* أعراضه تتشابه مع الإنفلونزا .. و اقتراح بضمه لتطعيمات وزارة الصحة المجانية * جوهر العلاج «منع الجفاف» .. وتنظيف الأيدى وعدم تبادل الألعاب والمناشف * الإهمال فى التشخيص أو العلاج قد يؤدى إلى الوفاة
قد تتشابه أعراض بعض الأمراض غير الشائعة مثل فيروس الروتا مع أمراض أخرى معروفة كالبرد والإنفلونزا، ويسرع الأهل لعلاج المريض بالدواء الذى سبق أن تم تجريبه مع المرض الشائع، لكن قد تحدث مضاعفات خطيرة ربما تصل إلى الوفاة، لذا يعتبر فيروس الروتا واحدا من أخطر الفيروسات التى تصيب الأطفال على الإطلاق، وفرص الإصابة به تتزايد مع قدوم فصل الشتاء وهو العامل الرئيسى فى وفاة أكثر من نصف مليون طفل سنويا على مستوى العالم ممن تقل أعمارهم عن 3 سنوات، لما يسببه من التهاب فى المعدة والأمعاء وإسهال وقيء شديد وجفاف حاد وسريع، ويزيد احتمال الإصابة بالفيروس لدى أطفال الحضانات، كما ينتقل الفيروس هوائيا، بالعطس مثلا، أو باللمس ، مما يزيد من فرص العدوى والانتقال من شخص لآخر، ويعتبر التلوث هو العامل الرئيسى الذى يؤدى إلى الإصابة.
بسبب تشابه أعراض فيروس «الروتا» مع أعراض نزلات البرد العادية أو النزلات المعوية ، فإن الأمهات يتعاملن مع فيروس الروتا الخطير بشيء من الهدوء، الأمر الذى يزيد من خطورة الحالات المصابة بالفيروس لأنه يهاجم الجسم بسرعة كبيرة ويسبب جفافا حادا وسريعا لدى الأطفال، وفى حالة عدم عرض الطفل المصاب على الطبيب المختص، والتأكد من حقيقة المرض من خلال التحاليل المعملية، ومواجهة الفيروس ببرنامج علاجى متكامل، فإنه قد يسبب الوفاة خلال أيام.
تحت المتابعة
حالتان تعرض طفلاهما لهذا المرض التقيناهما ، الأولى : صفاء حسين ربة منزل قالت إن ابنها «عمر» أصيب بفيروس الروتا وهو فى الشهر التاسع من عمره ، وبدأت أعراضه بالقيء المستمر ثم أصيب بإسهال كان يتكرر أكثر من 25 مرة فى اليوم، فذهبت به إلى المستشفي، وبدأ العلاج بحقنة لوقف القيء وعلاج الإسهال، وبالفعل توقف القيء لكن استمر الإسهال، وتم وضع الطفل تحت المتابعة، فلاحظنا ارتفاع درجة حرارة جسمه، وفقد الكثير من السوائل ليدخل فى مرحلة جفاف حاد، أعطاه المستشفى المحاليل عن طريق الفم، وتم عمل تحليل للتعرف على نوع الفيروس الذى أصاب الطفل، فأكدت النتائج إصابته بفيروس الروتا، وخلال 3 أيام فقط من إصابته خسر أكثر من 20% من وزنه، واستمر على هذه الحالة أكثر من أسبوع، حتى بدأ فى التحسن مع التزامنا ببرنامج علاجى متكامل.
