فى سابقة هى الاولى من نوعها تقف هيئتان رقابيتان يرأسهما مستشاران من شيوخ القضاة هيئة النيابة الادارية والجهاز المركزى للمحاسبات - امام منصة قضاء مجلس الدولة للفصل فى أحقية كل منهما فى كشف ووأد الفساد والمسئولين عنه وملاحقتهم تأديبيا . سر اشتعال الأزمة من جديد هو القرار الذى عممته «هيئة النيابة الإدارية» على «الجهات الادارية» بأنها «سلطة تحقيق.. واتهام.. وتوقيع الجزاء والتظلم منه».. الأمر الذى دفع «الجهاز المركزى للمحاسبات» إلى الاحتكام لمجلس الدولة ورفع الدعوى القضائية امامه باعتبار المجلس صاحب الاختصاص الأصيل لمحاكمات القرارات الادارية التى تصدر عن اى من الجهات الادارية ومنها مدى أحقية سلطة الجهاز المركزى للمحاسبات فى الاشراف والرقابه ومتابعة المخالفات التى تقع فيها الجهات الادارية والمسئولون عن هذه المخالفات وملاحقتهم تأديبيا وتصويب الأخطاء. ازدادت الأزمة اشتعالا مع بدء هيئة النيابة الادارية تفعيل قرار المستشار سامح كمال رئيس هيئة النيابة الادارية الأسبق بالتنبيه على جميع فروع النيابة بعدم إحالة قضايا الفساد والقرارات التى تتخذ بشأنها للجهاز المركزى للمحاسبات للرقابة والتعليق عليها وإعادتها فى حالة عدم رضاه عن العقوبة. النيابة الادارية استندت فى قرارها إلى المادة 197 من الدستور التى نصت على أن الهيئة ليست «جهة إدارية» لإحالة القرارات التى تنتهى اليها للجهاز المركزى للمحاسبات للتعقيب عليها كما ان قرارات النيابة ليست نهائية، فالقرار تتم إحالته للمحكمة التأديبية العليا لنظره حيث إن الكتاب الدورى رقم 2 لسنة 2016 الصادر عن إدارة التفتيش بهيئة النيابة الادارية نص على أنه نفاذا لأحكام المادة 197 من الدستور المصرى فإنه لا رقابة للجهاز المركزى للمحاسبات أو أى جهة أخرى على قرارات النيابة الإدارية الصادرة بالحفظ أو توقيع الجزاء، وإنما يكون لذوى الشأن الطعن على تلك القرارات أمام المحكمة التأديبية المختصة. ولم يقف الجهاز المركزى للمحاسبات برئاسة المستشار هشام بدوى مكتوف الأيدى أمام قرارهيئة النيابة الادارية ورفضه جملة وتفصيلا، مؤكدا ان النيابة تخطت اختصاصاتها وجارت على اختصاصات الجهاز المنصوص عليها فى الدستور ايضا، موضحا أنّ ذات النص يلزم الجهات المشار إليها بموافاة الجهاز المركزى للمحاسبات بالقرارات المتعلقة بالمخالفات خلال شهر من تاريخ صدورها، مصحوبة بأوراق الموضوع كافة. وأكد «المركزى للمحاسبات» فى دعواه التى أقامها أمام القضاء الادارى برئاسة المستشار عمر ضاحى نائب رئيس مجلس الدولة التى تنظر موضوع الطعن أن قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية يخالف ما نص عليه قانون الجهاز من اختصاصه بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته بشأن المخالفات المالية التى تقع بها، وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة قد اتخذت بالنسبة لتلك المخالفات وأن المسئولية عنها قد حددت وتمت محاسبة المسئولين عن ارتكابها. وأوضح الجهاز المركزى امام المحكمة أن القانون فرق بين حالتين يمكن لرئيس الجهاز أن يتصرف فى المخالفة وفقا لهما عقب ورود الأوراق إليه، أولاهما أن يطلب تقديم العامل للمحاكمة التأديبية، وفى هذه الحالة يكون على الجهة المختصة الإحالة إلى المحاكمة التأديبية مباشرة خلال الثلاثين يوما التالية. أما الحالة الثانية، فيحق فيها لرئيس الجهاز أن يطالب الجهة الإدارية مصدرة القرار فى شأن المخالفة المالية، بإعادة النظر فى قرارها، وفى هذه الحالة تلتزم الجهة الإدارية بموافاة الجهاز بما اتخذته فى هذا الصدد، فإذا لم تستجب لطلب الجهاز، يحق لرئيس الجهاز أن يطلب تقديم العامل للمحاكمة التأديبية، وتلتزم الجهة التأديبية المختصة بمباشرة الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يوما التالية. من جهتها، أصدرت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة قرارها بالتأجيل لجلسة 5 يناير المقبل فى الدعوى التى حملت رقم 34055 لسنة 70 قضائية.