بلا جريمة ولا محاكمة اعتقل لمجرد الاشتباه, وفي أعتي السجون المخصصة للمعتقلين السياسيين في كوبا الذي يديره الجيش الأمريكي تم اقتياده واستجوابه وتعذيبه للادلاء باعترافات عن جريمة لم يرتكبها وهي ممارسة الارهاب أو مساندته ودعمه. إنه المصري الوحيد الذي مازال قابعا هناك في هذا السجن الكئيب الذي أقامته الولاياتالمتحدة لاستجواب واحتجاز المعادين لها أو من يلصق بهم تهم الإرهاب علي سبيل الممارسة أو التأييد, ولأنه مصري فمن الواجب أن ندافع عنه أو نمد له يد المساعدة مثلما تفعل الدول الأخري لدعم أبنائها, وحتي الآن مازال السواح ينتظر يد بلاده تمتد لتنقذه من عذابه, وأسرته ما تزال تحلم بعودته, وابنته التي تركها وعمرها4 سنوات يداعبها الأمل أن تري أباها. السجين المصري المحتجز بلا محاكمة في جوانتانامو اسمه من واقع السجلات الرسمية طارق محمود أحمد محمد السواح, من مواليد محافظة الاسكندرية في2 نوفمبر1957, تعليمه بكالوريوس في علم طبقات الأرض الجيولوجيا من كلية العلوم بجامعة الاسكندرية دفعة1982, وحاصل علي دبلوم معهد الدراسات الإسلامية الأزهرية بالزمالك عام85, واعتقل في الأحداث السياسية الشهيرة, التي انتهت سنة1981 بعد اغتيال السادات. وقصة طارق مع الاعتقال والغربة يرويها شقيقه جمال, والذي لا يمل في جهوده لإنقاذ شقيقه, فيقول: طارق سافر الي اليونان عام1990, ومنها الي كرواتيا, حيث عمل مع هيئة الاغاثة الاسلامية لمساعدة منكوبي مذابح الصرب ضد المسلمين في البوسنة ثم تزوج من فتاة بوسنية في عام1993 ورزقه الله بابنته سارة, وفي عام1995 بعد أن وضعت الحرب الصربية علي المسلمين أوزارها انتقل طارق وعائلته الي مدينة زينتيا التي تبعد نحو الساعتين عن سراييفو بعد حصوله علي الجنسية البوسنية, والتي اتاحت له تملك مزرعة بالاضافة الي عمله كمدرس للدين الإسلامي في معهد زينتيا للدراسات الإسلامية وأيضا في دار الأيتام التابعة لهيئة الاغاثة الإسلامية. ويضيف جمال: مرت الحياة هادئة مستقرة بالأسر التي علي شاكلة أسرة طارق الأسر العربية البوسنية حتي جاءت اتفاقية داتيون التي حاكتها يد الصهيوني العنيد اللورد داتيون خصيصا لضرب وتشتيت الأسر العربية البوسنية, وكان أهم بنودها طرد جميع البوسنيين العرب دون أي اعتبار لحقوقهم أو حقوق أسرهم الانسانية ناهيك عن حقوقهم القانونية والسياسية حيث أنهم مواطنون بوسنيون بالتجنس. وحاول طارق العودة الي اليونان أو الذهاب الي ألمانيا أو أي دولة أوروبية أخري فلم يستطع, وسرت معلومات بأن المخابرات الأمريكية حصلت علي بيانات عرب البوسنة من جهاز الهجرة والجنسية البوسنية ووزعته علي جميع إدارات الهجرة الأوروبية لمنعهم من الدخول الي أي بلد أوروبي, فدفعت بهم دفعا الي افغانستان البلد الوحيد الذي منحهم الملجأ وكان أن توكل طارق علي الله.ويمضي جمال قائلا: في عام1999 هاجر طارق الي افغانستان ككثير من اخوانه عرب البوسنة, وتم الترحيب بطارق في أحد المدارس الشهيرة لتدريس الشريعة, حيث إنه حاصل علي اجازة أزهرية في الدراسات الإسلامية, وفي أثناء استعداده لاستقدام أسرته من البوسنة الي افغانستان جاءت أحداث سبتمبر, وقرر طارق وبعض رفاقه ألا يكونوا طرفا في هذه الأحداث فاتخذوا طريقا للخروج عبر باكستان, وفي الطريق هاجمتهم الطائرات الأمريكية فقتلت كثيرا منهم, وكان طارق من الجرحي الذين باعهم مرتزقة