وفاة بسبب الإهمال
وبدأت فاطمة إبراهيم موظفة - كلامها قائلة : ابنى فارس توفى بفيروس الروتا بسبب الإهمال وكان عمره سنة وشهرين، حيث بدأت أعراضه بقيء حاد وصل إلى 7 مرات فى أقل من ساعة، وتعاملت مع الموقف على أنه برد أو نزلة معوية عادية، وبعد ازدياد حدة الأعراض توجهت به إلى المستشفي، وقام بالكشف عليه «طبيب امتياز» قام بتشخيص الحالة على أنها «برد» وقام بإعطائه حقنة لمنع القيء، وطلب منى الحفاظ على تدفئته، وللأسف بعد عودتى للمنزل لم تتوقف الأعراض، ومع دخول أول أيام العيد لم أجد أطباء أطفال ، فقمت بالاتصال بالطبيب الذى كشف عليه فطمأننى ونصحنى بإعطائه محلول معالجة الجفاف، لكنى وجدت الحالة تزداد سوءا، فعدت مرة أخرى إلى المستشفي، فحاولوا إعطاءه محلولا وريديا، لكنهم لم يستطيعوا إظهار أحد الأوردة، بسبب تعرضه للجفاف، فحاولوا أن يعوضوا ذلك بمحاليل عن طريق الفم، ثم لاحظت تغير لون البراز للون الغامق، فعلل الطبيب ذلك بأنه دم فى المعدة ويخرج مع البراز، ثم لفظ الطفل أنفاسه الأخيرة وهو على يدي، وفشلت محاولات الأطباء المتأخرة فى إنقاذه، بل ورفضوا الاعتراف بتقصيرهم وتعمدوا إخفاء تقرير المستشفى عني، إلا أننى استطعت الاطلاع عليه، فوجدت أن سبب الوفاة المسجل به «هبوط فى الدورة الدموية أدى إلى توقف القلب».
احذروا
هاتان الحالتان تثيران علامة استفهام، فما هو فيروس الروتا؟ وكيف نكتشفه؟، وهل له علاج ؟ الدكتورة أمل عبد الحكيم - استشارى الأطفال وحديثى الولادة - حذرت من خطورة فيروس الروتا قائلة : يعتبر الإسهال من أكثر المسببات لوفيات الأطفال على مستوى العالم، إذ يسبب من 7 إلى 10 ملايين حالة وفاة سنويا خصوصا فى الدول النامية، ويميل المرض لأن يكون أكثر حدة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 3 سنوات مع وجود دلائل معملية على حدوث الالتهاب لدى جميع الأطفال تقريبا من عمر 4 إلى 5 سنوات، ويكون الأطفال فى أول 3 أشهر من العمر محصنين نسبيا بواسطة الأجسام المضادة سواء عن طريق المشيمة أو الرضاعة الطبيعية. وأوضحت أن «الروتا» فيروس يصيب الجهاز المعوى وقد يصيب الطفل أكثر من مرة ، وتكون الإصابة الأولى هى الأسوأ والأصعب، وتم اكتشاف الجرثومة أو الفيروس فى عام 1973، وتقسم فيروسات الروتا إلى 5 مجموعات A - B - C - D - E وتعتبر A أكثر المجموعات المسببة للعدوى للإنسان. وتحدث العدوى بالفيروس بانتقاله عن طريق الفم بعد تلوث الطعام أو مياه الشرب، ويتم ذلك عن طريق براز المريض، كما يمكن للجرثومة الانتقال عن طريق الهواء، ويوجد فيروس الروتا فى براز المريض قبل ظهور الأعراض عليه، وحتى عشرة أيام ، وتنتقل العدوى بسهولة من اليد إلى الفم، وبالتلامس والمصافحة، ويمكن أن يعيش الفيروس فوق أى سطح 12 يوما. العلامات المرضية
وأضافت أن الإصابة بالروتا تتسبب فى حدوث إسهال واضطراب فى عملية الهضم وخلل فى امتصاص السكريات مما يؤدى لخسارة الجسم كميات كبيرة من المياه والأملاح ، ومن ثم يتعرض للجفاف، كما تسبب الإصابة بالفيروس ارتفاعا حادا فى درجة الحرارة التى يمكن أن تصل إلى 40 درجة ويصاحبها الإسهال الحاد والقيء وتظهر العلامات المرضية خلال 12 ساعة أو بعد 4 أيام من الإصابة أو التقاط الفيروس، ويمكن أن تدوم هذه الأعراض من 5 إلى 8 أيام، وفى هذه الأثناء قد يتعرض الجسم لجفاف حاد وسريع يستدعى التدخل الطبى الفوري، لذلك ننصح بمراجعة طبيب مختص عند ظهور العلامات الآتية: إسهال معوى حاد، قيء لأكثر من 4 ساعات متواصلة، ارتفاع الحرارة لأكثر من 39 درجة، شعور الطفل بآلام مستمرة، ظهور علامات الجفاف، والبكاء دون دموع أو اضطراب مستوى الوعي وعدم التفاعل وقلة التبول.
