التعليم العالي: فتح باب التسجيل بالنسخة الثانية من مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب    رئيس محكمة جنوب القاهرة: ترشح «الشيوخ» منتظم دون معوقات وتواصل دائم مع «الوطنية للانتخابات» (فيديو)    إي آند مصر : جميع الخدمات الرقمية تعمل بكفاءة بما فيها تطبيقي كاش e&)cash) وماي (&my(e    الصليب الأحمر: الزيادة الهائلة في الإصابات بين منتظري المساعدات تنهك النظام الصحي المنهار في غزة    وزير الخارجية الأسبق: ترامب رئيس غير مؤسسى وترشيحه لجائزة نوبل محض مجاملة    المعبوث الأمريكي يأمل في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار ب غزة بنهاية الأسبوع    فابيان رويز: نحترم ريال مدريد وسنقاتل على بطاقة نهائي المونديال بأسلوبنا    السفير الفرنسي بالقاهرة: «ندعم الموقف المصري الرافض للنزوح الجماعي وتهجير الفلسطينيين»    مباشر كأس العالم للأندية - تشيلسي (0)-(0) فلومينينسي.. بداية المباراة    حسام عبد المجيد يرحب بتعديل عقده مع الزمالك    معتز وعمر وائل يتوجان ببرونزية التتابع في بطولة العالم للخماسي الحديث    ميت غمر تودع المهندس محمد طلعت ضحية سنترال رمسيس    بعد أزمة اللوحات الفنية.. قناة ON تحذف برومو برنامج «كلام كبير» ل مها الصغير    مملكة الحرير.. الأشقاء يجتمعون مرة أخرى بعد انتشار الطاعون    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى الجراحة: تطوير ب350 مليون جنيه لخدمة مليون مواطن سنويا    العثور على طبيب مصاب بجرح فى الرقبة داخل مستشفى بنى سويف الجامعى    أحمد سنجاب: استهداف إسرائيلى غير مسبوق فى شمال لبنان ومعلومات عن ضحايا    أجواء شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة النارية بقنا    الإعدام شنقاً لعامل بمقهى لاستدراجه طفل والتعدى عليه في شبرا الخيمة    باحثة عُمانية تشارك في دراسة دولية تعزز الفهم بالتأثيرات البيئية    بحوث الإسكان يناقش تخطيط وتنفيذ مشروعات الساحل الشمالي والتغيرات المناخية    انطلاق فعاليات "مقرأ خانة" على هامش معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    إحالة الأم المتهمة بقتل أطفالها الثلاثة بالشروق للمستشفى النفسي    زحلقنا الأمريكان، مبارك يكشف في فيديو نادر سر رفضه ربط شبكات القاهرة بسنترال رمسيس    دينا أبو الخير: الجلوس مع الصالحين سبب للمغفرة    تعليم الإسماعيلية تؤهل طلاب الثانوية لاختبارات قدرات التربية الموسيقية    كشف حساب مجلس النواب في دور الانعقاد الخامس.. 186 قانونا أقرها البرلمان في دور الانعقاد الخامس.. إقرار 63 اتفاقية دولية.. 2230 طلب إحاطة باللجان النوعية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير العمل والاطمئنان على المرضى بالمستشفى الجامعي    وزير الصحة يبحث مع السفير الباكستاني التعاون في مبادرات مكافحة الأمراض الوبائية    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة بأقل التكاليف والنتيجة مبهرة    الشرطة الإسبانية تكشف نتائج التحقيقات الأولية حول وفاة جوتا    «صفقة سرية.. مفاجأة للجميع».. إبراهيم المنيسي يكشف موهبة جديدة في الأهلي    ننشر أسماء أوائل الصف الثالث للتمريض بمحافظة مطروح للعام الدراسي 2024 - 2025    بعد غياب 8 سنوات.. إليسا ووائل جسار يلتقيان في ليلة الأحاسيس بجدة    وفاة رئيس قطار أسيوط اليوم خلال تأدية عمله    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    البحر الأحمر تشدد على تطبيق قرار منع استخدام أكياس البلاستيك وإطلاق حملات لحماية البيئة البحرية    مطروح تعقد حوارًا مجتمعيًا لمناقشة مقترح تحويل 5 قرى لمدينة "شمس الحكمة"    فودافون مصر تعزي "وي" في ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: "قلوبنا معكم"    «الوطنية للانتخابات»: 311 مرشحا لانتخابات الشيوخ على الفردي.. .