رحل عن دنيانا الى رحمة الله الدكتور عادل عبد الفتاح محمود يوم الاثنين 11 يونيو بالولاياتالمتحدةالأمريكية واصدق ما يمكن ان يوصف به أنه كانت متفرغا فى محراب العلم لخدمة البشرية وحقق انجازات علمية كان لها أهميتها البالغة علميا وطبيا ولم يسع يوما لتسويق هذا العمل النبيل او الدعاية لنفسه فلم تذكر عنه كلمة واحدة فى الصحافة المصرية فى حين خصصت مساحات واسعة لمن هو اقل منه علما وخدمة للبشرية. عرفت الدكتور عادل فى منظمة الشباب الاشتراكى عام 1964 وعملنا معا فى القيادة المركزية للمنظمة هو أمين التنظيم المركزى وأنا أمين التثقيف المركزى كان يومها معيدا بكلية الطب جامعة القاهرة عمره 24 عاما حاصل على منحة الدكتوراه فى انجلترا لكنه أجل المنحة ليمارس دورا مهما فى المنظمة حيث كان مسئولا عن البناء التنظيمى لها من الوحدات الاساسية فى المصانع ومواقع العمل وسائر المدن والقرى. وشملت مسئولياته تشكيل اللجان القيادية للوحدات الأساسية ولجان الاقسام والمراكز ولجان المحافظات والإشراف عليها ومتابعتها ونجح فى ذلك بشكل ملحوظ، حيث امتلكت المنظمة بناء تنظيميا فعالا له نفوذه السياسى الواضح على جماهير الشباب على امتداد مصر، جمعت بيننا صداقة نزيهة امتدت حتى وفاته ولم تنقطع لقاءاتنا طوال هذه الفترة والرسائل المتبادلة بيننا. وبعد نكسة 67 قرر السفر لاستكمال دراساته العليا فأقمنا له حفل توديع عبرنا له عن مشاعرنا تجاهه ووجهت حديثى فى هذه المناسبة اليه بكلمات لا أنساها حتى اليوم (عزيزى عادل نتمنى لك كل التوفيق فى حياتك العلمية ولا تنسى انك مدين للشعب المصرى بخدمة جليلة وهى ان تكرس أبحاثك العلمية لتخليص هذا الشعب من مرض البلهارسيا الذى يستهلك قوى ملايين الفلاحين وينهى حياتهم فى سن مبكرة) بعد فترة تلقيت رسالة منه أنه عمل بنصيحتى والتحق بمدرسة لندن للصحة وطب المناطق الحارة وأنه يعمل فى هذا الموضوع فى رسالة الدكتوراه وخصص الجزء التطبيقى من أبحاثه العلمية فى هذه الرسالة فى ثلاث دول هى: مصر وكينيا واحدى الدول الاسيوية وكان يتابع هذه الأبحاث دوريا الى أن حصل على الدكتوراه وسافر الى الولاياتالمتحدةالامريكية ليلتحق بهيئة التدريس بجامعة كليفلاند، حيث قضى بها 25 عاما كاملة تدرج فيها فى مسئوليات علمية وقيادية منها توليه منصب عميد كلية الطب وواصل ترقيه حتى اصبح رئيس اقسام الباطنة بالجامعة، وخلال فترة عمله بالجامعة انشأ قسما بحثيا باسمه تخصص فى المناعة والأمراض المعدية والأمصال وقاده اهتمامه بهذه المجالات الى التعاون مع هيئات بحثية عديدة منها المبادرة الدولية لمصل الإيدز، كما تولى رئاسة المعهد الدولى للأمصال لعدة سنوات وكان عضوا بالفريق الاستشارى للأمراض الطفيلية التابعة لمنظمة الصحة العالمية مرشحا لرئاسة هذه المنظمة وتولى رئاسة الجمعية المركزية للبحوث السريرية والجمعية الدولية للأمراض المعدية، وعمل بالمجلس الاستشارى الوطنى الامريكى للحساسية والامراض المعدية، ومن بين الهيئات التى عمل بها شركة «ميرك» للأمصال حيث توصل الى نتائج مهمة منها انتاج مصل فيروس الروتا الذى يصيب الأطفال وغيره وتولى رئاسة الشركة لبضع سنوات وقد عمل بعد تركه الشركة محاضرا فى جامعة برينستون فى قسم الجزيئات الحيوية. واذا كانت هذه لمحة عن المسيرة العلمية للدكتور عادل عبد الفتاح تؤكد انه ضمن قافلة النوابغ المصريين الذين تحقق نبوغهم خارج مصر واحتلوا مكانة مهمة فى تاريخ العلم، فإننى لا امتلك القدرة علميا على شرح اهمية النتائج المتحققة من هذه الابحاث بالنسبة للبشرية عموما وللشعب المصرى خصوصا ومن حق الدكتور عادل عبد الفتاح أن تتبنى احدى الهيئات المصرية متابعة مسيرته العلمية وتوثيق انتاجه العلمى وتحديد مدى الاستفادة منه فى خدمة البشرية وما تحقق نتيجة له من فوائد للشعب المصرى. ان هذا التوثيق لمضمون انجازاته العلمية، ليس مطلوبا فقط من اجل تكريمه ولكن للاستفادة منه فى جامعاتنا وهيئاتنا العلمية وأملى كبير فى ان يبادر الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الاسكندرية بتكوين فريق عمل يقوم بهذه المهمة ويوثق المسيرة والإنتاج العلمى له ويتولى الوصول به الى الجهات المختصة والى المتخصصين فى هذا المجال وإتاحته للشعب المصرى ووضعه على موقع مكتبة الاسكندرية الالكترونى، واعتقادى ان الدكتور مصطفى لن يتأخر عن ذلك لأهميته الكبرى لمصر ولأنه يعرف الدكتور عادل جيدا وقد تعامل معه اثناء وجودهما معا فى منظمة الشباب الاشتراكى. لا أستطيع ان اعبر عن مدى حزنى لرحيل صديقى عادل عبد الفتاح خاصة ان رحيله يتزامن مع رحيل العديد من ابناء جيلنا الذين تشاركنا معهم فى خدمة هذا البلد والدفاع عن مستقبل شعبه وحقه فى الحرية والتقدم والعدالة لاجتماعية وأخرهم المرحوم الدكتور سيد البحراوى رحم الله الجميع واسكنهم فسيح جناته. لمزيد من مقالات عبد الغفار شكر