حقق فيلم «حرب كرموز» أعلى إيرادات السينما فى موسم عيد الفطر المنقضى ويتميز بالأكشن حيث الضرب والتفجيرات العسكرية .. تدور أحداث الفيلم فى فترة الأربعينيات من القرن الماضى وقت الاحتلال الإنجليزى لمصر، وتبدأ أحداثه على شط كرموز بالإسكندرية حينما يقوم عدد من ضباط الاحتلال باغتصاب شابة صغيرة ويتصدى لهم ثلاثة شبان مصريين لتنتهى المعركة بوفاة مصرى وضابط إنجليزى ويتم القبض على الجميع لتقديمهم للمحاكمة من خلال الضابط يوسف المصرى ولكن هذا لا يتوافق مع هوى الجنرال الإنجليزى آدم لتبدأ الأحداث. القصة تأليف محمد السبكى وقام بكتابة السيناريو والحوار مخرج الفيلم بيتر ميمى واهتم السيناريو بمشاهد الأكشن دون الاهتمام بالمواقف الإنسانية فعلى سبيل المثال نجد شخصيتى شقيقتى الضابط لم تظهرا فى الأحداث إلا فى مشاهد قليلة جدا رغم قيام روجينا وإيمان العاصى بأداء الدورين فكان يجب إعطاء المساحة الإنسانية لاظهار العلاقة بينهم أيضا العلاقة بين الاخت الصغرى إيمان العاصى والضابط محمود حجازي؟! حتى أنه لم يتعمق فى الشخصيات الثانوية، ومنهم شخصية زوبة التى أدتها غادة عبد الرازق وشخصية دياب وكان يجب اعطاؤها مساحة أكبر.. ولكن لا ننسى السيناريو الذى استطاع التصاعد بالاحداث وعمل المفاجآت التى يحتاجها فيلم الاكشن بحرفية عالية مما جعله يحقق هذا النجاح الجماهيرى . جسد أمير كرارة شخصية الجنرال يوسف المصرى رغم نجاحه فى شخصية الضابط سليم الانصارى فى مسلسل كلبش 1و2 حيث كان يفترض أن يؤثر بالسلب على نجاح الفيلم حيث أن المشاهد يكون قد حدثت له حالة من الاشباع بالنسبة للممثل الذى كان يشاهده حتى ليلة العيد فى الدراما التليفزيونية إلا ان هذا لم يحدث فمازال الجمهور يبحث عن الضابط أمير كرارة حيث أجاد أداء شخصية الضابط يوسف المصرى صاحب المبادئ التى قد تكلفه حياته ويقف مع الحق ويتمتع بذكاء كبير فهو ممثل استطاع فرض نفسه على الساحة وأدى الدور بحرفية فائقة حيث اصبح ممثلاً كبيرا دون مجهود فى الأداء. الفنان محمود حميدة فى شخصية الضابط عزت الوحش ممثل يستطيع إخراج الكوميديا من رحم المأساة بكل سهولة فهو ممثل كبير تشعر أنه بالفعل عزت الوحش فى الأربعينيات حيث جسد الضابط الذى لا يهاب الانجليز او الألمان فهو منذ اول ظهور أعطى للفيلم شكلا مختلفا مما يجعله من كبار الممثلين فى الوطن العربي. مصطفى خاطر فى دور عصفور له العديد من الادوار مثل شخصية طالب الطب الفاشل فى فيلم «طلق صناعى» والعديد من الادوار الكوميدية إلا أنه فى شخصية عصفور أدى أداء مختلفا فهو المصرى الذى لا تهمه حياته وقت الجد فهو ممثل يجيد أداء أدوار مختلفة فرغم انه بدأ ممثلا كوميديا من خلال مسرح مصر الا انه يطور نفسه بأداء ذكى من خلال الادوار التى يؤديها. كما جسد محمود حجازى فى شخصية الضابط الذى يرفض ترك القسم مهما حدث فى دور جديد استطاع فرض نفسه وسط عمالقة القسم . وجسد فتحى عبد