة تملأ القلوب قبل الحناجر حزنا على الصغيرين وروت اسرتايهما ان نجليهما كانا نموذجا للتضحية، لم يهدرا وقتهما فى اللعب او اللهو وفضلا عن العمل لمساعدتهما. وقال والد محمد إن ابنه كان قد حصل على الشهادة الاعدادية وكان ينوى اكمال تعليمه وبالفعل سارع بالتقديم له للثانوى فقد كان: «رجلا منذ صغره رفض الجلوس فى المنزل وفضل الخروج والعمل لكسب قوته من عرقه وجهده ولو كنت اعلم ما تركته، بينما روت والدته ايام غياب ابنها قائلة: «خرج محمد كعادته بعد ان ودعنى لكن الوقت مر طويلا ولم يعد، شعرت بلهفة وجزع وقلبى يخبرنى بان مكروها وقع له»، وتضيف الام الثكلي: «الكل حاول يطمنى ويقولى لا هو بخير يمكن جاله مشوار بعيد شوية لكن النهار طلع وهو مارجعش». لم يعرف النوم طريقا لعينى الأم التى سهرت الليل فزعة وجلة واليأس يكاد يفتك بها لتمر بعده ليال أطول وأقسي. بحثت عمن يروى ظمأها بخبر عن ابنها المفقود فلم تجد، وفى الزراعات هامت بحثا عنه والظنون كلها تلاحقها وتدور بداخلها حتى عثر على جثته. فى البداية لم تتعرف عليه كان قلبها يرفض موته وكانت تدعو ان تراه حيا يرزق لكن ملابسه هى التى كشفت لها وعندما اقتربت تحققت منه، الأسوأ جاء فى اعترافات المتهمين انفسهم بان الضحية وفور شروعهم فى خنقه ظل يردد الشهادة حتى فاضت روحه.. ومن بين دموع الأمين المكلومتين طلبتا القصاص والفتك بقاتلى نجليهما وان تنفذ فيهما طريقة القتل ذاتها حتى يذوق ذواهما مرارة ما أذاقوه لابنيهما.