«بدارة» كما اطلق عليها المجتمع السكندرى او بدرية السيد سيدة الاغنية الشعبية فى مصر والعالم العربى جاءت انطلاقتها من الاسكندرية خلال الخمسينيات والستينيات. تغنت بالاغنية والموال الشعبى فردده الشعب المصرى وحفظ السكندريون جميع اغانيها عن ظهر قلب كما انتجت لها اذاعة الاسكندرية العديد من الاغاني. من اجمل هذه الاغانى «بدارة» «ادلع يا رشيدى، من فوق شواشى الدره قمريه بتغنى، سيدى يا سيدى» اما اشهر مواويلها «طلعت فوق السطوح اسال على طيرى، صعيدى ولا بحيرى، وحلوة والنبى، يا ريس البحر» وبرغم ما واجهته خلال رحلة حياتها من مصاعب فقد وصلت بارادتها وروحها الجميلة الى قلوب الناس سريعاً الاهرام ترصد مشوارها الفنى ورحلة حياتها التى انتهت بوفاتها متاثرة بمرض عضال بعد اعتزالها وتفرغها للحج والعمرة لاكثر من خمس سنوات. يقول عنها المؤلف الموسيقى «فتحى خالد» وخال المطربة انغام : ان بدرية السيد كانت شديدة الذكاء لم تكن تعرف القراءة او الكتابة ولكنها كانت تحفظ كلمات الاغنية بسرعة شديدة وكانت تقوم باداء الاغنية على المسرح فى تعبير فنى يبهج الجمهور بشدة. ويضيف خالد ان بدرية كانت تهتم بالموهبة فى الكلمات والالحان ولا تجرى وراء الاسماء اللامعة فكانت بذكائها تطلب بعفوية شديدة كبنت بلد من الملحنين الموهوبين والمؤلفين ان يكتبوا ويؤلفوا لها. وانا التقيت بها فى فترة السبعينيات على المسرح وكانت قد سمعت الحان بعض الاغانى المسرحية من تاليفى فطلبت ان الحن لها وقالت بعفوية شديدة «انت زى القرع تمد لبرة كل ما اسمع اغنية حلوة يقولولى فتحى خالد» فلحنت لها عشرة اغانيات واربعة مواويل وشريطا كاملا انُتج عام 1979 وسُمى بدرية 1980 ومن بين هذه الاغانى اغنية «قصقصى طيرك» وعن بداياتها ورحلة حياتها يقول المؤرخ الفنى عصام السيد وصاحب رابطة الفن السكندرى الاصيل ان بدرية اسمها الحقيقى «بدور محمد على ابراهيم الشامى «وهى من مواليد 1929، من حارة بندقة بمنطقة بحرى والدها من منطقة ابوقير ولكنه فى الاصل ينتمى لعائلة الشامى برشيد وكان الاب والام يعملون فى تجارة وصيد السمك وللاسف توفى الاثنان فى سن مبكرة وتولت خالتها تربيتها وعملت فى مصنع غزل على طريق المحمودية . وكانت تلك بداية علاقتها بالطرب حيث انها اعتادت على الذهاب للسينما مع زميلاتها العاملات وكن يرددن اغانى ليلى مراد وكان صوتها هو الاجمل بين زميلاتها ومنذ ذلك الحين اعتبرت ليلى مراد هى مثلها الاعلي. ويضيف عصام الصدفة قادتها لتغنى فى فرح احدى صديقاتها بشارع ايزيس وكان يسكن بهذا الشارع ملحن يدعى محمد حماقى عندما سمع صوتها نزل من بيته ليراها ويتحدث معها فتجاوبت معه ووافقت ان تغنى بالافراح وانضمت الى فرقة الاسطى ريا ثم اصبحت تُطلب بالاسم وغنت مع فرق حمامة العطار وخليل الفكهانى. وفى عام 1954 افتتحت اذاعة الاسكندرية وظلت بدرية تتردد عليهاوعندما فتحوا باب المواهب ذهبت وكان فى اختبارها لجنة من بينها حافظ عبدالوهاب رئيس الاذاعة بالثغر ومحمد شعبان «بابا شارو» ومهندس الصوت الايطالى مسيو «اردينوي» وغنت بدارة وقتها اغنية من الحان محمد حماقى وهى «على باب الدار استنيتك». فنجحت وتم تصنيفها على انها مطربة ريفية وكانت تلك هى اسوا فترة فى حياتها حيث تم حصرها فى الاغانى الريفية وعندما اعترضت وقالت انها ليست فلاحة اعتبر حافظ ابراهيم ذلك تعالى وتجاوز منها واوقفها عن الغناء بالاذاعة فترة واتهمها بان صوتها بلا احساس. ويلفت عصام الى ان الايقاف من الاذاعة كان بمثابة نقطة تحول فى حياة بدارة فقررت بذكاءها الشديد الفطرى ان تتفرغ لغناء الموال وطوعت موهبتها وقوة صوتها لاداء المواويل وتربعت على عرش الموال مما جعل القائمين على اذاعة اسكندرية فى حرج شديد ودفع ذلك حافظ عبدالوهاب الى اعادة التعاقد معها. فعادت بالفعل ولكن بشروطها وهى ان تختار الاغانى والالحان وغنت بعدها اجمل اغانيها «يا ابو قلب دايب، فاتوا الحلوين، ادلع يارشيدي» وكانت تعشق الاسكندرية ورفضت بشدة الذهاب الى القاهرة بعد الحاح شديد من الموسيقار القدير «بليغ حمدي» وقالت له «لو السمك طلع من المية بدرية ما تطلعش من اسكندرية». وتزوجت بدارة من السيد محمد عازف الاوكورديون وانجبت اربعة ابناء .وقد اعتزلت وهى فى اوج نجوميتها بعد الحاح من احد ابنائها الذى انضم لبعض التيارات الدينية بان تتحجب وبالفعل اعتزلت الغناء وتفرغت لاداء الحج والعمرة ولكنها مرضت بمرض عضال وتوفيت بأحد المستشفيات الخاصة فى عام 1996.