«مخصوص لأهالى النوبة.. يقوم الساعه 5:30 من رصيف رقم 9 وكل عام وأنتم بخير».. نداء تعلنه الإذاعة الداخلية لمحطة مصر .. يكرره المذيع كل عدة دقائق ليؤكد لجميع المنتظرين أن القطار القادم مخصص فقط لأهالى النوبة، ولا يعلم أن نداءه هو بمثابة إعلان بدء رحلة ينتظرها الجميع من عام لآخر..الذهاب إلى الوطن ثم العودة مرة أخرى للعاصمة حيث مقر العمل.. انتظارا لأول رحلة جديدة إلى الجذور. فالأعياد والمواسم هى الفرصة للعودة إلى الأرض وإلى الجذور التى تغرب عنها الكثيرون بحثا عن فرصة ما فى العاصمة وضواحيها. العودة إلي منزل العائلة إلي احضان أم أو جدة.. إلي حضور حفل زفاف ابن العم وإلى زيارة من غابوا عنا إلى الأبد. افترش الجميع رصيف رقم 9 …المقاعد ممتلئة والحقائب تكدست وبالرغم من حرارة اغسطس الشديدة الا أن الوجوه السمراء ضاحكة ومستبشرة …صحيح ان الرحلة شاقة قد تستغرق 16 ساعة كاملة وقد تمتدإلى بضع ساعات أخرى، الا ان الجميع ينتظر قدوم القطار، و ان كان حماس و فرحة الذهاب إلى الوطن تفوق كثيرا ساعات انتظار العودة. فقطار اهالى النوبة ليس كأى قطار.. على باب كل عربة ورقة مطبوعة باسماءالمدن.. فهذه عربة كلابشة وتلك عربة بلانة وادفو وكوم أمبو وغيرهامن المدن والقرى…وعلى باب كل عربة وقف مندوب عن أهالى المدينة يستقبلهم داخل عربات القطار التى تتزين احتفالا بالعيد الذى لا تكتمل مراسم الاحتفال به داخل قطار النوبة من دون ترديد الأغانى التراثية مثل « الله يسعده» و«جنيه دهب» . والآن وبعد انتهاء أيام العيد يحين موعد العودة إلى السعى …العودة إلى القاهرة ولكنها أيضا ليست كأى عودة…فالاحتفال أثناء الرحلة مستمر داخل العربات …والقطار مازال مخصوصا لأهالى النوبة.