الوهاب دور الضابط حمزة رغم ظهوره القليل فى الاحداث إلا انه يحركها بقوة بأدائه المتفرد ولا تستطيع كمشاهد توقعه فهو صاحب الادوار الصعبة. وشارك فى الفيلم بيومى فؤاد فى شخصية النائب عن كرموز، بالإضافة إلى مايان السيد فى شخصية الفتاة المغتصبة، وأجادت من أول ظهورها فى الفيلم لتجعلنا نقول إننا أمام مشروع ممثلة جيدة. كما شارك فؤاد شرف الدين فى دور الجنرال آدم ممثل من طراز خاص تفهم الشخصية وقام بادائها بكل ظلمها وعجرفتها فكانت هى الشر فى الاحداث.. وابراهيم فرح فى دور الصول وهو ممثل كبير، وعمر زكريا ومحمد على رزق ومحمد عز وهم ممثلون فى انتظار الفرصة، وسكوت أدكنز ممثل اجنبى لافلام الاكشن، وكذلك سارة الشامى ومحمود البزاوى وروجينا وايمان العاصى ضيوف شرف الحرب. وقد أجاد عادل المغربى فى عمل ديكور الأربعينيات خصوصاً فى المشهد الخارجى الذى يصور محاولة الضابط الوصول للقسم قبل الجيش الانجليزى لابلاغ الضابط يوسف المصرى بتحرك الجيش والمرور من الشوارع والترام كما أجاد فى ديكور القسم وما حوله سواء بالنهار او الليل مما خدم الزمن والأحداث. وكان المصور حسين عسر، رغم افلامه القليلة الا أنه مصور كبير خصوصاً داخل القسم وخارجه فى الليل وقت المطر، فقد استطاع بالإضاءة من أول لقطة على الشاطئ أن يأخذنا الى الاربعينيات وينقل لنا أجواء المعارك والانفجارات .. وقام بالمونتاج باهر رشيد وله العديد من الافلام مثل «صنع فى مصر» و«لأمؤاخذه» وتميز ايقاعه، وفى فيلم مثل «حرب كرموز» الإيقاع مهم جداً، حيث ان الاحداث تتصاعد بسرعة ويجب أن يكون المونتير على وعى كامل بهذا. فعلى الرغم من الصورة وجمالها والانتاج الكبير، إلا أن المونتاج من ابطال هذه النوعية من الافلام وقد استطاع باهر إنجاز فيلم مستوى عال فى المونتاج بما يخدم دراما الاحداث .. وفى هذه النوعية من الافلام، يجب ان تكمل الموسيقى الصورة لتصعد بها حيث أن الصمت فى المعارك يجب ان يكون له مبرر درامى ولكن طالما هناك موسيقى لصورة المعارك يجب أن تكون على مستوى الحدث وهو ما اجاده العراقى سيف عريبى فى استخدام الآلات الإيقاعية وأيضا فى مشاهد الحزن حيث استخدم الكمان ليصعد بحالة الحزن رغم عدم تفردها فقد كان معها آلات أخرى إلا أنها كانت على مستوى الصورة كما كانت الحال مع الالات الايقاعية ليصل بالمشاهد لقلب الاحداث، ويعد فيلم «حرب كرموز» ثانى أعمال عريبى مع المخرج بيتر ميمى بعد فيلم «القرد بيتكلم». وجاء الاخراج لبيتر ميمى وله العديد من الاعمال التلفزيونية مثل جزئى «كلبش» و«الاب الروحى» ولكنه فى حرب كرموز استطاع صناعة فيلم اكشن متماسك رغم ملاحظات السيناريو السابق ذكرها الا انه مخرج كبير استطاع فى فترة قليلة فرض نفسه على الساحة وقيادته لكل مجموعة العمل، ليجعل الجمهور المصرى يتعامل مع السينما مثل المسرح، فعند ظهور الممثل يبدأ الجمهور بالتصفيق .. «حرب كرموز» هو فيلم الموسم، باختصار.