الوقاية والعلاج والتطعيم
وللوقاية يجب الاهتمام بغسل الأيدى قبل وبعد الأكل وبعد دخول الحمام، وتجنب تبادل الألعاب أو المناشف المشتركة فى دور الحضانة، وتعتبر الأم من أكثر الأشخاص عرضة للإصابة ، لذا يجب عليها غسل اليدين جيدا بعد تنظيف الابن المصاب، وتضيف الدكتورة أمل أنه لا يوجد علاج محدد لفيروس الروتا، والمضادات الحيوية لا تساعد فى حالة الإصابة، ولكن يجب إعطاء كميات كافية من السوائل واستشارة الطبيب فى حالة الإسهال الشديد، كما يوجد نوعان من التطعيم ضد فيروس الروتا، مع ملاحظة أن التطعيمات لا تمنع الإصابة بالفيروس ولكن تقلل من الأعراض، الأول «روتاريكس» له فاعلية جيدة ويحقق الوقاية ضد أكثر من سلالة، ويعطى على جرعتين بداية من سن 6 أسابيع على ألا تقل الفترة بين الجرعتين عن شهر، والثانى «روتاريك» ويعطى على ثلاث جرعات بداية من سن 6 أشهر على أن تكون الفترة بين الجرعات من 3 إلى 5 أسابيع، والتطعيم يصبح غير فعال بعد مرور ثلاثة أشهر من عمر الطفل، لذا يجب مراعاة إعطاء التطعيم قبل ذلك.
فيروسات موسمية
الدكتور بهاء الشيخ ( طبيب الأطفال وحديثى الولادة ) يوضح أن حالات الإصابة السنوية بالفيروس حول العالم تصل إلى 111 مليون طفل دون الخمس سنوات ، كما يمثل العامل الرئيسى لأمراض الإسهال بنسبة تفوق 40% على مستوى العالم، والعديد من الدول النامية مثل مصر تعانى انتشار النزلات المعوية عامة نظرا لقلة التطعيمات والأدوية المعالجة لها. ويؤكد أن جوهر العلاج هو منع الجفاف الذى قد ينتج عن الإسهال المتكرر والعلاج يكون بمحلول معالجة الجفاف، وينصح باستخدام المحلول ببطء وفى حالة عدم تقبل الطفل له أو استمرار القيء يتم إعطاؤه المحاليل الوريدية مباشرة، وينصح بعدم استخدام المشروبات الغازية (الصودا) أو العصائر المحلاة كبديل لمحلول الجفاف، وينصح أيضا بالمواظبة على الرضاعة الطبيعية، وعدم استبدال الألبان الصناعية بها وإذا امتدت فترة الإسهال لأكثر من 14يوما وحدث عدم تحمل لسكر اللاكتوز يتم استخدام لبن صناعى خال من اللاكتوز، وبالنسبة لغير الرضع ينصح بالاستمرار على الطعام المعتاد تناوله يوميا ، ولا داعى لتغيير نمط الغذاء، مع مراعاة النظافة، خاصة غسيل الأيدى بانتظام وتقليم الأظافر وعدم إعداد الطعام إلا بعد غسل الأيدى، وتخصيص أدوات صحية خاصة بكل طفل فى دور الحضانة .
كراسة تطعيم
يقترح د. مجدى مرشد - عضو لجنة الصحة بالبرلمان - إضافة تطعيمات جديدة ضمن كراسة تطعيم وزارة الصحة مثل تطعيم فيروس الروتا، وهو متوافر بالفعل لكن ليس ضمن تطعيمات الوزارة المجانية، ومن المهم عمل إرشادات صحية وحملات توعية لتنبيه الأمهات بمخاطر الفيروسات الشائعة والمشابهة للأمراض المعتادة مثل نزلات البرد والإنفلونزا وكيفية التعامل معها، وأهمية إتباع نظام صحى دقيق مع الأطفال ، وعدم الاعتماد على المعلومات الصحية العشوائية، والتى تؤدى إلى نتيجة سلبية فى أغلب الأحيان، وننصح بأن تتبع الأسر التطعيمات ، خاصة أن أسعارها غير مكلفة مقارنة بما يمكن أن تنفقه الأسرة فى حالة إصابة الطفل بأحد الأمراض، ولما لها من فائدة كبيرة على صحة الطفل.