ولا قوائم حتى اليوم    سمير عدلي يطير إلى تونس لترتيب معسكر الأهلي    وزير الكهرباء و"روسآتوم" يتفقدان سير العمل في مشروع المحطة النووية بالضبعة    الأردن يحصد برونزية البطولة العربية لسيدات السلة على حساب الجزائر    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء ينتمون للجماعة الإرهابية داخل مراكز الإصلاح    ينطلق أكتوبر المقبل.. مهرجان "هي الفنون" يعلن تفاصيل دورته الخامسة    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    وزيرة التنمية المحلية تتابع جهود تحسين مستوى النظافة فى القاهرة والجيزة    وزارة الأوقاف تخصص 70 مليون جنيه قروضًا حسنة بدون فوائد للعاملين    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    الداخلية تكشف ملابسات فيديو هروب الربع نقل على دائري المقطم في القاهرة    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    فيديو.. التنمية المحلية: نتابع مع الأجهزة المعنية لإزالة كل آثار حريق سنترال رمسيس    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب يحطم المقدسات الأمريكية
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 06 - 2018

تتوالى ضربات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلا رحمة على رأس المقدسات الأمريكية، وفي أقل من أسبوع قرر ترامب الانسحاب من المجلس الدولي لحقوق الإنسان، ووصفه بالنفاق والانحياز ضد إسرائيل، لمجرد إصداره بيانا يدين الانتهاكات الإسرائيلية ضد شعب فلسطين، وقبل أيام كان ترامب قد اتخذ قرارا صادما آخر، وهو انتزاع أطفال المهاجرين غير الشرعيين من عائلاتهم، وإيداع 2300 طفل معسكرات إيواء أشبه بالسجون، لتندلع المظاهرات، ويضطر ترامب إلى التراجع عن فصل الأطفال عن ذويهم، ليقرر وضع ذويهم معهم في الأقفاص. يبدو أن ترامب يتباهى بأنه محطم الأصنام الأمريكية المسماة ب «القيم الأمريكية» لأنه رآها بلا جدوى، ومجرد شكليات أصبحت عبئا عليه، وإن كان سابقوه قد استخدموها طويلا كرموز للقيم الأمريكية، باعتبار الولايات المتحدة حاملة راية الحريات في العالم، وهو الوهم الذي يصر ترامب على نزع قناعه، وأن يسمي أفعاله بمسمياتها دون مواربة أو تجميل. ومنذ اندلاع الثورة الفرنسية، كانت الرأسمالية العالمية تتباهى بشعار «دعه يعمل .. دعه يمر»، ومع انتقال مركز القيم الرأسمالية من فرنسا إلى الولايات المتحدة، مثلما تم نقل تمثال الحرية، ظلت الولايات المتحدة تتباهى بأنها حاملة راية الحريات، لكن ترامب وجه أقوى طعناته إلى قدس أقداس الرأسمالية العالمية وهي «حرية التجارة»، ولا يمر أسبوع إلا ويصدر فرمانا بفرض رسوم جمركية على قائمة كبيرة من السلع المستوردة، وشملت القوائم السلع القادمة من الصين وروسيا وأوروبا وكندا والمكسيك، والقوائم في توسع مستمر، فكلما ردت دولة بقرارات مماثلة ضد الواردات الأمريكية، أسرع ترامب بمعاقبة تلك الدولة بمزيد من الإجراءات العقابية، حتى باتت التجارة الدولية في خطر شديد، لكن ما لا يدركه ترامب أو ربما يتجاهله فإن التجارة الدولية أصبحت شديدة التعقيد، فلا توجد سلعة لها منشأ واحد، فالهاتف المحمول أو السيارة قد تشترك عدة دول في إنتاجها، وتتخصص كل دولة في إنتاج جزء منها، وهو ما أثار ارتباك ترامب عندما تقدمت شركة آبل الأمريكية باحتجاج على فرض رسوم على الواردات الصينية، وقالت إن هواتفها المحمولة يجري تجميعها وتصنيع بعض أجزائها في الصين، ولم تكن شركة آبل هي الوحيدة بل إن شركات أمريكية عديدة لها استثمارات وفروع في الصين والمكسيك وكندا وأوروبا، أي أن ترامب ضرب بهراوته مجموعة شركات أمريكية مهمة وهو يظن أنه يحمي المنتجات الأمريكية، فلم يعد ممكنا التمييز بين جنسيات السلع في عصر الشركات العابرة للقوميات، وكأن ترامب يريد إعادة صياغة العولمة لتتناسب مع مصالح أمريكية خالصة في أكثر البلدان الرأسمالية توسعا وتشابكا مع الأسواق العالمية.
