تواجه القارة الأوروبية مشكلة كبيرة فيما يخص المهاجرين الذين يتدفقون إلى أراضيها، الأمر الذى يهدد قوام حضارتها المعاصرة والمتمثلة فى الحرية والتماسك المجتمعي. وها هو البحر المتوسط قد تحول فى الآونة الأخيرة إلى فخ مميت لآلاف اللاجئين، مما دفع دول الاتحاد الأوروبى الكبرى إلى السعى جاهدة لإيقاف هذا الزحف الكبير من المهاجرين. وفى ظل الجدل المتصاعد عن الأزمة الإنسانية، تستعد كل من فرنساوبلجيكا، وهما دولتان تعجان بالمهاجرين من كل حدب وصوب، إلى مواجهة مصيرية ستجمع بينهما اليوم فى الدور قبل النهائى لبطولة كأس العالم 2018 بروسيا. وأصبح الفريقان على بعد خطوة واحدة من نهائى الحلم بفضل أقدام لاعبيها المهاجرين ذوى الأصول الإفريقية. ويتكون 80% من قوام المنتخب الفرنسى «الديوك» من أبناء المهاجرين، بينما تصل النسبة بين صفوف المنتخب البلجيكى إلى 48%. ولكن على الجانب المقابل، هناك حركات يمينية كبيرة مناهضة للمهاجرين فى كلا البلدين تنامت بشكل ضخم بعد الهجمات الإرهابية التى وقعت خلال السنوات الأخيرة. ويعتد حزب الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان هو القوة السياسية الثانية فى فرنسا حاليا وهو الذى يكافح بضراوة من أجل الحد من تدفق المهاجرين إلى البلد الأوروبي. وتعود أصول كيليان مبابى نجم «الديوك الفرنسية» إلى أب كاميرونى وأم جزائرية، كما يوجد أيضا فى الفريق نفسه صامويل أومتيتى صاحب الأصول الكاميرونية وبليز ماتويدى من أنجولا وباول بوجبا من غينيا ونوجولو كانتى من مالي. وعلى الجانب الآخر، هناك روميلو لوكاكو الهداف التاريخى لبلجيكا، الذى ولد فى الكونغو وهى الدولة التى تعود إليها أصول اللاعبين فيسينتى كومبانى وميتشى باتشوايي، هذا بالإضافة إلى اللاعبين مروان فيلاينى وناصر الشاذلى اللذين تعود أصول عائلتيهما إلى المغرب. وقال لوكاكو على الانترنت: عندما تسير الأمور بشكل جيد يمكنك أن تقرأ فى الصحف عناوين تتحدث عن روميلو لوكاكو المهاجم البلجيكي، ولكن عندما لا يكون الأمر على ما يرام يقولون عنى المهاجم البلجيكى صاحب الأصول الكونغولية. وأضاف مهاجم مانشستر يونايتد الإنجليزي، الذى سجل 4 أهداف فى المونديال الحالي، قائلا: إذا كان لا يروق لك الطريقة التى ألعب بها، حسنا، ولكننى ولدت هنا وترعرعت فى انتويرب ولييج وبروكسل، كنت أحلم أن ألعب فى إندرلخت، أبدأ الجملة باللغة الفرنسية وأنهيها باللغة الهولندية. وفى المنتصف أقحم شيئا من الإسبانية أو البرتغالية أو الإنجليزية، على حسب الحى الذى أوجد به، أنا بلجيكي، نحن جميعا بلجيكيون، وهذا ما يجعل بلادنا جيدة، أليس كذلك؟. وتعد مشاركة لوكاكو مع بلجيكا أمام فرنسا بمدينة سان بطرسبورج الروسية أمرا مؤكدا إلا إذا حدث شيء غير طبيعى يحول دون ذلك. ومن المحتمل أن تخوض بلجيكا المباراة بتشكيلة تضم 3 لاعبين ينتمون إلى عائلات مهاجرة. أما فى فرنسا، فمن المؤكد ظهور مبابى وأومتيتى وبوجبا وكانتى ورافايل فاران، الذين تعود أصول أسرهم جميعا إلى خارج فرنسا.