في كتاب الله آيات سيظل معناها فوق المستوي البشري, لن يصل الي تفسيرها عقل, ولن يهتدي الي تفصيلها بشر, ولن يقطع فيها برأي . وستظل هكذا دليلا قويا علي قداسة القرآن الكريم وإعجازه, كهذه الآيات التي تتصدر بعض سور القرآن الكريم وعددها تسع وعشرون سورة مكونة من حرف واحد كقوله تعالي ص والقرآن ذي الذكر, ق والقرآن المجيد, ن والقلم ومايسطرون.. أو من حرفين كقوله تعالي( حم) أو من ثلاثة حروف كقوله تعالي( الم) أومن أربعة حروف كقوله تعالي( المر) أو من خمسة حروف ولاتزيد كقول الحق تبارل وتعالي( كهيعص) أو( حم.. عسق) ولعلها حكمة إلهية أن يصدر القرآن حديثه عن القرآن في أول سورة من السور الطوال وهي( سورة البقرة) بهذا الرمز( الم) رمز أعيا العقول تفسيره, وقد ذهب كثير من العلماء مذاهب شتي في تفسير هذا الرمز, والكشف عن مدلوله ومرماه. وكنعمه ومعناه كل حسب تفكيره واتجاهاته ومبلغ علم لكن بقي هذا الأمر في النهاية كما هو فلم يسع السواد الأعظم منهم إلا أن يقولوا( الله أعلم بمراده). وأن هذه الحروف الهجائية عددها بالتكرار( ستة وثلاثون حرفا) إذا حذفنا المكرر منها تعطينا( أربعة عشر حرفا) ونظم العلماء والحفاظ منها عبارة جميلة من الأربعة عشر حرفا أي نصف أسماء حروف المهجم والعبارة هي نص حكيم سر قاطع ويقول سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه في كتاب سر وسره في القرآن حروف الهجاء المذكورة في بعض أوائل السور, وقال الشعبي: سر الله فلا تطلبوه.. وفي القرآن الكريم لمحات أخري واضحة جلية في أن لله أيضا في تكاليفه مايعجز البشر عن ادراك أسراره وماعليهم الا ان يؤمنوا ويمتثلوا, فتصدق فيهم العبودية المطلقة لله وحده, ويخلص منهم الإيمان وما كان القرآن إلا شأنا من شئون الله جرت فيه سنته من الخلق والتكليف فلم يخل من حروف استأثر بها علم الله وحده وثبت بها قصور البشر دون أن يمر ذلك مقاصد القرآن الكريم وآياته البيانات.. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتي قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الي الرشد فآمنابه.