المشهد لا يوصف, عربات الإسعاف تكاد هي الوحيدةالتي تسير في القرية محملة بالمرضي, مستشفي حميات المنوف يضج بالعسكر وأهالي المرضي , تجمعات وحشود كلها تشكو من الإهمال الذي طال محطة تحلية المياه التابعة للشركة القابضة للمياه,وهذه الشكوي لم تتوقف طيلة السنوات الماضية من أن أزمة حقيقية ستطال هذه المحطة ما لم يتم علي وجه السرعة إصلاح هذه المحطة وإنشاء أخري. في الطريق إلي منوف تري كثيرا من محطات المياه الخاصة والمنشأة بجهود ذاتية, هنا في قرية هيت التابعة لمركز منوف وجدنا محطة قيل لنا إن أهل القرية كلهم اشتركوا في إقامتها, يتجمع حولها الأهالي بكثافة, هذا بحمار يحمل عليه أكثر من جركن كبير للمياه, وآخر بموتوسيكل اتخذ من الأمر تجارة, وأخريات خرجن صحبة كل منهن تحمل جركن فوق رأسها. يقول عاطف أحد الموجودين بجوار المحطة: قامت المحطة بعملها علي نفقتها الخاصة, فالمياه الموجودة بالمنازل إن وجدت أصلا لا تصلح حتي لغسيل الملابس, لونها أصفر كليا. حين تصل إلي مستشفي حميات منوف يذهلك الأمر, بنات في ربيع العمر وشباب في زهرة شبابهم تكوموا علي الأسرة, وعدد كبير آخر لم يجد مكان له فتم تحويله إلي مستشفي الباطنة هذا فضلا عن العيادات المتنقلة الموجودة بكثافة غير عادية الموجودة بالقرية والوحدة الصحية بصنصفط ومركز الشباب بها. في مستشفي حميات منوف التقينا دكتور أيمن عبدالمنعم وكيل وزارة الصحة بالمنوفية حيث قال: إن الموجود بالمستشفي هو107 حالات خرج منها15 حالة, وأن العدد في تناقص مستمر, وتمثلت الحالات في قيء وإسهال وارتفاع درجة الحرارة, وهي في كل الأحوال تسمي نزلة تستمر من ثلاثة إلي أربعة أيام, وليس هناك خطورة, ولكن وارد أن يصاب الناس بالهلع والخوف, فالأمر يحدث لأول مرة.وهذا نتيجة تلوث معين سواء ماء أو أغذية, وقامت الوزارة بأخذ عينات من المياه الحكومية والجراكن والأسواق والمحلات وبيوت المصابين. ويضيف د. أيمن: أنا كجهة حيادية أتمني ألا يكون هناك مصدر تلوث, وبعد الأزمة قمنا بتقسيم القرية إلي مربعات وتحليل الشكل المرضي, فوجدنا ثلاثة مربعات تركزت بها الإصابة, بينما المربعان الآخران كانا خاليين من المرض. وعلميا فإن أقرب وسيلة للتلوث هو الماء, ووجدنا مصادر المياه المتمثلة في الشبكة الرئيسية, وشركة خاصة لتحلية المياه, وأزمة الشركة الخاصة من وجهة نظري هي أنها بدون ترخيص, فنحن لا نتهم الشركة( المحطة الخاصة) بأنها مصدر التلوث, ولكن الخطأ كان عدم الترخيص, وقرار الغلق ليس بسبب التلوث ولكن لعدم الترخيص. ويشير قامت الوزارة بأخذ عينات ثلاث مرات متتالية, والهدف هو الوصول إلي مصدر التلوث, ومحطة المياه التابعة للشركة القابضة كانت نسبة الكلور بها( صفرا) وقد أصدر الوزير قرارا بالغلق, ومع ذلك استمرت المحطة في ضخ المياه حتي الساعة الثانية عشرة أمس الأول, وموجود بالقرية ثلاثة آبار ارتوازية, وتم غلق البئر