رغم حالة الابتهاج الشديدة التي أبداها المجتمع الدولي و العربي- دون أسباب واضحة- بتعيين الأخضر الابراهيمي مبعوثا عربيا و دوليا, فإن التباشير الأولي التي بدت للعيان حول موقف الرجل نفسه لا تنبيء بخير علي الاطلاق. وكانت البداية عندما صرح الابراهيمي بأنه ليست لديه أفكار محددة بشأن كيفية إنهاء الصراع في سوريا و لعل غياب الرؤية هذا كان هو السبب في كل العثرات التي تمترست في طريق مهمة السيد الابراهيمي من قبل بدايتها. ففي البداية استبقت الخارجية السورية الجميع مطلقة بيانا لها يؤكد أنه ليس من حق أي دولة أو طرف خارجي أو مبعوث دولي الحديث عمن يقود سوريا.. ولم يرد الابراهيمي علي هذا البيان في أي تصريح. ثم طالبته جماعات المعارضة السورية بالتأكيد علي ضرورة رحيل الأسد عن السلطة, فكان رده إنه من المبكر الحديث عن رحيل الأسد. وربما حاول الابراهيمي احتواء الموقف عندما قال في تصريح آخر إن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية. وهكذا وقبل أن تبدأ المهمة كتب الابراهيمي كلمة النهاية بغياب رؤيته حول حل الأزمة في سوريا. فما فعله المبعوث العربي والدولي هو القضاء علي أي مدخل للحوار مع أي من الطرفين منذ اللحظة الأولي. فبالنسبة للمعارضة, فقد ألقي الابراهيمي في وجهها حجرا حين حاول تصوير ثورتهم ضد نظام فاسد علي أنها نزاع أهلي أو طائفي. فما كان منهم إلا أن يتهموه باسترخاص دماء شهدائهم التي تسال كل يوم علي أراضيهم برصاص قوات نظام مجرم. ويقول محمد ياسين نجار عضو المجلس الوطني السوري للأهرام إنه ما من أحد من ثوار سوريا يعول علي الابراهيمي في إنجاز أي شيء يتعلق بالأزمة في سوريا, بل و يتهمه بأنه جزء من مخطط اطالة أمد الأزمة في سوريا و تصوير المشكلة للعالم علي أنها شأن داخلي يخص السوريين. لكن نجار يؤكد في الوقت نفسه أن المجلس الوطني سيكمل المشوار حتي نهايته, ولن يرفض علي الاطلاق لقاء الابراهيمي إذا طلب منه الدخول في أي حوار وهذا أمر وارد علي كل حال. وشدد علي أن الأمر المرفوض تماما هو أن يكون هناك أي تفاوض من أي نوع مع المجرمين أو من يساندونهم عسكريا. أما بالنسبة لأي حوار مع النظام السوري نفسه, فقد لا يلقي باللوم كله علي الابراهيمي في الفشل في فتح حوار معه لأن الأسد صم أذنيه عن الاستماع لأحد أو ربما فقد السمع من شدة دوي القصف اليومي أو أطاحت بعقله نشوة القتل بلا هوادة. لكن هذا لا يعفي الابراهيمي ولا المجتمع الدولي من مسئوليتهم عما يحدث في سوريا. وإذا كان هناك من يجادل بأن الأمل في مهمة الابراهيمي لايزال قائما, فليشر لنا عن وجه اختلاف واحد بين الظروف التي من المفترض أن يعمل فيها عن تلك التي عمل فيها كوفي عنان. بل عليه فوق ذلك كله أن يحضر في يده أدلة ثبوت براءته من تهمة التآمر لإطالة أمد الأمة لصالح أطراف أخري. سوريا ليست في حاجة إلي مبعوث دولي.. سوريا في حاجة إلي ضمير إنساني.