ذهبت لمشاهدة فيلم «البدلة» وأنا محملة بشحنة داخلية إيجابية مسبقة عنه، وذلك استنادا لسببين الأول لأنه أكثر الأفلام المعروضة تحقيقا للإيرادات، ومن أكثر الأفلام أيضا تحقيقا للإيرادات فى تاريخ تامر حسنى السينمائى كله. السبب الثانى الذى أوحى لى بهذا الشعور الإيجابى للفيلم هو ما تردد عنه بأنه يحمل جرعة كوميدية ليس لها مثيل، فقلت فى نفسى هى فرصة لكى نخرج من خلالها ولو قليلا من حالة الكآبة والضيق التى تلازمنا دائما، لكن سرعان ما تلاشى كل هذا مع مرور شريط الفيلم أمامنا. فهو ليس كوميديا بالمعنى المتعارف عليه بل بالكاد نستطيع أن نطلق عليه بأنه «لطيف»، وبالمناسبة هذا ليس تقليلا منه فعلى مدار الزمن نجحت أفلام كثيرة فى جذب قطاع عريض من المشاهدين، كما أنها ظلت حتى وقتنا هذا فى ذاكرتنا وأذهاننا رغم أنها لم تكن بالجودة الكافية وإنما فقط كانت تتمتع بقدر من البهجة وخفة الظل. وفيلم البدلة يعد واحدا من هذه النوعية فهو يحكى عن أغرب نوع علاقة تربط بين الخال حمادة عين العقل «أكرم حسني» وبن شقيقته وليد «تامر حسني»، الذى يصادف ولادتهما فى توقيت واحد بالساعة والثانية، وبعدما تتوفى الجدة «أم حمادة» تتولى شقيقته نجاة «دلال عبد العزيز» تربيته بجانب أبنها وليد. ودون وجود أسباب واضحة يظل الشابان يعانيان من حالات الفشل المستمر سواء على مستوى الدراسة أو حتى فى حياتهم العملية بعد ذلك، فحمادة مثلا فشل فى كلية الحقوق فالتحق بعدها بكلية الشرطة، وما هى إلا أيام قليلة ويتم طرده منها هى الأخري، وأخيرا يعمل كحكم لكرة القدم وهو طبعا لا يفقه أى شيء عن التحكيم وربما هذا التضاد هو المقصود لكى تتفجر من خلاله تلك الضحكات كما التى حدثت فى مشهد المباراة والتى جمعت كلا من شوبير ومجدى عبد الغنى دون وجود أى مبرر درامى لهما اللهم إلا ظنا من صناع الفيلم بأنهما قد يبعثان على الضحك ولكن هيهات أن يحدث ذلك! يتلقى الثنائى وليد وحمادة دعوة لحضور حفلة تنكرية فيقرران أن يرتديا «بدلة» ضابط، وعندها فقط يجد وليد أنه قد أصبح شخصا مختلفا يتعامل معه الجميع بأهمية واحترام ومن بينهم حبيبته ريم «أمينة خليل»، وبناء عليه يتمادى فى ارتداء هذا الزى إلى أن يتورطا مع بعض الأشخاص الإرهابيين «ماجد المصري» وتتعقد بعدها الأمور وتتأزم أكثر فأكثر، إلى أن يقترب الفيلم على الانتهاء فيقرر وليد ولأول مرة أن يأخذ مثل هذا الموقف الرجولى للإيقاع بهذا المجرم وينجح طبعا فى النهاية هو وخاله فى تنفيذ تلك المهمة وبنجاح طبعا هذه المهمة المفروض أنها وطنية فى المقام الأول إلا أنه تم التعامل معها بمنتهى السذاجة والاستخفاف، لذا وللمرة المليون نرجو من صناع الأفلام الكوميدية تحديدا البعد عن هذه المنطقة كى لا يخلطوا الجد بالهزل ويسطحوا ويتفهوا من شأن مثل هذه القضايا الوطنية الكبري. أبطال الفيلم وعلى كثرتهم مثل ماجد المصرى وأمينة خليل ومحمد علاء ومحمود البزاوى وغيرهم، بالإضافة إلى نجوم الشرف وهم ليسوا بقليل أيضا ومنهم حسن حسنى وإيمى سمير غانم وحسن الرداد وغيرهم، ومع ذلك لا تشعر بوجود أى منهم وربما لا تلحق أن تلمح حتى وجوههم. إلا طبعا تامر وأكرم حسنى أما الباقى فهم يمرون أمامك رأى العين ولكن لا تلحظهم ولا تشعر بهم من أساسه، فيما عدا دلال عبد العزيز التى رغم ضيق حجم الدور إلا أنها استطاعت كعادتها أن تخلق حالة من التوهج والبهجة العفوية. من مميزات الفيلم أنه وربما لأول مرة نجد البطل المشارك له مثل حظ نجم العمل، فرأينا أكرم حسنى ورغم تبعيته لابن شقيقته فى أحداث الفيلم إلا أن ذلك لم يمنعه من أخذ نفس مساحة الدور فكان ملازما جنبا إلى جنب مع بطل الفيلم تامر حسني. أكرم حسنى أيضا نجده مختلفا فى هذا الفيلم عن ذى قبل حيث أدى دور الكوميديا بطريقة أكثر تعمقا ونضجا وبعيدا عن الإسفاف والمبالغة المتعارف عليها فى أفلام الكوميديا عموما، وربما تكون قد انتقلت عدوى نفس الحالة لتامر حسني، وفى النهاية انعكس ذلك فى إيجاد ثنائى كوميدى جديد، واعتقد أن نجاح هذا الثنائى هو ما أغرى صناعه لعمل جزء ثان للبدلة. مشاكل بسيطة لو كان المخرج محمد العدل تجنبها، ولو كان المؤلف أيمن بهجت قمر قد تلافى هو أيضا بعض عيوب السيناريو، لربما كنا أمام فيلم مكتمل عناصر النجاح بصفة عامة، وليست مجرد إيرادات عالية والسلام، فالإيرادات العالية وحدها يا سادة ليست دليلا على جودة الأفلام أو عدمها!