جهاز حماية المنافسة: الاتفاقات الحصرية بين المدارس والمحال تسهم فى تقليل جودة المنتج مواطنون ضد الغلاء: نطالب بتوحيد الزى فى كل مرحلة مع وضع «البادج» الخاص بالمدرسة
لا يكاد أولياء الأمور يفيقون من مصروفات شهر رمضان وعيد الفطر وتبعهما المصايف ثم مستلزمات عيد الأضحى إلا وجدوا أنفسهم على مقربة أيام قلائل من العام الدراسى الجديد..ولعل الزى المدرسى هو أول المستلزمات التى يتجه ولى الأمر الى شرائها..ومع ارتفاع الأسعار بدأ بعض أولياء الأمور فى ترشيد الشراء، ولكن حتى بعد الترشيد فالمشكلة قائمة خاصة مع اتجاه بعض المدارس إلى تغيير الزى الموجود لديهم من العام الماضى بزى جديد بأسعار جديدة، حتى أولياء أمور المدارس الحكومية لم يسلموا من الزيادة الجنونية فى الأسعار. «تحقيقات الأهرام» رصدت معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار الزى المدرسى ورد المسئولين على سبب هذه الزيادة. داليا محمد أم لطالبة بالصف الثانى الإعدادى تقول: ذهبت لشراء الزى المدرسى لابنتى ففوجئت بتغييره، مما أصابنى بصدمة شديدة لأننى كنت أنوى استغلال بعض القطع من زى العام الماضى وأضيف إليها، علاوة على مضاعفة السعر بدعوى تغيير الخامات للأفضل.. وللأسف اضطررت للشراء. طارق حسين ولى أمر طفلتين بالمرحلة الابتدائية يقول: أسعار الزى المدرسى هذا العام مبالغ فيها بشكل كبير ولا أعرف المبرر..فهو بنفس خاماته ولم يتغير فيه شئ، وعندما سألنا عن سبب الزيادة أخبرونا إنه غلاء الخامات وتحرير سعر الصرف، واضطررت للشراء ولكن قمت بشراء قطعة واحدة لكل طفل بدلا من قطعتين. صفاء محمود أم لثلاثة أبناء تقول فى غضب شديد: لماذا يُفرض علىَ شراء البنطلون ب 450 جنيها على الرغم من أن مثيله فى المحال لا يتعدى نصف الثمن وجودته أعلى والفرق هو شعار المدرسة (اللوجو)، وذلك أجبارنا على الشراء.. وللأسف فإن حصول المدرسة على نسبة من بيع الزى المدرسى يجعلها توافق على هذه الزيادة التى ستصب فى مصلحتها. وفى غضب شديد، قالت سهام السيد: أنا أرملة ومعاش زوجى ضئيل لا أستطيع شراء ملابس مدارس لأبنائى الثلاثة، وبسبب غلاء الأسعار أصبحت أكسر فرحة أولادى الصغار بألا يشتروا ملابس جديدة وأجبرهم على ارتداء ملابس شقيقهم الأكبر واضطررت لشراء طقم واحد فقط للإبن الكبير. أما صاحبة أحد محال الزى المدرسى بمدينة نصر فتقول: إن هناك مدارس كثيرة تقوم بتغيير الزى كل ثلاث سنوات وذلك لضمان شراء أولياء الأمور، وتكلف المحال المتعاقد معها بهذا التغيير، ولكن صاحبة المدرسة المتعاقدين معها رفضت تمامًا التغيير حتى لا تكلف أولياء الأمور فوق طاقتهم. ونحن من جانبنا لم نرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، ولكن الزيادة كانت بمقدار زيادة الخامات المستخدمة، وقد زادت اسعار بنسبة 20% فقط عندنا، أما عن عملية البيع والشراء فقد تراجعت كثيرًا عن العام الماضى. محمد عبدالسلام رئيس غرفة صناعة الملابس والمفروشات باتحاد الصناعات يشير من جانبه إلى أن سبب ارتفاع أسعار الزى المدرسى يرجع إلى ارتفاع أسعار المياه والكهرباء وأجور العمال والغاز والمحروقات، فكل هذا له تأثير مباشر على سعر المنتج كذا الزيادة فى أسعار الصباغة و«التكييس«» فجميع الخدمات زادت أسعارها، بالأضافة إلى زيادة أسعار النسيج نفسه ونسب الزيادة تتراوح ما بين 5% إلى 15%. وقال: إننا نعيش فى ظل اقتصاد حر والسعر يتحدد وفقا للعرض والطلب والمعيار الأساسى فى الشراء يجب أن يكون لمصلحة الجودة والسعر، وهنا يأتى دور المستهلك الذى عليه أن يبحث جيدًا للحصول على أفضل منتج بأقل سعر وبذلك