بالتزامن مع ذكرى رحيله الثامنة والأربعين صدر كتاب «عبد الناصر وثورة يوليو - فى ميزان التاريخ » الصادر عن المكتبة الأكاديمية، وترجع أهميته إلى سببين: الأول صدوره متزامنا مع الاحتفال بمئوية ميلاد الرئيس الراحل عبد الناصر. والثانى أن محتوى الكتاب للصحفى الراحل حلمى سلام الذى تصدى للحملات الشرسة والظالمة التى تعرض لها عبد الناصر وثورة يوليو، مؤكدا أن الحكم على الدور التاريخى الذى قام به عبد الناصر خلال ثورة 23 يوليو، فى ميزان التاريخ ويتطلب الحكم عليه نظرة موضوعية للرجل ودوره وسيرته ومسيرته، نظرة لا تضعه فى مصاف الملائكة ولا مع الشياطين.أعدت الكتاب د. آمال حلمى سلام، وهى الابنة الكبرى للكاتب والصحفى الراحل حلمى سلام . ويحتوى الكتاب على فصول من كتاب« أنا..وثوار يوليو» الصادر عام 1986، بالإضافة إلى نحو خمسين مقالاً تناول خلالها سلام دور عبد الناصر التاريخى خلال ثورة 23 يوليو ومشروعه الوطنى لاستقلال مصر ونهضتها. وحديث سلام عن «ثورة يوليو» و« ثوارها» لم يكن فى يوم من الأيام حديث المراقب أو المحلل عن بعد، وإنما كان حديث رجل ارتبط بأولئك الثوار وبثورتهم.تشير فصول الكتاب إلى أول لقاء جمع سلام بالصاغ جمال عبد الناصر فى عام 1949، وأعقبه التعرف على الصاغين عبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين. يقول سلام: هكذا جمعت الأقدار بينى وبين أولئك الرجال من أعضاء اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار. جميع القنوات أفضت بهم إلىَّ مثلما أفضت بى إليهم. ويتناول الكتاب مرحلة ما قبل تفجر الخلاف - بصورة علنية - بين الرئيس الراحل محمد نجيب وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة فى مارس سنة 1954، وأن الناس فى مصر والعالم العربى كانوا يتصورون أن مجلس قيادة الثورة ليس إلا رأسا واحدا تحمله أكتاف 12 رجلا. ويؤكد سلام أن علاقاتهم لم تكن فى مثل صفو السماء، وإنما كانت ملبدة بالسحب والغيوم والرعود، وفى بعض الأحيان تنذر بسيول عارمة. حدث ذلك عندما طالب عبد الناصر بالتصويت على طريقة الحكم التى سوف تحكم بعد خروج الملك واستقرار الأمر فى أيديهم، وهل تكون هذه الطريقة ديكتاتورية أم ديمقراطية. وتمت عملية التصويت بصفة سرية. وعند فرز الأصوات فوجئ عبد الناصر بأنه الوحيد الذى صوت للأسلوب الديمقراطي، بينما صوت زملاؤه جميعا فى صف الحكم الديكتاتوري. مما أدى إلى انسحاب عبد الناصر من مجلس قيادة الثورة. ولكن زملاء عبد الناصر كانوا يدركون أنه عقل الثورة ومهندسها وبالتالى لن يتركوه يستقيل فذهبوا إليه وعادوا به إلى مجلس القيادة بعد أن أعلنوا عدولهم عن الحكم الديكتاتوري. لم يغفل المؤلف ما تعرض له اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة، وإسقاطه من مكانته وإيداعه قصر« زينب الوكيل» ليقضى به نحو عشرين سنة من عمره.وتحت عنوان «نحن وهزيمة 67.. إلى متى سنظل نجلد أنفسنا» كتب سلام عن الهزيمة ونجاحها فى تحطيم كل آمال وأحلام المصريين، وقول عبد الناصر بعد الهزيمة: أن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة، وحرصه على تكرار تلك المقولة فى المناسبات الوطنية المختلفة، وإعطاؤه إشارة البدء لإعادة بناء القوات المسلحة تأهبا لمعركة الثأر، وخاض جيشنا حرب الاستنزاف التى كانت تمهيدا لحرب السادس من أكتوبر سنة 1973، وهو اليوم التاريخى الذى عبرنا فيه من هزيمة 67 واسترجعنا فيه شرفنا الوطنى وكرامتنا.