الحرب الأفغان الي القوات الأمريكية, ومنها الي جحيم معتقل جوانتانامو في نهاية2001 وبداية2002, وتحت ضغط دول الاتحاد الأوروبي اضطرت الإدارة الأمريكية للسماح لمخطوفي جوانتانامو بالاتصال بأهاليهم عن طريق الصليب الأحمر الدولي بواسطة الانترنت المرئي بصفة دورية. عقله مشتت ويصف جمال حال شقيقه في أول اتصال بينهما, فيقول إن الصدمة كانت في أول لقاء حيث انتفخ جسده بصورة رهيبة, وتاه عقله, وأصبح مشتتا, وبالكاد تعرف علي اشقائه, وكان هذا أحد أعراض التعذيب والحبس الانفرادي والعقاقير المسممة جينيا التي يعالج بها كل مختطفي جوانتانامو. ويضيف, تقدم المحامون بدءا من ماري بتراس المتطوعة الأمريكية ونهاية بشين جليسون منذ بداية2002 وحتي2009 بطلبات للجنة العسكرية للمعتقل لإطلاق سراح طارق وإسقاط جميع التهم عنه لعدم وجود أي أدلة, وفي13 ديسمبر من عام2011 تقدم المحامي العسكري الأمريكي شين جليسون بطلب رسمي الي وزارة الخارجية المصرية كي تطلب من السلطات الأمريكية اعادة طارق الي مصر, حيث انه لا يوجد أي مبرر قانوني لاعتقاله. وفي29 فبراير من العام الحالي في عريضة الاستشكال الموقعة من البريجادير الجنرال مارك مارتن رئيس النيابات العسكرية الأمريكية يفيد موافقته وتوصيته بإسقاط جميع التهم عن طارق السواح. وفي بداية مارس الماضي صدر قرار موافقة الجنرال بروس ماكدونالد رئيس اللجنة العسكرية الأمريكية بجوانتانامو علي اسقاط جميع التهم عن طارق السواح, ومع كل ذلك استمر اعتقاله في السجن دون مبرر أو سند قانوني أو اخلاقي حتي الآن. أسرة تبحث عن عائلها مأساة طارق السواح لا تتعلق به وبشقيقه فقط, بل تمتد الي والدته أيضا والتي لا تعرف شيئا عنه منذ أواخر عام2001, حيث إن أفراد الأسرة حرصوا علي اخفاء أمر اعتقاله عنها نظرا لحالتها الصحية, وهم يقدمون الاعذار لها كلما سألتهم عنه والشيء الوحيد الذي مازالت تذكره عن ابنها انه مقيم في البوسنة, الطرف الآخر للمأساة يتمثل في ابنته سارة والتي تركها وعمرها4 سنوات فقط وهي الآن بنت ال16 عاما ومازالت تحلم برؤية والدها وكل ما تملكه منه مجموعة من الصور له ولها وهي طفلة صغيرة.. سارة تتمسك بالأمل في أن تري والدها وتحتضنه بعد كل هذه السنوات الطويلة من البعد. الجانب الرسمي أسرة طارق السواح لم تجد أمامها من وسيلة لمساعدة ابنها الا أن تلجأ للسلطات الرسمية المصرية فخاطبت وزارة الخارجية المصرية لمساعدتها في عودة طارق ثم لجأت مؤخرا لمخاطبة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية. وفي اطار نفس الجهود تلقت الخارجية المصرية خطابا من رئيس المحامين العسكريين الأمريكيين للدفاع عن طارق في نهاية العام الماضي كما يقول جمال لحثها علي ضرورة مطالبة الحكومة المصرية للحكومة الأمريكية بتسليم طارق الي مصر حيث انه مواطن مصري محتجز لعشر سنوات ضد جميع الاعراف والقوانين الدولية بدون محاكمة مما يضعه في مصاف الاختطاف والقرصنة الدولية. وزارة الخارجية المصرية قامت من جانبها ومن خلال محمد عمرو وزير الخارجية بمخاطبة وزيرة الخارجية الأمريكية لاطلاق سراح مواطنها المحتجز في جوانتانامو دون تقديمه للمحاكمة, وتعتزم الوزارة توكيل أحد المحامين الأمريكيين من ذوي الخبرة في مجال الدفاع عن حقوق المعتقلين في جوانتانامو للدفاع عنه. وفي انتظار الفرج يبقي طارق السواح حبيسا لسجن جوانتانامو.