سيمنع احتكار التجار الجشعين. وأضاف أن سبب ارتفاع زى طلاب المدارس الخاصة بهذا الشكل المبالغ فيه أن إنتاجيته قليلة عكس زى المدارس الحكومية والذى ينحصر فى 3 ألوان وانتاجيته أكبر.. فكل مدرسة خاصة لها عدد معين من الطلاب بزى خاص بها وينتج صاحب المدرسة وفقا لهذا العدد، وبالتالى تنخفض الإنتاجية مقابل نظيرتها فى المدارس الحكومية.. وعلى الرغم من حالة الاستياء العامة بسبب ارتفاع الأسعار لكننى أرى أنها ظاهرة صحية للترشيد فقد أصبح المواطنون يشترون احتياجاتهم فقط وفقا للأولويات. الخط الساخن د.أمير نبيل رئيس جهاز حماية المنافسة يقول: للأسف لا يوجد لدينا حصر بعدد المدارس التى تجبر أولياء الأمور على الشراء من متجر محدد ولكى نتخذ إجراءاتنا القانونية لابد من إبلاغ جهاز حماية المنافسة بشكاوى المتضررين من أولياء امور وذلك بالاتصال على الخط الساخن «35351900» وبناءً عليه يتم عمل حصر بهذه المدارس ومن ثم مطالبتهم بالالتزام باتباع الإرشادات الخاصة الصادرة من الجهاز فى هذا الشأن وأهمها عدم الاتفاق مع متجر أو مصنع بعينه لتصنيع وبيع الزى الخاص بالمدرسة لأنه بذلك يحتكر الزى، مما يؤدى إلى انهيار مشروعات صغيرة ومتوسطة تعتمد على صناعة الملابس والتى من الممكن أن تقدم جودة أعلى فبذلك يساعد على إضعاف المنافسة وحصر الخيارات والتنوع أمام ولى الأمر، كما يساعد أيضًا إبرام هذا النوع من الاتفاقات الحصرية على تقليل الجودة للمنتج لأنه فى إطارها قد يستخدم المُصنع خامات أقل جودة بأقل الأسعار وتحقيق مكاسب كبيرة من خلال البيع بأسعار مبالغ فيها. أضاف أن من ضمن الأرشادات التى وضعها جهاز حماية المنافسة التزام المدارس الخاصة بمعايير موضوعية للزى المدرسى كتحديد تصميم وألوان غير معقدة، وكذا بيع «بادج» المدرسة لولى الأمر وهو يقوم بإلصاقه بمعرفته على الزى، مشيرًا إلى أن هذه المعايير الموضوعة معايير دولية، وبالمثل وضعنا أيضًا معايير للأدوات المدرسية بحيث لا تشترط المدرسة شراء أنواع معينة أو ماركات بعينها. وفى إطار العقوبات الواقعة على المدرسة، فإننا إذا وجدنا أية ممارسات احتكارية نتج عنها سعر إحتكارى نطالب بإزالة هامش الربح الناتج عن هذه الممارسة ويتم تعويض المتضررين من هامش هذا الربح، وإذا استمر ارتكاب المخالفة نلجأ إلى اتباع اجراءات القانونية وإحالة المخالفين للنيابة العامة. محمود العسقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء يقول: تقدمنا ببلاغ لجهاز حماية المنافسة بمنع الممارسات الاحتكارية قبل سنوات ولكن للأسف لم يتم التحقيق فيه وكان البلاغ عن المدارس التى تجبر أولياء الأمور على الشراء من محل بعينه أو شركة بعينها دون وجود شركات أخرى منافسة مما يعد ممارسة احتكارية يجرمها قانون حماية المنافسة بمعنى أن الأصل فى السوق أن يكون هناك أكثر من جهة لشراء السلع، ولكن أن تتفق المدرسة مع شركة بعينها فهذه جريمة لا يمكن السكوت عنها ، وعلى أصحاب المدارس أن يبحثوا عن مصادر أخرى لإخطار أولياء الأمور. وهناك مبادرة من بعض أولياء امور «100 أسرة » رفضوا شراء الزى المدرسى من الشركة المفروضة عليهم من المدرسة وتعاقدوا مع شركة أخرى لتقديم خامة وسعر وجودة أفضل..فما كان من المدرسة سوى العناد معهم حيث قامت بتغيير الزى الخاص بها كتغيير «البادج» والألوان ومازالت المعركة قائمة بين الطرفين. ويطالب العسقلانى وزير التربية والتعليم بتوحيد الزى المدرسى فى كل مرحلة وعلى كل المدارس ارتداء نفس اللون والشكل مع وضع البادج الخاص بكل مدرسة ويكون لولى امر الحرية فى شراء الزى من أى مكان وفقا لإمكاناته.