لم أتخيل ولا فى الكوابيس أن اتعرض أثناء السير فى سوق مارينا بوقوعى متعثرا فى بلاط نافر من الرصيف لأعانى من كسر فى مفصل الفخذ. ولا داعى لوصف قدر الألم ومتاعب الجراحة وتكاليفها التى تفوق اى خيال.ولكن المؤكد أن دعواتى للسماء كى تنتقم لى ممن لم يراع مسئوليته عن إدارة تفاصيل صغيرة ومهمة ومدفوع له راتب شهرى يغنيه عن تفاصيل احتياجاته اليومية والشهرية والسنوية، نظرا لان كل من يملك شاليها فى مارينا يدفع سنويا ما يكفل حياة لائقة لمن يديرها. لكن بعضهم يكتفى بالراتب الفخم والسيارة القوية والفيلا المجهزة وكله على حساب السكان الذين يعانون سنويا من ارتفاع تكلفة تشغيل المساحة التى توازى تقريبا مساحة محافظة الإسكندرية، والتى رأى الفاضل الأمين سليل بناء السد العالى المهندس حسب الله الكفراوى ان تلك المنطقة تصلح بلاجا يوفر لمن يقدر موقعا محترما يقضى فيه أشهر الصيف. وبعد ان تم البناء بخبرة صينية صار من السهل على بنك الإسكان والتعمير أن يبيع كل مائة وعشرين مترا بما يزيد على المائة وخمسين الف جنيه؛ وظهر للوجود جهاز ضخم اسمه جهاز المجتمعات العمرانية راح يجمع مكاسبه من تلك الثروة. ومازالت البصمة الباقية من الرجل فى انحاء مارينا هو استخدام الطاقة الشمسية فى تسخين المياه فضلا عن محل لبيع اسماك بحيرة ناصر وهى -وياللعجب- تتبع وزارة الإسكان والتعمير . ثم دارت عجلة الحياة فى بر مصر المحروسة ليرحل عن إدارتها أناس يملكون خبرة فى استغلال كل مساحة بما يضمن ربحا مشتركا بين الجمهور واجهزة الدولة . وجاء من يفكرون بمنطق الربح فوق الجميع وصارت مارينا موقع حلم وحسد، وتحول كل من الحلم والحسد إلى حالة من الجشع. وكان يكفى صعود مارينا إلى مرتبة مصيف الصفوة كى ترتفع فيها الأسعار بشكل مبالغ فيه إلى الدرجة التى اصبح عليك دفع مائة وخمسين قرشا مقابل رغيف الخبز الذى يزن نصف وزن رغيف القاهرة، وقس على ذلك بقية اسعار اى شيء؛ وإن اعترضت أو ظهر على وجهك الضيق ستسمع من البائع كلمة اسأل جهاز التعمير، وأنت لن تسأل جهاز التعمير لسبب بسيط وهو تغير المسئول عنه تباعا؛ فلا تعرف مع من تتكلم او لمن تشكو. سوف تضع قفلا على آهاتك لأن الغالبية يحسبون انك الثرى المستمتع بشاليه فى مارينا، ناسين انك وضعت فى هذا الشاليه مدخرات عملك لمدة تسعة وثلاثين عاما فى روز اليوسف وخمسة اعوام من العمل فى برنامج التنمية التابع للامم المتحدة . ولن يغفر لك احد صيحات الأنين من غلاء كل شيء. واستمر الغلاء كالحمى التى تبدأ بسيطة ثم ترتفع درجة الحرارة لحد الغيبوبة . وللاسف فالغيبوبة لم تصبنى أنا بل اصابت إدارة مارينا بذات نفسها عندما قبل مجلس إدارتها رحيل المهندس إبراهيم صبرى الذى كان يعرف السكان فردا فردا؛ وكان يهدف إلى استكمال ما كان حسب الله الكفراوى يحلم به ألا وهو تحلية مياه البحر كيلا تصبح مارينا عبئا على مياه محافظة مطروح . وكان يجيد التفاوض مع شركة كيرسيرفس للصيانة والحراسة؛ بل تفاوض مع القبائل المحيطة بمارينا فلم يمسسها سوء اثناء انتفاضة يناير المؤلمة إلا فيلا وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى . ومضت سنوات ما بعد يناير تئن بهدوء من ارتفاع الاسعار لكن الصراخ صار عاليا فور تخلى إبراهيم صبرى عن إدارتها، وتولى من اسمه عبدالقادر فريد للإدارة لنجد نحن من ندفع رواتب الإدارة ان مارينا استأجرت موقعا بالقاهرة كى تمارس الإدارة عملها فى الشتاء؛ ولا اعرف كيف سمح اتحاد الشاغلين بان تدار مساحة بحجم محافظة الإسكندرية من على البعد ؛ فليس من المقبول ولا المعقول ان يدير محافظ الإسكندرية محافظته فى شقة قاهرية، ولكن حدث ذلك فى مارينا. ولن أحدثك عما دار بينى وبين اللواء حسن حميدة عضو مجلس أمناء مارينا عندما ذهبت للتعرف على إدارة عبد القادر فريد لهذا الموقع الفريد من الساحل الشمالي، فحسن حميدة كان محافظا للمنيا فيما قبل وهو من حاصر الإرهاب بجسارة وفهم، فهو التلميذ النابغ لسيد من سادة علوم الإدارة فى زماننا ألا وهو الراحل اللواء عبد الكريم درويش مؤسس اكاديمية الشرطة وارجو الا اكون مخطئا بالذاكرة لانى سمعت اسم حسن حميدة مع اسم الراحل الكريم عبد العظيم وزير كاوائل دفعة عام 1966 أثناء جلوسى بجوار صديقى شعراوى جمعة وزير داخلية ذاك الزمان. أيقنت ان مجرد وجود حسن حميدة فى مجلس امناء مارينا سيحفظ كرامة سكانها من الغلاء. لكن يبدو ان تأثير اللواء حميدة لم يكن فعالا بدليل تغيير شركات الامن التى جاءت بكلاب حراسة تحتاج إلى سيارات جمعية الرفق بالحيوان لعلاجها من سوء التغذية الذى تشترك فيه مع شباب غير مدرب. ولم يقتصر الإهمال الجسيم على ذلك بل تعداه فى شوارع وأرصفة مارينا بذات نفسها، مما ترك بلاط سوقها على سبيل المثال سببا فى انكفائى على جانبى الايسر فى الثانى عشر من يونيو الماضى ولولا دقة تشخيص مستشفى العلمين بقياة طبيب شديد التميز هو محمد ظريف ومعاونة الطبيب احمد عبد اللطيف لما تم التشخيص بسرعة؛ وبمساندة فعالة من الطبيب أكرم غباشى مدير المركز الطبى بمارينا تم نقلى للقاهرة لتلتهم العملية والعلاج كل مدخراتى للزمن واحواله . وبعد شهر عدت لمارينا لعلى اتنفس هواء نقيا فى شيخوختى لاجد تعيين الوزير السابق هشام زعزوع مسئولا عن مارينا، فاذكر بالخير كيفية إدارة المحافظات السياحية بما أرساه الجليل حقا وصدقا اللواء سمير فرج عند إدارته الاقصر ليجعلها درة رائعة للجذب السياحى دون تغول الإدارة على الاهالي؛ وهو ايضا من اقترح فكرة مدينة العلمين التى ارجو لها التوفيق فى الجذب السياحي. مع الرجاء لهشام زعزوع الا يحاول تركيب عدادات تقيس كمية الهواء العليل الذى يدخل مع كل شهيق للرئتين. لمزيد من مقالات ◀ منير عامر