مواقف في حياة الصالحين..صفية عمة الرسول

مروة البشير:
في غزوة الخندق‏,‏ أمر النبي صلي الله عليه وسلم بنسائه ونساء المسلمين والأطفال‏,‏ فجعلهم في حصن يقوم علي حراسته وحمايته حسان بن ثابت رضي الله عنه وبينما هم في الحصن‏,‏ رأت صفية عمة رسول الله صلي الله عليه وسلم يهوديا جعل يطوف بالحصن‏,‏ يتلصص النظرات‏,‏ فقالت صفية رضي الله عنها لحسان بن ثابت رضي الله عنه: انزل إليه فاقتله, ولم ينزل حسان, خشية أن يترك موقعه في حراسة الحصن فيتعرض لخطر, فما كان من صفية رضي الله عنها إلا أن غافلت حسانا وأخذت عمودا من الحديد وانطلقت من حصنها إلي اليهودي فقتلته, ثم رجعت إلي حصنها, وقالت: يا حسان انزل إليه فاسلبه فإنه لا يمنعني من سلبه إلا أنه رجل. يقول الدكتور محمد محمد داوود استاذ الدراسات اللغوية والإسلامية بجامعة قناة السويس إن هذا موقف رائع في الثبات والبطولة والشجاعة والإقدام, يمثل دورا من أدوار فدائية المرأة في الإسلام, ومشاركتها هموم الأمة وآلامها, وقد كانت صفية عمة الرسول صلي الله عليه وسلم من أوائل المبايعات, ولذلك كانت أقرب عماته إليه, وعندما أمر صلي الله عليه وسلم المسلمين بالهجرة إلي المدينة, هاجرت مع أخيها حمزة وابنها الزبير بن العوام, وشهدت مع الرسول صلي الله عليه وسلم المشاهد كلها, وشاركت في غزوة أحد فكانت تحمل الماء إلي المجاهدين وتعالج جراحهم, حتي أصيب المسلمون ونالتهم الشوكة, وانفض الناس عن الرسول صلي الله عليه وسلم, فقامت صفية الشجاعة وفي يدها رمح تضرب به في وجوه الناس, وتقول: انهزمتم عن رسول الله؟!, فلما رآها الرسول خاف أن تقع عينها علي جثة حمزة, وقد قتل ومثلت به هند بنت عتبة, فقال صلي الله عليه وسلم للزبير: يا زبير, المرأة, يقصد أبعد أمك, فقال لها الزبير: يا أمه إليك إليك, فإن رسول الله يأمرك أن ترجعي. فردت عليه الصابرة القوية قائلة: ولم وقد بلغني أنه مثل بأخي, فلأصبرن وأحتسبن إن شاء الله, فجاء الزبير إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأخبره فقال صلي الله عليه وسلم: خل سبيلها, فأتت إلي حمزة رضي الله عنه واستغفرت واحتسبته عند الله.