إن الحرب التجارية التي يشنها ترامب ضد العالم تطال قسما لا يستهان به من رجال الأعمال والشركات الأمريكية المنخرطة في العولمة، ولا يسلم القسم الآخر من الرأسمالية الأمريكية من طعنات ترامب، فالقيود على الهجرة تمنع الشركات الأمريكية في الداخل من العمالة الماهرة والرخيصة القادمة من دول العالم الثالث، والتي تحتاجها لكي تتمكن من منافسة الشركات المنتجة للسلع الأجنبية الأرخص سعرا، وهو ما يعني أن هراوة ترامب الطائشة تضرب في القلب الأمريكي قبل أن تمس باقي دول العالم التي يراها طامحة لإزاحة الولايات المتحدة عن عرش العالم.
إذا كان الرئيس الأمريكي قد أراد نقل معاركه الداخلية إلى الخارج، والهروب إلى الأمام من الأزمات التي تلاحقه منذ الإعلان عن فوزه في الانتخابات، فإن السهام التي يطلقها على الخارج ترتد سريعا إلى الأراضي الأمريكية، وتصيب المصالح الأمريكية قبل أن تنال من خصومها، ويبدو ترامب وكأنه يقود قاطرة ضخمة وسريعة في مناطق وعرة لا يعرف تضاريسها، ليثير هلع العالم من القيادة الطائشة، بينما يكتفي بالتحذير والصياح: «أفسحوا الطريق». إن عقلية تاجر التجزئة التي يتسم بها ترامب لا تعرف حجم ما بذلته الولايات المتحدة طوال عقود طويلة من أجل حياكة أثواب الحرية الاقتصادية وحقوق الإنسان وحماية الأطفال والأقليات، والتي كانت بمثابة القوة الناعمة الأكثر ترويجا للنموذج والقيم الأمريكية التي يطيح بها ترامب باستخفاف شديد وكأنها زوائد ضارة تعرقل سير قاطرته المخيفة، ولا يجد سوى رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو يصفق بفرح، ويصيح مؤيدا لخطوات ترامب، مشجعا لأن يمضي قدما «إلى الأمام»، لكن ترامب ونيتانياهو لا يدركان أن القاطرة الأمريكية تسير في الإتجاه المعاكس، ولن يمر وقت طويل حتى تصطدم أو تنقلب، وأن العالم سيتجاوز حالة الذعر من القاطرة المنفلتة بلا كوابح، والتي يظنها ترامب أنها قادرة على إثارة الخوف، وتمنحه شعورا بالقوة وهو يشاهد الجميع يهرولون لتجنب قاطرته المنفلتة، لكنه سيدرك بعد فوات الأوان أن سياسة إثارة الرعب لن تجني سوى المزيد من الأعداء، وأن قاطرته المنفلتة لن تغري أحدا بالسير خلفها طويلا، لكن الخوف الحقيقي هو أن تدوس قاطرة ترامب الكثير من الضحايا قبل أن تتوقف.
لمزيد من مقالات مصطفى السعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.