استنكر عدد من علماء الدين وخبراء الاقتصاد الإسلامي وجمعيات الأمومة والطفولة, استغلال مرضي السرطان من الأطفال والكبار في الإعلانات التلفزيونية التي تستهدف جلب التبرعات والصدقات لبعض الجمعيات والمؤسسات والمستشفيات الجديدة. معتبرين تلك الظاهرة التي تجلت علي شاشات الفضائيات خلال شهر رمضان تعد تشهيرا بالمرضي والفقراء الذين تتحمل الدولة مسئوليتهم وتتكفل بعلاجهم بما يحفظ كرامتهم وأسرهم, وطالبوا أن تكون الدعوة للتصدق وإخراج الزكاة ومساعدة الفقراء من خلال برامج دينية تستضيف كبار العلماء والدعاة ممن لديهم القدرة علي إقناع الناس بضرورة التصدق ومساعدة المرضي. وتوضيح الفرق بين الزكاة والصدقة والوقف وبيان أحكام إخراج زكاة المال وغيرها من الأمور التي لا تهتم بها تلك الجمعيات التي تستهدف جمع الأموال دون البحث عن الفقراء والمحتاجين. ويري الدكتور محمد عبد الحليم عمر, أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر, أن الدعوة إلي التكافل والتصدق وإخراج الزكاة يجب أن تكون من خلال برامج دينية وليس من خلال إعلانات تجارية يظهر فيها بعض الفنانين والشخصيات العامة وأن تكون هناك ضوابط صارمة لمعرفة أين تذهب هذه الأموال وكيف يتم صرفها, مؤكدا أن هناك ظلالا من الشك حول بعض هذه المؤسسات التي تجمع الأموال وتقوم بعمل إعلانات تجارية يظهر فيها الأطفال والمرضي وهذه الإعلانات مستمرة طوال اليوم تقريبا بالإضافة للإعلانات الموجودة في الشوارع, ومادام أن بعض هذه الجمعيات تقوم بهذه الإعلانات منذ أكثر من عشر سنوات, فالسؤال هنا إذا كان هناك تجاوب من الناس فأين ذهبت كل هذه الأموال ولماذا يزداد عدد الفقراء رغم الأموال التي تجمعها تلك المؤسسات, أما إذا لم يكن هناك تجاوب من الناس فلماذا تستمر هذه الجمعيات في عمل إعلانات تجارية لسنوات طويلة وتستغل الأطفال المرضي والشخصيات العامة في ذلك. وأكد أن زيادة عدد هذه الجمعيات أوجد حالة من الريبة لدي الناس ولابد من وجود ضوابط لعمل هذه الجمعيات التي تقوم بعمل إعلانات كثيرة في وسائل الإعلام وفي الشوارع مع أن مردود ذلك علي الطبقات الفقيرة غير معلوم, كما أن هناك أخطاء كثيرة تقع فيها هذه الجمعيات والناس لا يدركون بعض الأمور فالزكاة لها أحكام غير الصدقة وغير الوقف وكل ذلك يحتاج لأن تستعين هذه المؤسسات بعلماء الدين وأن تتم الدعوة للتصدق من خلال برامج دينية توضح للناس أحكام الزكاة وليس من إعلانات تجارية. حقوق الأطفال وحول مشروعية استخدام الأطفال في جمع التبرعات من خلال استعطاف الناس في الشوارع وفي وسائل المواصلات يقول الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, إن الأطفال منحة إلهية للبشر ونعمة كبري أنعم الله بها علي عباده ومن هنا ينبغي أن نحسن تربيتهم وفقا لما أمر به الإسلام, لكن استغلال الأطفال في التسول أو الحصول علي الصدقات والتبرعات أصبح من الظواهر السيئة التي تهدد المجتمع في الفترة الحالية لأن هناك الكثير من الظواهر السلبية التي تترتب علي هذا وتكثر الجرائم نتيجة لأن البعض أصبح يستخدم الأطفال بطريقة سيئة لا تتفق مع تعاليم الإسلام, فنجد البعض يعرض هؤلاء الأطفال وهم يرتدون ملابس ممزقة ويجبرهم علي التسول بطرق غير إنسانية تغرس لديهم الكثير من الأفكار التي تؤثر علي حياتهم في المستقبل. ويشير إلي أن هؤلاء الأطفال يتم تدريبهم علي استعطاف الناس بألفاظ وعبارت معينة وهذا أمر بالغ السوء وينبغي علينا أن نقاومه بل ويجب علي الدولة أن تجرم استخدام الأطفال في مثل هذه الأعمال لأن ذوي النفوس الضعيفة يحصلون علي هؤلاء الأطفال بطرق غير مشروعة فقد يكون هذا الطفل قد تعرض للاختطاف ولا يعرف أهله ويتم إجباره علي القيام بهذه الأعمال أو أن تكون أسرة الطفل قد دفعت به لبعض العصابات التي تحترف هذا الأعمال مقابل مبالغ مالية نتيجة الظروف الصعبة التي تعيشها هذه الأسر الفقيرة, وطالب علماء الدين وأعضاء الجمعيات الخيرية بضرورة مقاومة هذا السلوك غير الإنساني الذي يعد مصدرا من مصادر الجرائم في المجتمع, كما طالب الجهات المعنية بالدولة بالتصدي لهذه الظاهرة ومنع استغلال الأطفال, لأن هذه الطريقة في الحصول علي التبرعات والصدقات تضر بالفقراء والمرضي والمحتاجين الحقيقيين للمال. المستحقون للزكاة ويري الشيخ أحمد ترك, إمام وخطيب مسجد مصطفي محمود, أن كثيرا من هذه الجمعيات لا تؤدي رسالتها, لأنها لا تقوم بعمل دراسات ميدانية لمعرفة الفقراء ولا تصل إليهم بشكل فعلي, إنما تحاول أن تظهر الدور الإجتماعي فقط من خلال التأثير علي الناس بالإعلانات, وبعض هذه الجمعيات يضلل الناس بشكل حقيقي فعندما تعلن بعض هذه الجمعيات أنها تكفل مئات الآلاف من الأيتام والفقراء والمرضي وهي تعطي كل فرد عشرة جنيهات في الشهر رغم أنها تجمع مبالغ طائلة, فإن هذا يؤكد أن هذه الجمعيات لا تقوم بدورها. وطالب وزارة التضامن الاجتماعي بهيكلة لوائح الجمعيات والمؤسسات التي تجمع التبرعات وأن تراقب عمل هذه الجمعيات بشكل حقيقي بل وعليها أن تقوم بتجميد الجمعيات التي لا تؤدي دورها ولا تسمح لها بالعمل إلا بعد أن تكون قد تأكدت من جدية هذه المؤسسات, مشيرا إلي أن توعية الناس بالإنفاق والدعوة للتصدق لا ينبغي أن يأخذ مظهر الإعلانات فقط, لأن البعض من هذه المؤسسات يسعي للتأثير علي عواطف الناس للتبرع من خلال الإعلانات التي تعرض لحالة المرضي والمحتاجين, ولذلك كل إنسان عليه أن يقدم الصدقات وزكاة المال للجهات التي يتأكد بشكل قاطع أنها تقوم بعمل حقيقي وتذهب للفقراء والمحتاجين والمرضي في أماكنهم.