توقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اختفاء أكبر صحيفتين في أمريكا من الوجود، خلال سبعة أعوام، فكم صحيفة في مصر ستواجه مثل هذا المصير في القريب العاجل؟ الإجابة ستكون مؤلمة للغاية، وصادمة أيضًا، فالقائمة المتوقعة لن تفلت كثيرًا من الصحف القومية والخاصة على حد سواء، والارتفاع المطرد في أسعار الأحبار والورق، يدفع كثيرًا من الإصدارات الصحفية باتجاه مصيرها المحتوم، خصوصًا في ظل التدني الملحوظ في نسب التوزيع، بعد عزوف قطاع كبير من القراء عن شراء الصحيفة، ولجوء قطاعات أكبر، إلى الحصول على الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، على ما توفره الأخيرة من سرعة، وما تضيفه للقارئ من ميزة تفاعلية، تعجز كثير من مؤسساتنا الصحفية حتى اليوم عن توفيرها للقراء. هاجم ترامب «نيويورك تايمز» و»واشنطن بوست»، وتوقع لهما «مستقبلا أسود»، وهي أمنية طالما داعبت خياله منذ تنصيبه رئيسا في يناير من العام الماضي، فالعلاقة بين الصحيفتين ومرشح الحزب الجمهوري، ظلت تراوح مكانها ما بين التوتر والعداء الواضح، حتى في أثناء الحملة الانتخابية، التي ظل ترامب ينظر خلالها لكثير من وسائل الإعلام الكبرى في أمريكا، باعتبارها صحفًا تفتقد الحيادية والمهنية، باستثناء قناة «فوكس نيوز»، التي يشارك في تمويلها عدد من مليارديرات حزبه الجمهوري. وقد يبدو العداء بين ترامب وال»واشنطن بوست» مبررا، فقد لعبت الصحيفة التي فازت مؤخرا بجائزة «بوليتزر»، أحد أعرق الجوائز التي تقدمها جامعة كولمبيا في قطاع الصحافة الاستقصائية، دورا كبيرا في فضح العلاقة بين حملة ترامب الانتخابية، والقصر الرئاسي في روسيا، وقادت في سبيل ذلك حملة صحفية كبرى، استند عليها الحزب الديمقراطي في الهجوم على الجمهوريين، الذي بلغ حد تحريك دعوى قضائية في منهاتن، يتهم خلالها الديمقراطيون ترامب وحملته بالتآمر على هيلاري، عبر اختراق الحواسب الخاصة بالحزب، والتلاعب في محتواها بمساعدة المخابرات الروسية، وقد أضافت الحملة الكثير لرصيد الصحيفة في الشارع الأمريكي، فلم تلجأ مثل غيرها من الصحف العالمية، إلى فرض رسوم على القراء للاطلاع على المحتوى عبر المواقع الإلكترونية، ولا طلبت مثل صحيفة «الجارديان» قراءها التبرع بدولار، لمساندتها في تغطية تكاليف المهنة الباهظة. سوف يلعب التراجع الكبير في إيرادات الإعلانات، الدور الأكبر في اختفاء كثير من الصحف الورقية خلال السنوات المقبلة، وهو ما يفرض على كثير من المؤسسات الكبرى في مصر، أن تبدأ من الآن في البحث عن حل، وقد سبق أن طالبت هنا قبل فترة، مؤسسة «الأهرام»، بالدعوة لمؤتمر موسع لبحث سبل الخروج من هذه الأزمة، وهأنذا أكرر الدعوة من جديد، لعقد مثل هذا المؤتمر، قبل أن تستيقظ ذات صباح قريب، فلا نجد كثيرًا من صحفنا السيارة في الأسواق، لتدخل عادة قراءة الصحيفة الورقية إلى غياهب النسيان. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد أبو المعاطى;