الثانية, بينما البئر الثانية كانت خالية من الكلور. وانتقلت الأهرام إلي أسرة المرضي, وفي حجرة تضم ثلاث بنات أكبرهن لم تتعد الخامسة عشرة من عمرها واسمها برين, فقالت: يوم العيد الصبح شربت من مية الحنفية علشان الحنفية اللي بنجيب منها قفلت يوم الوقفة وفي الحجرة المقابلة يرقد ثلاثة شباب منهم باسم حسن يوسف, فيقول أنا بصراحة مش عارف مصدر التعب, والمية اللي بنشربها أصلا لا يشربها الحيوانات فهي كما الحنة التي تتزين بها العروس ويشير المحطة التابعة للشركة القابضة لا يتم غسلها علي الإطلاق, وبصراحة هناك إهمال من الوحدة والعاملين فيها قبل الدخول إلي القرية مباشرة تجد مبني خراسانيا, يقول عنه أسامة عبدالرحمن حماد من قرية صنصفط: تم التبرع بهذه الأرض لإقامة محطة تحليه عليها, وهي علي هذا النحو من ثلاث سنوات. ما إن تدخل القرية مباشرة حتي تستقبلك مقابر الموتي علي يمنيك, وكأنه إشارة بتذكر الموت دائما, وما إن تنتهي حتي تجد محطة التحلية الخاصة وقد تجمع الأهل حولها وعلا صراخهم, رافضين الاتهام بأن هذه المحطة هي سبب الأزمة, فيقول حمزة عبدالرحمن مصطفي: المحطة الخاصة أنشئت منذ سنة ونصف السنة, ومياهها نقية جدا, وتصل إلي عمق85 مترا, أي بعيدة تماما عن مياه الصرف( الطرنشات المنتشرة في كل قري مصر), وكل أسبوعين يتم تحليل المياه ويتم تغيير الفلاتر لها باستمرار من خلال شركة خاصة, تم التعاقد معها خصيصا. ويري حمزة أن الأزمة الحقيقية التي ظهرت في القرية كان السبب فيها هو غلق المحطة قبل العيد مباشرة, مما دعا الأهالي إلي استخدام مياه محطة الشركة الكبري مضطرين, مما أحدث الأزمة وأصاب هذا العدد الكبير من الأهالي,ويتساءل حمزة, كيف تكون هناك محطة خيرية لأهالي الناس ويتم اتهامها بأنها سبب التلوث. وتشير سيدة أخري بجوار مسجد الشهداء بالقرية إلي حنفية كبيرة موجودة أمام المنزل ياأستاذ امتي هيشغلوا المحطة, احنا بنحط سكر علي المية دي ونشربها قالتها بتهكم شديد دي المواشي بتخاف تشرب منها, والله حرام. أما المحطة الرئيسية والتي يتهمها الأهالي بأنها السبب الأساسي في الأزمة, في محطة لايطيق أحد الدخول إليها, مياه صفراء فاقع لونها, وتراب صار أكواما, لم تمتد إليه يد التطوير أصلا منذ سنوات, وأسفلها تجمع الأهالي ودارات مشاجرات وتلاسن بينهم, ولا يستبعد أن تختلط المياه بمياه الصرف الموجودة ب الطرنشات حيث تمر مواسير المياه منها, فوارد أن يحدث كسر فتدخل المياه إليها. ولم يختلف المشهد كثيرا أمام الوحدة الصحية ومركز الشباب حيث عشرات الحالات, وعشرات غيرها تتلقي العلاج في العيادات المتنقلة, بينما تتراص سيارات الإسعاف في انتظار نقل الحالات الأشد خطرا إلي مستشفي حميات منوف. أحد العاملين بالوحدة الصحية, قال إن العدد اليوم وصل إلي400 حالة, بينما أمس زاد عن الألف حالة, فيما يري غيرهم من الأهالي أن الأعداد ربما تتعدي ثلاثة آلاف حالة.