حث ديفيد ليبتون النائب الاول لمدير عام صندوق النقد الدولى ، البنك المركزى المصرى على الحفاظ على سياسته النقدية المتشددة لاحتواء آثار زيادات أسعار الوقود والكهرباء، على أن يتخذ من قراءات معدلات التضخم وأحجام الطلب مؤشرا لسياسته النقدية المستقبلية، مؤكدا فى الوقت ذاته أن تشديد السياسة النقدية فى 2017 ساعد فى السيطرة على معدلات التضخم عقب قرار تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الوقود فى نهاية 2016.كما أوضح بيان صندوق النقد الدولى ، أنه رغم تزايد المخاطر الخارجية فى الأشهر الأخيرة، خاصة مع تخارج تدفقات رأس المال، مع تشديد الأوضاع المالية العالمية، الأمر الذى ساهم فى تراجع المستثمرين من الأسواق الناشئة، إلا أن المستوى القوى للاحتياطيات الأجنبية وسعر الصرف المرن يجعل مصر فى وضع جيد لإدارة أى تسارع فى التدفقات الخارجية، ما يعزز أهمية وجود إطار اقتصادى سليم وتنفيذ متسق للسياسات. ومن ناحية اخرى كشف تقرير لبنك اوف امريكا بان المستثمرين سحبوا نحو 37 مليار دولار من الاسهم فى اوروبا والاسواق الناشئة خلال الشهرين الماضيين ، لاشك ان هذا وتلك التطورات اكبر دليل على السياسة النقدية الرشيدة التى ينتهجها البنك المركزى فى تحقيق التوازن والاستقرار فى السوق مع دفع معدلات النمو فى الوقت ذاته ، ويمثل ردا كافيا على الاراء التى طالما طالبت ولاتزال بان يتنازل البنك المركزى عن سياسته النقدية المتشددة ازاء اسعار الفائدة ، فمخاطر ارتفاع التضخم تنطوى على مخاطر كبيرة على الاستقرار الاقتصادى ، لاسيما وان سعر الفائدة ليس العنصر الحاكم فى قرارات الاستثمار المباشر . السياسة النقدية الرشيدة أسفرت عن نتائج فاقت التوقعات خلال فترة وجيزة ولعل ارتفاع الاحتياطى الاجنبى ليتجاوز 44.2 مليار فى يونيو الماضى، وتراجع التضخم الى 11.4% فى مايو الماضى دليلا قويا ويؤكد قدرة السياسة النقدية على السيطرة على الضغوط التضخمية الناتجة عن رفع اسعار الوقود والكهرباء مؤخرا. وقررت لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر محافظ البنك المركزى تثبيت سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية دون تغيير عند 16.75% و17.75% و 17.25% على الترتيب. وكذلك أبقى المركزى على سعر الائتمان والخصم دون تغيير عند 17.25%. وهذا القرار يتفق مع التوقعات ليأخذ فى الاعتبار تداعيات إجراءات الإصلاح المالي حيث جاء قرار المركزى وفقًا لتوقعاتنا للأخذ فى الاعتبار الضغوط التضخمية المتوقعة الناتجة عن الزيادة الأخيرة فى أسعار المياه والكهرباء والوقود. نتوقع ارتفاع التضخم السنوى بين 3-5% خلال الربع الثالث من 2018. ومع ذلك، ونظرًا لهدوء معدلات التضخم بشكل ملحوظ فى مايو مسجلًا 11.4%، نتوقع أن يبقى التضخم فى نطاق مستهدف البنك المركزى المصرى عند 13% (+/-3)، مما لا يمثل مخاطر رئيسية على النظرة المستقبلية للسياسة النقدية. عائدات أذون الخزانة تواصل ارتفاعها، مما يؤكد فرصة الإستثمار فى أدوات الدخل الثابت وتؤكد على رؤيتنا بارتفاع عائدات أذون الخزانة فوق مستويات 16.5% مع توفير البنوك والشركات المحلية السيولة اللازمة لتوازن هدوء وتيرة الاستثمار الأجنبي. ارتفعت العائدات مؤخرًا إلى 18.9%، مما يحافظ على جاذبية الاستثمار فى السوق المصري. ومع ذلك سيوفر تثبيت أسعار أسعار الفائدة الدعم اللازم لبقائها فى معدلات مرتفعة. نشير إلى أن الربع الثالث من العام المالى 2017/2018 شهد صافى تدفقات استثمارات الحافظة قوية بنحو 7 مليارات دولار، مرتفعًا من 0.5 مليار دولار فى ربع العام السابق له، مما يدعم رؤيتنا بوجود فرصة قوية للاستثمار فى أدوات الدخل الثابت فى مصر بين الأسواق الناشئة.