أزمات متتالية تلاحق الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مما أدى إلى تدهور شعبيته لتصل نسبة التأييد له إلى 32% ، وهى أدنى نسبة منذ سبتمبر2017. وبنظرة تحليلية يرى المراقبون أن إيمانويل ماكرون لديه أزمة حقيقية وملفات اقتصادية واجتماعية تنتظر حلا. فبعد مرور نحو عامين من رئاسته للإليزيه مازال الغضب الشعبى إزاء تراجع القدرة على الشراء مستمرا، وهناك امتعاض شديد فى صفوف الشباب العاطل عن العمل، وكذلك استياء شديد لدى أرباب المعاشات الذين يعانون من فقر الحال وقحط العيش وهكذا فشل ماكرون فى الكثير من الملفات الداخلية التى وعد بإصلاحها . اما على الصعيد الخارجى فهناك معضلات لا تقل شأنا عن الداخل. فأوروبيا ثمة أزمة بسبب عدم الاتفاق بين دول الاتحاد من ناحية التوتر بين أوروبا والولاياتالمتحدة من ناحية أخرى. ونلمح ذلك بوضوح من خلال مراقبة آخر تصريحات الرئيس الفرنسى خلال مؤتمر سفراء فرنسا بالخارج حيث قال «لم يعد بإمكان أوروبا الاعتماد على الولاياتالمتحدة لتحقيق أمنها، فضمان أمن أوروبا مسئوليتنا» فى إشارة إلى التصعيد الراهن بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والإتحاد الأوروبي. ويرى ماكرون أن العلاقات مع الولاياتالمتحدة أصبحت صعبة جدا على الصعيدين التجارى والاقتصادي. ولهذا يسعى ماكرون إلى إيجاد حلفاء جدد لمواجهة «الغول» الأمريكى، حيث أفصح فى تصريحاته الأخيرة عن رغبته فى مراجعة شاملة للعلاقات مع روسيا، ومع جميع الشركاء الأوروبيين وذلك من خلال مبادرات جديدة وبناء تحالفات جديدة. وعلى الصعيد الخارجى أيضا، وفى الوقت الذى يرى فيه الإليزيه أن ماكرون يضع أوروبا فى صلب عمله الدبلوماسي،قبل تسعة أشهر من انتخابات أوروبية، ويأمل فى التصدى لموجة قومية تجتاح العالم. يقوم بجولة أوروبية صغيرة حاليا تشمل الدنمارك وفنلندا، ليكون بذلك قد زار أكثر من نصف القادة الأوروبيين خلال عام واحد. وبالرغم من كل هذا يواجه الرئيس ماكرون انتقادات عاصفة من المعارضة، حيث تعتزم المعارضة الفرنسية تحويل الانتخابات الأوروبية المقرر لها مايو القادم إلى «استفتاء ضد ماكرون». وهذا ما جاء صراحة فى كلمة جان لوك ميلانشون، رئيس حركة (فرنسا الأبية) الذى أكد فيها ضرورة أن يثبت ماكرون أن جهوده الدولية ستعود بمنفعة مباشرة على الفرنسيين. وفيما يعتبر صفعة أخرى من العيار الثقيل، أعلن وزير البيئة نيكولا هولو تخليه عن منصبه احتجاجا على سياسة الحكومة وهو الأمر الذى يؤكد عدم نجاح سياسة الحكومة الراهنة التى يعول عليها ماكرون كثيرا لتخطى الأزمات المتلاحقة وبصفة خاصة ترتيب البيت الاقتصادى الداخلى، وتوفير حياة كريمة للفرنسيين كما سبق ووعد فى برنامجه الانتخابي.