الإبداع بحروف وكلمات وآيات القرآن العظيم ملكة اختص الله بها بعض عباده, فهي هبة وموهبة, وتميز هؤلاء فيما بينهم فمنهم من يقف عند حدود معينة, ومنهم من يطور نفسه في أدائه باحثا في المعني الشكلي الذي يخدم المعني والمضمون. ومنهم من ينطلق إلي آفاق أرحب في جماليات وعلاقات الحروف العربية التي تعامل معها في تناوله آيات الذكر الحكيم. خليل الزهاوي.. جمع بين كل ذلك فهو خطاط بدرجه فنان مبدع. ولد عام 1946 في بلدة خانقين بالعراق وعاش فيها فردا في عائلة محبه للقرآن ولغته العربية, درس الخط العربي وقواعده وتمكن من ضبط أصوله واهتم بخط الفارسي وأصبح صاحب فضل في المحافظة علي بقاء هذا النوع من الخط وللزهاوي ستة مؤلفات في مجال الخط, كما قدم الزهاوي لمجال الخط العربي رؤاه الإبداعية التي سعي من خلالها إلي تطوير الحرف العربي ليصل بإبداعاته إلي مرفأ الروحية, ولأنه مهندس بارع في مجال الخط استطاع بعبقريته أن يضفيها علي أعماله لتحمل الجانب الهندسي متضمنا الجانب الروحي تحقيقا لمقولة ابن مقلة أول من وضع قوانين هندسة الحرف العربي ووزنه بميزان النقط حيث قال: الخط هندسة روحية كتبت بالة جسمانية التأثيرات الروحية في أعمال الزهاوي ذات تأثير خفي أضفت علي أعماله صفة السمو, وقد نبعت من إيمانه بالله سبحانه وتعالي ليقدم تكوينات تجريبية تعبر عن المخلوقات وأسرارها والسماء والأرض والفضاء وكأنه استقاها من آيات الله في القران الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة أو الأقوال المأثورة, وقد تضمن الإطار الروحي الذي ميز أعماله استخدامه خط الثلث المتميز بحروفه الموزونة التي تكاد تكون ثابتة الحركة وتلك كانت مرحلة ثانية لإبداعه ونهجه المتميز, أما المرحلة الأولي والتي تعود الي عام 1966 فقد اعتمد فيها علي استخدام الخط الفارسي ذي الامتدادات المتنوعة رأسيا وأفقيا, وتوصل من خلاله الي تحقيق جوانب متعددة من قيم التشكيل والتصميم وأساسيات التكوين ألا وهي الدينامية والحركة والتكرار لقد جاء تميز الزهاوي في هذا المجال لأنه تعلق بفن الخط روحيا وأقام علاقة حميمة مع عالم الحروف والكلمات كون من خلالها عالمه الخاص فهو يعتبر ان الخط واحد من العناصر المهمة في الفنون التشكيلية حيث يمتلك جمالية وروحية وميكانيكية خاصة به, ويتحول إلي فن وإبداع حينا يخرج عن جوانبه التقليدية ويدخل في أنماط جديدة من ناحية التشكيل وقضايا الإبداع, وهذا ما انتهجه الزهاوي في إبداعاته التي ميزته خصوصا في خط التعليق ليصير من أشهر حذاق هذا الخط, وقد جاء تميزه أيضا من خلال تنوع تشكيلاته حتي في التصميم الواحد يغير ويبدل بين الحروف والكلمات المفرغة والمصمتة والتي يقصد بها تشكيليا التعامل بين الأبيض (المفرغ) والأسود (المصمت) أما جوهريا فهو يخرج بأعماله الإبداعية من الإطار الشكلي إلي قلب المضمون والمحتوي لتأتي ردود الأفعال وأراء المتلقين لأعماله تجتمع علي القصدية غير المباشرة التي يبتغيها هذا الفنان المبدع.